غار القرار فقلبي ملؤه الحفر
حتى تقطع في أغواره الوتر
البوح شحّ وفحّ البؤسُ في زمن
يكاد من فتن الأيام يستعر
وهذه الأمة السكرى تراقصه
الوعظ ذاب مع الأحداث ،والعِبرُ
فتنتشي فرحا لما يلوح لها
ومض من المكر إذ يطاير الشرر
ترقع المجد بالأوهام في سفه
من بعدما شقه إعلامنا البطِر
ألا تفتتني في التيه يا وجعي؟
وقد تفتت في صحرائك العمر
أين الجنون؟فهذا العقل أرهقني
وها أغمس فيك العين ياقمــــر
لعل وجهك بالأنوار يصرعني
لمّا أبيت على الأشواق أنتظر
تيبّس اللحن قبل العزف من كمد
فالصبر مات وزاغ السمع والبصر
على الخلائق قد ضاقت بما رحبت
أرض تقاسمها الإجرام والضجــر
لقد تسنّهت الآمـــــال في أفقي
لمّا تلمّسهاكذّابنــــا الأشـــر
نحن الذين إذا مالحبل مد لنا
نفر منه كما تستنفر الحُمُـــــــر
نجري لنحكم في الأهـــــواء قبضتنا
إذا أحــــاط بما نشقى به الخطر
من أجل شقوتنا نلقي بأنفسنا
إلى المهـــالك لا خوف ولا حــذر
أين الخلاص ؟فسوط القهر يجلدنا
والعدل وسط سراب النصر يحتضر
*** ***
جفت عيون الحكايا أيها السمر
والسندباد كسيح ملّــــــه السفر
ياليت موسى عصاه الآن موعدها
لكي تلقّف ما جاء ت به قــــــــطرُ
وليتها انبجست أنغـــــام أمنيتي
مثل العيون التي ينبوعها الحجر
لكي تغرّق عجل السامري لنا
فقد تنافس في تقليده البـــــــقر
العجز وسع جوف الهم فاختصمت
في عمق هوته الألواح والدســـــر
طالوت كيف أصاب الوهن أمتنا ؟
وما شربنا كمن أغــــــراهم النهر
مازلت أحفر قلبي في دجى عطش
ولم أرد نغما يسقى به الـــبــــشر
صب الجفاء على صفوان محنتنا
فاهتز من صلده في طيننا الوغر
فهل أغوّص كف العجز في أســف ؟
إذا تنصّل من أوراقه الشـــجــــــر
من لي بأغنية تجري كـســـــــاقية
خضراء تنضخ، منها العــز ينهــمر
حزني يقهقه فوق اليأس من أمــــل
يسومه النّهش نـــــاب الذل ،والظفر
والخوف يسخر من أثداء نخوتنا
هل مات محبلها؟ أم مسّها الكبر؟
والظلم يعزف شرا نايه ظــــــلم
والحق حـــاق به أعداؤه الكثـــر
من ذا يؤول لي رؤيا تؤرقني
إني رأيت جذوع النخل تنـــقعر
والريح تلقي عراجينا محمّلة
بالجمر ،ثم جراد القحط ينتشر
والصيف زاحمه فصل الربيع ولم
يأت الخريف ولم ينزل لنا المطر
يا أيها القلق المسجون في جسدي
ألا افتني فلقد أعياني السّهــــــــر
أمسك لسانك لا تنبئ بها أحدا
لعلها بحجاب الصمت تــــندثر
رؤياك شؤم خراب ساء طالعه
إذا تحقق لا يبقي ولا يــــــــــذر
جذوع نـــــــــخلك أجساد ممزّقة
من أجل حفرة جبّ جفّ تنتــــثر
والريح سوط عذاب جمرها نــــقم
تلقى على أمم من ســــــــــوء ما تزر
ذاك الجراد شعوب في رحـــــى فتن
أعمت بصيرتها الأحزاب والزمــــر
أما الربيع فأوهــــــــــــــــام مزخرفة
بالقول ترسمها الأصوات والصـــــوّر
وقد رأيت دماء العرب نـــــــــــــــازفة
تراق مثل خــواب مسها الوحـــــــــــر
إني أسائل هذا العصـــــــــــر في كبد
أليس في نقــــم الأحقاب مزدجــــــــر؟