حالة اعتزال
ليس هناك أفضل من عدم الاستقرار لتحريض – الفكر – وهو مكروه طبعا لذلك.
أريد أن اهرب من عيون العالم إلى زاوية هادئة استطيع فيها أن أصبح سيد نفسي : فهناك نواح كامنة من شخصيتي لا افهمها: إنني احتاج إلى الوقت الكافي لفهمها.
عندما نكون بعيدين عن ذواتنا ولغتنا، وقد اقتلعنا من جذورنا وجردنا من أقنعتنا، عندئذ نصبح على سطح ذواتنا بكليتنا
إن الذي حدث لي شيء بسيط، لقد شعرت فجأة برغبة نحو المستحيل
أنا هنا، وقد قذفت نفسي منذ زمن بعيد باحثا عن حرية أسطورية ، أريد أن امتصها وأعيشها بعمق
كل ما يجب أن تعرفوه هو اقتناعي وقتذاك بأنني أتقمص حياة مسحورة كما لو كان ذلك بفعل قوة سحرية
يا أصدقائي. أتعرفون ما هو المخلوق المتوحد الذي يتجول في المدن الكبيرة؟ انه أنا.
نحن الذين ظُلمنا كثيرا، وناضلنا كثيرا ، وتألمنا كثيرا، وحدنا نستطيع أن نقدر المزايا المتشابكة لأي ثورة، وان نفهم ارتباط الحب الجميل بالثورة
ذهني فارغ، قلبي نازف، ليس لي شخص يحيط بي، ولم أجد شيئا قط، حتى ولا صديق.
عندما تتكاثر المصائب يمحو بعضها بعضا وتحل بك سعادة جنونية غريبة المذاق، وتستطيع أن تضحك من قلب لم يعد يعرف الخوف.
روحي كالعبد الذي اعتق، تعود إلى مفاوز الماضي، كان يكفي أن أشم رائحة الحطب المحترق كي أعود إلى بيتي وأصدقائي ، أو أشم رائحة التراب كي ارجع إلى طفولتي وأعيش مجددا في شتاء حيفا.
احلم بالذين ماتوا، بالزمن الذي انقضى، بالرفاق المنسيين منذ زمن بعيد، احلم ببيتي الضائع ، احلم ببحر مياهه عذبة، وبسماء لها ثلاث شموس
وتقول لنفسك: سوف ارحل
إلى بلاد أخرى، إلى بحار أخرى
إلى مدينة أجمل من مدينتي هذه
من كل جمال في الماضي عرفته
لا ارض جديدة يا صديقي هناك
ولا بحرا جديدا: فالمدينة ستتبعك
وفي الشوارع نفسها سوف تهيم إلى الأبد
وضواحي الروح نفسها ستنزلق
من الشباب إلى الشيخوخة
وفي البيت سوف تشيخ وتموت
لا سفن هناك تجليك عن نفسك
آه ألا ترى
انك يوم دمرت حياتك في هذا المكان
فلقد دمرت قيمة حياتك
في كل مكان أخر على وجه الأرض؟!
إننا نقرأ الحياة بشكل خاطئ، ثم نقول أنها تخدعنا!
الحرية هي حقك في أن تقول للناس ما لا يرغبون في سماعه.