المشاركة الأصلية كتبت بواسطة د. سمير العمري
قرأت النص فوجدت أنني يجب أن أتعامل معه كمقالة ساقت مثلا تدلل به على فكرتها لا كقصة بمقومات النص القصصي. إن تناولها كقصة أدبية يظلم ما جاء فيها بشكل كبير ذلك أن المقومات لم تتوفر وهناك الكثير مما يؤخذ على الأحداث وعلى الشخصية وعلى عرض الأحداث.
والحقيقة أنني تعرفت من قبل على أسلوب الأخ حمادي القصصي والذي اشهد له فيه دوما بالبراعة ، ولكني اليوم أتعرف على جانب فكري ذكي الطرح بما وجدتني أبتسم له استحسانا. وأنا أرى أن النص واضح الهدف وهو يشهد للأديب بالبراءة من خلق نور الدين الصالحي ومنهجه وعقيدته بل هو على النقيض ولذا اجتهد أن يرد عليه تأويله بما يمثل ردا على الملحدين أو الذين يشكون في عدل الله تعالى ، وهنا أود أن أشكر الأديب المفكر على نيته واستقامة فكره وغيرته على المنطق والحق ولكني أستأذنه في أن أوضح ما يلي:
إن الله تعالى لا يكافئ ويعاقب في الحياة الدنيا رحمة بالعباد جميعا وحفظا للحياة وإنما يكون في الدنيا ابتلاء لا ثواب ولا عقاب إلا في حالات نادرة وكبيرة وتأتي في سياق لا يرتبط مباشرة بما حدث. ولو أن الدنيا قامت على أساس ثواب الصالحين فيها وعقاب الفاسدين لفسدت منذ أمد بعيد بل ولانتفى معها معنى الدين ومعنى الصواب والخطأ ومعنى العبادة ومعنى صفات الله وأسمائه.
أقول ليس من الضروري أن تضيع الدنانير الخمسين من الفاسد ليجدها الصالح ولا من الضروري أن يفتقر الصالح ويغتني الفاسد ، ولا كل ما سقت بذكاء كي توضح أن العدل الرباني موجود وأن العقاب والثواب موجود. هو كله موجود والله يدبر الأمور كلها تعالى بما يدفع الناس بعضهم ببعض وبما يحفظ مكانته كإله يعلم ما لا نعلم ويحكم بما لا ندرك ولا نحيط من علمه بشيء. وإنما يكون العدل المطلق بالمفهوم العام عند البشر والثواب والعقاب بما يفهمه الناس يوم القيامة والحساب فيومها توفى كل نفس ما كسبت ولا سظلم أحد فيها.
وأما في هذه الحياة الدنيا ففيها الدفع كما ذكرت وفيها الابتلاء وفيها قانون "وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئا وهو شرّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون". وفيها "إن الله أذا أحب عبدا ابتلاه". وفيها الكثير مما يطول ويطور من رد العقل وقبله رد الشرع قرآنا وسنة.
أشكر لك النص كمقالة وأمدح فيك هذا الفهم والذكاء في الطرح وهذه الغيرة المحمودة ولكن لا يكون التفكير ماديا جدا في الحياة لأن في ذلك مدخل الشيطان من جهة ومدخل العقل البشري القاصر من جهة أخرى.
دمت بكل الخير والبركة!
تقديري