الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد، وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد:
ومما زادني شرفاً ووتيهاً** وكدت بأخمصي أطأ الثريا
دخولي تحت قولك يا عبادي** وأن صيرت أحمد لي نبيا
نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، قالها عمر بن الخطاب
ومتى صاغ هذه العبارة؟
قالها في مناسبة عظيمة، وفي مرحلة كريمة من مراحل الإسلام.
قالها يوم ذهب يفتح بيت المقدس، وليأخذ مفاتيح بيت المقدس الذي ضيعناه يوم ضيعنا الاعتزاز بالإسلام.
ذهب عمر هناك ليأخذ مفاتيح بيت المقدس، فسمع اهل بيت المقدس بقدوم عمر بن الخطاب الذي ارتجت الدنيا بذكره، والذي اهتزت المعمورة بصيته،
والذي إذا ذكر عمر في مجلس كسرى و قيصر يكاد أن يغمى عليهما من الخوف والفرق.
لما سمعوا أنه سوف يأتي ليأخذ مفاتيح بيت المقدس خرجوا لاستقباله في أبهة عظيمة،
وخرجت النساء على أسقف المنازل وعلى أسطحة البيوت، وخرج الأطفال في الطرق والسكك.
وأما جيوش المسلمين هناك وقوادها الأربعة فخرجوا في عرض عسكري رائع ما سمعت الدنيا بمثله.
فما هو موكبه الذي أتى به ليأخذ مفاتيح بيت المقدس فيه؟
لا موكب! ظن الناس أنه سوف يأتي في كبار الصحابة، وفي كبار الأنصار والمهاجرين من الصالحين والعلماء،
ومن النجوم والنبلاء، لكنه أتى بجمل واحد ومعه خادمه، فمرة عمر يقود الجمل والخادم يركب، ومرة عمر يركب والخادم يقود!
فلما أشرف على بيت المقدس قال الأمراء المسلمون: من هذا؟
لعله بشير يبشر بقدوم أمير المؤمنين.
فاقتربوا منه فإذا هو عمر بن الخطاب ! وقد أتت نوبته، وإذا هو يقود البعير وخادمه على البعير.
فقال عمرو بن العاص : يا أمير المؤمنين الناس في انتظارك والدنيا خرجت لاستقبالك، والناس يسمعون بك وأتيت في هذا الزي؟
فقال عمر قولته الشهيرة التي حفظها الدهر ووعتها الدنيا:
[نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، ومهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله].
نحن بنينا حضارتنا من شي واحد،
من لا إله إلا الله..محمد رسول الله
فالله الله بالنسبة لهذا الدين.. يقول جل ذكره:
((وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا))،
وما أحسن كلمة (وسطاً)، فما معنى الوسط؟
قال كثير من المفسرين: أمة خيار.
وقال بعضهم: وسطاً في كل شيء.
وكلا المعنيين صحيح، فنحن والحمد لله أمة الإسلام وسط في المعتقد فلا نعيش بلا عقيدة كالذين يعيشون بلا مبدأ، ولا نعيش فارغي الصدور فارغي القلوب، لكن لنا ركيزة وعقيدة.
ونحن وسط في المكان، فما عشنا وراء المحيطين ولا وراء القطبين، ، لكن جئنا من أم القرى من مكة ،
فنحن وسط نوزع الهداية على البشرية من الوسط.
وسط في الفكر، فما نلغي عقولنا ونعيش أغبياء وبلداء لا نستفيد من الآخرين،
وكذلك لا نتيه مع الخيال فنعيش عيشة الفلاسفة والذين لا يتفكرون،
لكن نسير العقل مع النقل، والفكر مع العلم،
فهي أصالة بعمق، وهو فهم بفكر،
وهو تأصيل باستقراء، وهي منهجية أرادها الله لهذه الأمة،
والله يقول لنا:
: ((وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)).
أنتم الأعلون سنداً ومتناً.. وأنتم الأعلون انتساباً وانتماء..
وأنتم الأعلون ثقافة ومعرفة..
وأنتم الأعلون قاعدة وركيزة..
وأنتم الأعلون أخلاقاً وسلوكاً.
وصلى الله وبارك على المبعوث هداية للعالمين وعلى آله وصحبه وسلم
فتفكروا يا رعاكم الله !!!!!