تَغيبُ شمسٌ، وَيبزَغُ فَجرٌ، وَلَمْ نَلتَقِ. لازالتْ سِياط اَلفُراقِ تَبصُمُ على جَسدي، كُلَّ حينْ.
فَتَجلدُ مني المَشاعِر، وَتُلهِبُ اَلحَنين.
أَمّا عَرَفْتِ أَنَّ الفُراقَ: كَلهيبِ الشَمسِ، يُبَخِرُ الْذِكرَيات مِنْ شِغافِ القَلبِ، وَيَسْمّو بِها إِلى
عَليائِها، فَتُجيبهُ العُيون: هَاكَ عَبراتِي، وَاطْفِيءْ نِيران الشوقِ وَالْسَعير.
مُذْ عَرَفْتُكِ! وَأَنا أَزْحَفُ على جَمرِ الزُجاجِ، شاكِراً الرب! حَالِماً يَومَاً بأنّي سَأَصِل. يامَّا شَربتُ
القهر ألواناً! وَتَجَرعْتُ عَلْقَمَ الْفُراق. يامَّا سَهِرْتُ وَدُموعي! أُناجّي اَلْقَمَر. يامَّا أَخْبَرَنّي: ضُوء
شَمْعَتي أَنْ لا أنْتَظر! لَكِنَّ شَوقكِ يُريدُني، أَنْ أَقْضي بَقيةَ عُمري، أَحْمِلُ أَوْزارَكِ وَالأمَل.
فَها أَنا أنتظر! وَبِكُلِ فَجْرٍ، أَغْزِلُ مِنْ خُيوطِ الشَمسِ عقداً، لِأُزَين بِهِ جيدَكِ اَلعَاري. وَفي اَلْلَيلِ،
أُسَامِرُ اَلْقَمر، لِأسرِق مِنْهُ وِشَاحَاً، أَحْمّي بِهِ صَدْرَكِ اَلْعاجّي. وَبَعدَها أسلَخُ مِنْ جَسدي فِرِاشُكِ
اَلْحَرِير، وَمِنْ أَضْلُعي أَصْنَع، سَريركِ الوَثِيْر، وَأَسْكُبُ عَليهِ مِنْ دَمّي وُرُوداً حَمْراء وَعَبير،
ثُمَّ أَسْرِقُ مِنْ السَماءِ، سِراجَ اللِقاءِ المُثير.
ها أَنّا أَحْبِسُ دَمعَتي وَأبْكي، وَحنايايَّ كُلها تَنْتَظر. رَأيتُكِ تَأْتينًّ، عَرُوسَاً تَخْتال، دَلَعاً بِعطرٍ
وَشَال، بِفًستانٍ أبْيِضٍ مُرْنَب، وَشَفتانِ تَفُوحُ زَرنَب، عَيْطَبُول غَانيِّة، وَسّيمَة قَسيمَة، رَعْبُوبَة
زَهْرَاء، دَعْجاء شَنْباء؛ مَاذَّا أَقُول: فَاتِنَةٌ فَارِعَة اَلطول، مَلاكٌ أَنْتِ في نَظَري، وَتَسْتَحِقَّي وَصفَ
اَلبُتُول.
ماهَذَا الحَنين! وَماهَذِه الثورة! أشعُرُ بأنْفَاسَكِ تَمخُرُ عُبابِّي، تُمَزِقُ كَيانِّي، فَالأشْجَار تَتَمايل،
وَالعَنادِلً تُغَرِدُ، وَالفَراشاتُ تَرقُص، وَالطَبيعةُ كُلها تُشارِكُ، في عُرسِ المحبةِ عُرس اَلِلقاء.
فَلكِ أَنْتِ، دُونَّ غَيرَكِ اَلْقَلب، وَلَكِ اَلرُوحُ وَالجَسد، سَأَنْثُرُالأرضَ وَرداً، وَالسَمَاء عَبيراً،
وَأَسْرِجُ اَلنُجومَ قَنديلاً، وَأسرِقُ وَجْهَ اَلقَمر، فَرَحّاً بِقدومكِ أَميرَتّي، كَيْ أَقًولَ لَكِ: كَلاماً
لايَعْرِفُه اَلْبَشر. فَأنتِ: مَنْ جَعَلَ، رَبيعُ عُمْري يَتَطايرُ شَرَّر. لُغَتَنًّا لايَفهَمُها غَيرنا، فَها
أَنا أًهمُسُ في أُذْنكِ وَأَقُول: سَأَخُطُ على جَسَدكِ، مَالَّم آستَطِع كتابَتَهُ على هَذِهِ الصَفحةِ.
فَقَطْ أرْمِ فتنَتَكِ السَاحِرة على شَوَاطيءِ جَسَدي، وَأَطْفِئِي بِرِضَابَكِ نَارِّي، ليَرتاحَ خافِقي
وَالْبال، نعم أميرتي: هَكَذا العِشقُ يُقَال.