يعبّر الفنان الشاعر فريد مسالمة من خلال لوحته عن دفء يحمله بين الحنايا،لم يحاول اخفائه،إلا أنه ومن خلال مزج بقية الألوان جعل يتنقل بنا ما بين دفء وما بين وجع حنينه إلى التراب.
تعودنا على الألوان الصاخبة في لوحات فريد مثل "الأصفر الحار" في لوحة سابقة كنت قد حاولت قراءتها إلا أن حرارة الأصفر تسبب الأذى للنظر،فعدلت عن الاقتراب منها لسببين الأول لم استطع النظر إليها مطولا ،والثاني كي لا أسيئ فهم اللوحة و بالتالي أسيئ فهم الفنان ذاته.
أما في هذه فإنه مارس علينا لعبة محترفة ،داعب من خلالها الفكرة واحترف نقلها إلينا بفنيّة عالية،
فيتنقل ما بين خريف أفكاره وربيعها المهذّب بأناقة،نلتقي بأمل وصفاء نفس،نرتطم لحظة بسوداوية تتصادم مع فكره والتي أشار إليها بخفّة بريشته مستعملا الون الأسود حينا والرمادي أحياناً،إلا أنه و باحتراف يرينا قدرته على التصدي لها وتخطي العقبة وإن تعثّر.
لوحة برز فيها الحنين والدفء معاً،تظهر لنا " القارئ" حقيقة أن الفنان هنا يقف إزاء مرحلة تحول قد تكون مصيرية فيها يغرق في تأمله وتفانيه عنه أناه ،آثر على نفسه في سبيل لآخرين،يألم،وتوجعه المسافات والغدر،ولكن،لسان حال ألوانه تقول لنا: الموت في سبيل الذود عن الوطن واجب وحق عليّ،في زمن أصبحنا نأسى على انعدام الصّدق والمحبّة،وإنني جعلتُ من نفسي للعثرات خصماً شرساً.