كف القلم عن الصرير !
وتخثر الحبر بأوردة الورق !
دخان يتصاعد من حناجر الموتى!
عيون مؤودة في سرابيل الانطفاء !
ترنحت كل الثواني
وسقط جدار الوقت على
إيماءات العمر !!
أمطار محتقنة بالسراب
المثخن بحزن داكن
كخطيئة افتراء لا تمطر إلا هلعاً !
شيء يشبه الموت ..!
أو موتاً يتدلى من لهاة النحيب !
يصرخ بوجوهنا
وكأنه يقول حان موعد تلقين موتاكم
بشيء من العويل !
ويح قلبي غدونا كيتيم أسيئت معاملته
وتقهقر منكمشاً إلى الخلف !
وما وجد حضن حنون يتلقفه !!
( ضوضاء !! هناك )
( ويلي ) المخذولين يتوافدون إلى بئر البكاء
لتجرع شيئاً من الدمع الساخن كالاحتراق
المر كالزقوم !
يطلون من ثقب النحر إلى عمق التمنّي
يخشون الغرق بالظمأ إن هم فعلوا !!
أحاول أن أتهجى جراحهم
وابذل قصارى خفقي
محاولاً فك حبال الوجع من
عنق هؤلاء المتوجسين خيفة
علني أستطيع فأجدني
غير قادراً والموت
يداهمني من كل جانب
أقف معهم بالتنبؤ لمصير قد يحدث
وقد يحدث وربما يحدث !
يختفي المشهد بأكمله
كأنما ابتلعته المدافن
أو اختطفته جنية السلالات !
اركض بملء فزعي نحو أبواب تصرخ
بوجه طارق ( لص لص ) !
يتحسس الأقفال في منتصف القلق
ويدس يده في جيب مثقوب
ينتزع قبلة ليرشي بها
الأصفاد لتفتح الحب لقلبه
و تحتضنه أبواب الأحلام
بمصراعيها حين يغني !!!
( انصياع رغم أنف الذاكرة )
قلبي يراود الصموت
أشعر بارتطامه بصدغ الأسئلة !
يا الهي أمنياتي بدأت تنهار
كمنزل فاخر زاره الانهيار باكراً
وما بقى !
(على عجل )
أنعزل بنفسي وأتأمل آخرون قد انعطفوا
قبل ملايين السنين نحو اليسار
يتدحرجون كظل أضاع هوية الشمس وما أفل !
وبالقرب من ناصية الردى أكفان طازجة !
ومخلب الموت يحملق بحرفة الانقضاض !
يتربص بالحنين العصي على الوصف !
هناك من مشارف البعيد أرى
عزلة غارقة بالإغواء
تشهر مفاتنها لتغري
المارة لروية المارد الدميم الجاثم
بمنحدر الخوف !
الذي يقتات على
صبية الفرح إن هم ضحكوا .. !!
الحكائين غير مبالين
يضطجعون على الخاصرة
يتأوهون قائلين :
إياك والمدينة المطمورة بالقبور النحاسية !
(عراءَ الذبح)
أطفال يلهون بلعبة الخطايا المترملة
وصبي ينشق عنهم ارمقه
يركض يبحث عن لعبة ممرغة بالشغب
ووجهه يتهشم على قارعة
الحزن ويتناثر تحت أقدام التيه !!
يعود أدراجه ليجمع خيبته ويبحث عن
أخر ورقة سقطت من عناقيد الآمال !
ليعود سريعاً قبل أن
يرقدوا هناك إلى الأبد ..!!
الساعات الموحشة أكثر وطأة
من لحظة التخوم وذلك الرتاج الذي
يرفض أن يندمل بالانفتاح !
زائفة كل فلسفة تأتينا
من ثغر الفرح ( زائفة )
( لا بأس )
عليّ أن أتدثر خطوة خطوة قبل رحيلي
ولن أنحب كثيراً رغم أني مذبوح !
سأبتسم بقدر استطاعتي
لتتأخر جدتي وهي تبحث عن مأوى
لوجهها الكئيب !
وقبيل تحليق الفراشات إلى مدينة النار
بأقصى جناح ممكن
قبل أن ينطفئ الضوء
وتصبح النهاية معتمة !
( تلصص)
أسمع البرد وهو ينهمر
فجيعة تلوى أخرى
إنه يهددني بموت أمي !
وبين نظراته حتف وشيء للمباغتة !
حقاً شتاء مسموم !
( آهات واهية)
نافذة مغروسة بصدر خرابة
تؤجر بيتها لعنكبوت وتنام بالضباب !
عواء يؤاخي الغثيان بالخارج يبحث
عن غناء وكأساً مملؤ بحشود الآمان !!
( زاوية حادة )
شاب أمضى وقته مقبوراً
في زاويته وبالقرب منه
أفياء أصبحت كالوجوم
تنذر ظلالها للطرقات المترامية
وهناك رصيف يكنس فوضاه
وخلفه ظلام كهل منهمك
بالاندلاق من مكان ما
متوكّئاً على أوصاله المتآكلة
من عبث الأضواء المحمومة !
( حروب السلام )
رصاصة تحمل حقيبة الحرية وتُغادر
مدينة البندقية باتجاه السلام
والزناد يحلم بالحروب والاستقلال !
أيها القلم لا تكف عن الصرير
أكتب لكي نرثي ذلك العالم الغابر
المنقضي كاسكافي روض الأحذية
وسار حافياً والدروب
ضائعة بمضض استفهام !
أيها القلم أفتق نبض المحبرة
وأغرس نصل الحرف بجسد الورق
لتسيل أودية الأنفاس
ليغرق هذا العالم بهدأة ( ارتياح )
قبل أن تقضمه أنياب الظلمة
فنضيع كلنا في غياب
و إن تهتُ قبلكَ فكن
حاضراً بالغياب !!
(نقطة توقف )
إياكم أن تنبشوا قبور حرفي بأنامل
ذهولكم فما زالت رطبة ولم تجف بعد !!