|
نُفِيِتُ بِذِي الْمَنْأَى وَقَلْبِي تَلَوَّعَا |
فَقَدْ غَابَ عَنْ وَجْدِي الْبَدِيِعُ وَرُوِّعَا |
تَضَوَّرْتُ فِي ضَنْكِي وَعَيْشِي مُقَنَّطٌ |
وَمَا اغْلَظَّ فِي وجْهِي الْجُهُومُ لأَبْتَعَا |
وَإِنِّي جَؤُورٌ للإلهِ تَضَرُّعِي |
فَمَا جَئِشَتْ نَفْسِي بِحُزْنِي لأَخْضَعَا |
وَكَمْ أَجْأَثَتْنِي الْمُوبِقَاتُ بِسِمِّهَا |
وَلَكِنْ بِقَلْبِي لَنْ أضُمَّ السَّوَافِعَا |
مَشَيْتُ عَلَى الدَّرْبِ الْجَسُورِ مُلَجْلَجاً |
وَلا مَا خَسِئْتُ السَّيْرَ يَوْماً لأَخْزَعَا |
إِذَا الدَّهْرُ شُؤْمٌ لِلأَمَانِي فَإِنَّنِي |
مَلَكْتُ شُعَاعَ النُّورِ فِي الرُّوحِ مَهْيَعَا |
إذَا النَّفْسُ تَاقَتْ نَهْجَ دَرْبٍ مُشَعْشِعٍ |
فَلابُدَّ لِلدَّيْجُورِ يَغْفُو تَقَشُّعَا |
فَكُلُّ عِبَادِ اللهِ فِي الْخَلْقِ إنْسُهُمْ |
وَمَنْ سَلْطَنَ النَّبْضَ الْجَمِيلَ تَخَشَّعَا |
فَمَا اشْتَدَّ بُطْلانٌ لِيَبْقَى بِأَرْضِهِ |
وَلمْ يَخْتَفِ الْحَقُّ اغْتِرَاباً لِيُمْنَعَا |
وَمَنْ شَاءَ أنْ يَبْقَى أسِيِرَ ذُنُوبِهِ |
سَيَحْيَى بِلا نُورٍ وَيَفْنَى مُضَيِّعَا |
وَمَنْ ثَابَ حُرّاً واسْتَزَادَ مَحَاسِناً |
تَجَلَّى بِبُسْتَانٍ وَعَاشَ لِيَرْتَعَا |
فَلَنْ تُجْدِيَ الأَغْلالُ وَالقَلْبُ طَاهِرٌ |
وَلَوْ دَمْدَمَ الدَّهْرُ انْتِحَاراً لِيَنْخَعَا |
فَلِلْهَمِّ تِرْيَاقٌ بِنَبعٍ مُخَضْرَمٍ |
إِذَا صُبَّ فِي الأَرْواحِ شَهْدٌ تَنَبَّعَا |
فَإِنْ صَفَّدَتْ هَذِي الْحَيَاةُ وِثَاقَهَا |
بِتَيْهٍ وَوَسْوَاسٍ يُهَزْهِزُ مَضْجَعَا |
فَلِلإنْسِ أَنْ يَرَجُو انْعِتَاقَ سَرِيِرِهِ |
وَإنْ جَادَ بِالسِّلْمِ اعْتِنَاقاً تَرَبَّعَا |
فَهَذِي الأَرَاضي بِالْغُيُوثِ تَرَعْرَعَتْ |
سَيَنْبِضُ فِيِها نَبْضُ خَيْرٍ لِيَزْرَعَا |
بِهَا النَّوْرُ مِنْ حُضْنِ النَّبَاتِ رَبِيِعُهُ |
وَيَنْفَحُ بِالأَرْوَاحِ شَذْواً لِتَيْنعَا |
يُبَجِّسُ سَيْلاً كَالرَّحِيقِ مُرَقْرَقاً |
كَمَا الْبَلْسَمُ السَّلْسَانُ يَشْفي الْمُوَجَّعَا |
فَتَجْلُو تَبَاشِيِرُ الدُّرُوبِ بِمَنْهَجٍ |
وَرَبٌّ كَريِمٌ يَصْطَفِيِهِ مُشَرِّعَا |
إذَا الدَّرْبُ مِنْ دُونِ الإلَهِ عَوَائِقٌ |
حِرَاجٌ بِلا رِزْقٍ يَمُدُّ الْمُجَمِّعَا |
فَلَنْ يُسُتَبَاحُ الْبُعْدُ عَنْ رَوْضَةِ الرَّوَى |
ولا بُدَّ لِلْقَلْبِ الحَياةُ لِيَرْجِعَا |
وَإِنِّي أَرَى حُبَّ الإِلَهِ بِنَهْجِهِ |
يَطُوفُ بِوِجْدَانِي نَقِيّاً مُضَوِّعَا |
وَعِنْدِي تَنَدَّى الْوَرْدُ رَوْضاً مُعَطَّراً |
فَأَفْغَمَ فِي قَلْبِي الْخُشُوعَ لِأَرْكَعَا |
غَدَتْ جَنَّةُ الإِيِمَانِ دَوْماً رَفِيِقَتِي |
بِقَلْبِي عَبِيِقُ الْفَيْضِ يَنْصَبُّ مُتْرَعَا |
فَمَا كُنْتُ أرْضَى لِلْحَيَاةِ مَذَلَّةً |
وَلَكِنَّهُ الشَّيْطَانُ يَغْزُو لِيَخْدَعَا |
وَلَكِنْ بِرَبِّي لَنْ أَهَابَ وَسَاوِساً |
وَلا لَنْ يَهِيِمَ الشَّرُّ فِيَّ مُرَوِّعَا |
لِكُلِّ الْبَرَايَا فِي الْحَيَاةِ دُرُوبُهَا |
وَمَذْهَبُ رَبِّي خَيْرُ نَهْجٍ تَشَعْشَعَا |
فَمَنْ خَاضَ دَرْبَ الْخَيْرِ ذَاقَ نَعِيِمَهُ |
وَنِقْمَةُ زَقُّومٍ لِشَرٍّ تَهَرَّعَا |
إِذَا الْحَظُّ لِلأَخْيَارِ قَتَّرَ نِعْمَةً |
لَهُمْ فِي جِنَانِ الْخُلْدِ خَيْراً مُرَعْرَعَا |
وَإِنْ زَانَتْ الدُّنْيَا لِشَرِّ أَوَادِمٍ |
لَهُمْ جُرُفٌ هَارٌ يَخُرُّ تَضَعْضُعَا |
فَزَيِّنْ بَنِي الإِنْسَانِ خَطْوَكَ واعْتَبِرْ |
فَفِي الْكَوْنِ آيَاتٌ بِهَا الرَّبُّ أبْدَعَا |
فَضَاءٌ بِهِ الأَقْمَارُ تَسْبَحُ رَوْعَةً |
وَنَجْمُ الْكَرَى وَالأَزْهَرَانِ لِيَسْطعَا |
فَهَذِي الدُّنَى والْفُلْكُ أَعْظَمُ آيَةٍ |
وَذِي الأَرضُ كَيْ تَحْيَا بِخَيْرٍ وَتَرْبَعَا |
أَلا فَاشْرَبِ الأَنْعَامَ طُهْراً بِسَيْلِهَا |
وَحَاذِرْ مِنَ الأَنْجَاسِ سَيْلاً مُكَرَّعَا |
تَنَعَّمْ بِهَبْرٍ والْحَلالُ مَذَاقُهُ |
أَلا وَاجْتَنِبْ مَا كَانَ خُبْثاً تَنَشَّعَا |
بِأَنْ يَشْتَهِي الْمَرْءُ الزُّلالَ مَرِيئُهُ |
فَخَيْراً لَهُ مِنْ حَنْظَلٍ غَصَّ شِبَّعَا |
فَلا تُوقِظِ الْمَسْعُورَ وَحْشاً سُلُوكهُ |
وَقُمْ واشْعُرِ الإِنْسَانَ فِيكَ لِتَقْنَعَا |
فَإِنَّ الإِلَهَ اخْتَارَ مِيِزَةَ عَاقِلٍ |
ليَرْضى بِمَا جَالَتْ رِيَاحٌ مُطَوَّعَا |
تَصَبَّرْ فَإِنَّ الصَّبْرَ خَيْرُ مُعَلِّمٍ |
إِذَا الدِّيِنُ لِلإِنْسَانِ نَهْجٌ لِيَتْبَعَا |
وَإِنْ كُنْتَ سُلْطَاناً فَخِيِماً بِعَرْشِهِ |
فَإِنَّكَ لِلرَّحْمَنِ عَبْدٌ لِتَخْنَعَا |
أَلا فَاغْنَمِ الأَخْلاَقَ زِيِنَةَ جَوْهَرٍ |
وَفَاخِرْ إِذَا الإِيِمَانُ شَعَّ مُرَصَّعَا |
فَلا الدُّرُّ وَالْمُرْجَانُ زَيَّنَ مَيِّتاً |
تَوَارىَ الثَّرَى جُثْمَانُهُ قَدْ تَقَبَّعَا |
وَلَنْ يَرْحَلَ الإِنْسَانُ دُونَ جِهَادِهِ |
سَيَبْقَى بِحُبِّ اللهِ أجْراً مُشَفَّعَا |
وَمَنْ فَرَّ مِنْ دِيِنِ الإِلَهِ تَأَجُّماً |
سَيَصْلَى جَحِيِماً كَيْ يَخُرَّ وَيَبْخَعَا |
وَمَنْ بِالإِلَهِ اخْتَارَ نَهْجَ هِدَايَةٍ |
فَطُوبَى لَهُ جَنَّاتُ عَدْنٍ لِيَنْجَعَا |
فَلا تَقْتَبِرْ فِي قَعْرِ جَهْلِكَ آفِلاً |
كَشَمْسٍ تَوَارَتْ خَلْفَ غَيْمٍ تَقَنْبُعَا |
هُوَ العِلْمُ نِبْرَاسُ الْحَيَاةِ يُضِيِئُهَا |
عَسَى أنْ يَفِيِئَ الْحَقُّ نَهْجاً وَيَلْمَعَا |
وَمَنْ قَالَ:بِاسْمِ اللهِ فِي خَطَوَاتِهِ |
تَوَثَّبَهُ الإِيِمَانُ نُوراً مُلَعْلِعَا |
فَفِي الأَرْضِ يَجْنِي مِنْ مُجَاجِ سَبِيِلِهِ |
وَفِي الْمَوْتِ قَبْرٌ بِالْجَمَالِ تَوَسَّعَا |
فَجَمِّعْ مِنَ الْخَيْرَاتِ ثُقْلَ مَحَاسِنٍ |
وَدَعْ عَنْكَ ذَنْباً قَبْلَ أَنْ تَتَصَدَّعَا |
مِنَ الوَقْتِ فَاغْنَمْ يَا بَنِي آدَمَ اتَّعِظْ |
سَيَفْنَى مَطَافٌ فِي الْحَيَاةِ مُجَذَّعَا |
فَإِنَّ اقْتِرَابَ الْمَوْتِ كَالرِّمْشِ رَفُّهُ |
وَلَنْ يَسْتَحِي مِنْ عُمْرِ إِنْسٍ لِيَجْزَعَا |
سَيَخْنُسُ مَنْ فِي الأَرْضِ حَتْماً وَيَنْمَحِي |
وَيَبْقَى بِعَرْشِ اللهِ رَبُّ لِيَصْنَعَا |
فَمَنْ عَاثَ فِي الأَرْضِ الْفَسَادَ مُشَيْطَناً |
تَعَتَّلَ فِي النَّارِ احْتِرَاقاً مُلَفَّعَا |
وَأَمَّا الَّذِي كَانَ الصَّلاحُ بِنَهْجِهِ |
تَخَلَّدَ فِي رَوْضِ الْجِنَانِ مُرَفَّعَا |
فَإِنَّ التَّنَائِي يَرْجِمُ الإِنْسَ ذُلُّهُ |
عَسَى أنْ يَخُرَّ الْقَلْبُ يَوْماً وَيُفْجَعَا |
فَلا تِنْتِفي يَا نَفْسُ عَنْ مَنْهَجِ الْمُنَى |
وَعِنْوَانُهُ الْقُرْآنُ دِيِنٌ لِيَرْدَعَا |
وَمِنْ كُلِّ إِثْمٍ أَحْوَبٍ طَهِّري النَّوَى |
لِكَيْ تَسْتَكِيِنَ الرُّوحُ نَهْجاً وَتَمْتَعَا |