اعتراف لا يخاف شعر:أحمد عبد الرحمن جنيدو
1
قالت أحبك،
واختفت خلف الظلام شموعها
في لحظة ما،
قلت: موعدنا الخريفْ.
ألقاك في أيلول ضاحكة،
أراك على اصفرار الخوف،
آتي فاتحا لغة الرصيف.
قالت أحبك :
وانتهى ذاك الأنين،
يدي مسارح لهفتي
تشتاق قبل قصيدتي
نجواك من عزف النزيف.
قالت أحبك :
والتراب يطالع الأخبار
من شفتي
تكلّم صاحبي عن ذاته....
واستغرق الموت البطيء عبادتي
واستهلك الجرح اللذيذ طفولتي
سقط المسافر في تمام
الساعة الأولى من الإقصاء
في زمن مخيفْ.
-2-
قالت أحبك :
أيّها البشريّ، والروحيّ
قلت أخاف منك
تكالبت أشواقنا
غاصت عواطفنا
وقبلتنا امتداد للضياءْ.
لا تفتحي صندوق هذا الوقت
تأخذني مراياك الجميلة
لا أتوب
ولا أموت من البقاء.
هاتي فصول الحلم مولاتي
مغنّي الفجر لا يأتي قرابة عامنا الخمسين
أو يأتي وراء.
فاستيقظي،
هذا الصراخ صراخ سجن الأبرياء.
قالت أحبك يا فتى،
قالت: أحبك
وانصرفنا للبكاءْ.
-3-
تدرين كم عانيت من أيلول؟!
يا صوت المواويل القديمة
أمنا في موقف حرج
تبيع دفاتر التاريخ
حتى تشتري أوهامها.
حين الصلاة تكون بين يديك
سوف أحب موتي مرّتين
أطارد الأطياف
أستلقي على ظهري
تحارب مهجتي آلامها.
ملعونة ذات العيون الحور
حين تعاتب الليل البعيد
ولا تعيد الحبر من دمنا
تخاف، تخونها أيّامها.
-4-
قالت: تعال ،وفي الفضاء مدينتي
أنت الذي يختار فلسفة الأنين.
فتراب وجدي شجرة للعابرين.
احذرْ ظهور اللحن
من ثغر الجنين.
إن العويل مصابنا
ومصابنا عرف السنين.
قالت: تعال
وخذ صباحي قبل تشرين المعرّي
قبل رَكْبِ اللاهثين.
يا سيّد العشّاق يا وطني الأخير
سمعت صوتك قادما
من عمق أعماقي
رأيت بسحنة الوجه الطفولةَ و
العراقة،
قل: ستأتي بعد حين.
هذا الفؤاد فضاؤه النسيان
يلفحه الحنين.
-5-
قالت: أحبك
وانكفأنا نرتجي الأوجاع عنوانا
لنحبو خلف آثار الدليلْ.
أنت السكينة فاحتويني
واستعاب جراحك الرجل الفتات
تبارك الحسن الإلهيّ الجميل.
ألمي يغازلني
أراك رؤى حبيب مستحيلْ.
-6-
قالت: أحبك
والتقينا في الهمومْ.
لم ندر أين لقاؤنا؟
ومتى تصافحنا على سرج الغيوم.
قالت: أحبك يا صغيري
إن أعراف البقاء دم يطير
ويملأ الأكواب من تلك الكروم.
عاد المهاجر من نخاعي
واستفاض
أشار نحوك كي يقول
فمي ملاذ الزهر
قبّلني وسافرْ
دربك الناريّ يختار النجوم.
فحملت بعض جوانحي كحقائبي
وجعلت كلّ حوائجي بمخالبي
وعبرت ميلاد البداية
إنني أحببت يوما
والفراغ هنا ،هناك
أنا الذي عشق الملاك بيقظتي
وشربت أصناف السموم.
قالت: أحبك
واعترفنا إن نصف خيانتي
أملٌ
وآخرها يدوم
قالت: أحبك
وانطفأنا في وجوم.
5-11-2004
***
سوريا حماه عقرب
أسايَ شعر:أحمد عبد الرحمن جنيدو
من أساي الكائن الناريّ يطفو
وشفاه الحب تهفو باردهْ.
لملمي هذا الغناء الحر،
فالنسيان يأتي دفعتين
الموت, و الموت,
و ليست حالة الإتيان تبدو سائدة .
فاسألي عنها زماناً ,
وجع الأرواح دنيا خالدة
شفتي أيّ نداء
تعب العشق على صدري خذيني
فعنائي بغنائي
ودعائي في المسافات
يناغي دون أن يدري وصايانا لذات جاحده.
مرهقٌ هذا الفؤاد.
يلعنُ الصمت على كينونة
من بعد أن ذاق البعاد.
فرصة العمر ستأتي
قبل أسراب الجراد.
فاجلسي خاطرة في الركن
نسهو بالحياد.
يوصل الماضي بأنغام الأنين المستعاد
متعب هذا السهاد.
مرهقٌ هذا الفؤاد.
في بلاء الحظّ يثنيني السواد.
في جذور الحزن أوتادي جماد.
تعبي النفسيّ أنت
النار في الأحشاء ماتت واقده.
من أساي الهائم الإنسيّ ينمو
وظلال الخوف في الوجدان
أمّ واعده.
يا جياع الحب قوموا
فثوانينا على الأجراس
باتت جامده.
وخطى المجهول تدنو
تبلع النور كالأفعى
ورأس اليأس ساميّ
يطال الأفق من ضعف
الخطايا الرائده.
من جنوني يحرق الزيتون
بين الخوف والخوف ورود,
وعليهم إصبعان
الوقت والقبح حكايات التي تعرج
فوق المستحيل
اللوم كل اللوم ناري حاقده.
مطر اللحظة فوق الخدّ
محفوراً إلى القاع
ويصطاد أماني عائده.
عمرنا التالي يوازي قبحنا الآخر
عودي
فنداء الأرض مسموع
إلى آخر نجوى بائده.
قد مشتْ
خطوتها تعزف ألحانا
بكى الناي وغنّى
عاد يهذي
ففتحت الشمس مرات
فخارت ساجده.
-2-
ثورة في الروح
آمنت بروحي
وسقاني الحلم عشرين نداءْ.
فملأت الصفحة الأولى بدمعي
وعلى الأخرى دماء.
ورفعت الأمل المسجون قبل الموت
نحو الصوت
لكن لم أجد في الدار
غير الشيخ والباقي نساء.
هكذا مثل وداعات العصافير
تعودين على الموجة
والأنسام في زحمتها تشتاق
أو حالمة
تدنو قليلا
وهمها يكسب أضغاث لقاء.
هكذا أفتح قلبي
كي تلوذ الأمّ
والطفل سجين
في سرير النائم المجهول
والأمّ بكاء.
رغبة في الروح تقتات اشتهاء
هكذا يمتشق الصارخ في وجداننا
يعكس ضوء الروح
فوق الجسد العاري
ويهوي قمر في ورق البهتان
مثل النوم فوق الغيم يبكي عن جراحات المساء
عبث النسرين في أسطح أنفاسي
ليسقي بعبير من يشاء.
أنت هذا السحر
لايشبهني الخوف
ولا قطرة ماء.
أنت هذا الحلم, لا يشبهني الحلم,
أنا أرض لأحلام مضت و الغرباء .
قاحل وجهي كبستان زهور
في انكسارات الشتاء.
صحوة الحلم أتتني
وأنا أحصي سراديب حياتي
تائهاً مثل رياح الخوف
تغزو البسطاء.
واقفاً كالجبل العالي أناجي
من شموخي يولدون الأبرياء.
جائعاً كالنار أشكو الخبز
في لسعة إيقاعي
يعود الوتر الباكي
بشيءٍ يشبه الظل
وأحلام غناء.
ما بنا طوبى لنا
يؤسفني القول بأني ولد فظّ
ومعجون الشقاء.
ثورة في الروح
لا تأخذني نحوك لحناً
فأنا منفردٌ
كالناي في تلك البراري
ودليلي الكاف والنون
وعزم الكبرياء.
20\6\2005
سوريا حماه عقرب
أحلامٌ مكلّسةٌ شعر: أحمد عبد الرحمن جنيدو
وتعود أحلام مكلسة على شفتي
تعود، لتخلع الأثواب عن ألمي
وأوراقَ الحنانْ.
في زحمة منها نضيع
نبارك الشيطان فوق رؤوسنا
ونعود
نفتقر الوقوف على المكان.
لسنا هواة الدمع
لا أصحاب تلوين الوجوه
ونحن زرع واقف
في وجه أسراب الجراد
نموت، أفضل أن نهان.
ولنا بأشرعة الرحيل منارة
فتكلّس الحلم الجميل
على امتداد الوقت فوق ندائنا
نسي الزمان.
يا روح يا أمّ البحار
أجوب أخيلة الوداع
ولا أراك بأرضنا قمحاً
ولا زهراً
كأني لا أراك فصولنا الأخرى
التي كانت جنان.
أحلامنا حملت خطاياها وعادت
لحظة الثوب المرقّع
لا تغطّينا لتستر عورة الإحباط
في جسد الأمان.
وتعود ليلى مرّة فوق النزيف
لتشعل البركان.
من وجع مهان.
من أنت يا ليلى؟
إذا وقفت أمانينا
على جبل العراة وحيدة
ورياحك الهوجاء تعصفها
وتجلسها على لغة احتراق الصوت
مطمور برنّات الثوانْ.
ليلى تعالي
نفتح الخوفين من بدء البداية
هكذا كنا
ولدنا في احتضار البيلسان.
نمضي نحاول مسك أطراف الحكاية
فارع هذا الركود وفارغ
قل: ما اسم قافلتي؟
إذا رحلت بدون غطائها
دون انكسار الحرف في زيف اللسان.
أحلامٌ شتويّةٌ شعر:أحمد عبد الرحمن جنيدو
لا تسبحي في وهجه..
هذا الفؤاد يخاف من أحلامه الشتويةْ.
لا تحلمي أن ينقضي الليل الكئيب
على شفاهٍ
أو نرى آماله الورديّة.
لا تكسري الصمت المقرر
قبل عينيك الأسيرة
إنني أحتاج شمساً أن تفلّ
من ازدحام الخوف في أوراقك العربية
لا تلمسي هذا الأنين
فجرحه الأزليّ إنسان
يعيش بسلة الإهمال رغماً عن ضياع
هويّة.
هل مرّ تشرين؟
اصفرار جوانحي أنت
العبارة لا تناسب وجهنا
وجميع أزمنة السقوط
دفاتري الصيفيّة.
لا تلمسي وجهي الملطّخ بالقروح
ولادة الأحزان عندي
طفلةً شرعيّة.
هذا اعتراف النزف من جسدي
خذيني
فالقيود تضيق أكثر
من ظلام اليأس
حين تلامس الوجدان أصفاد
تصير مع الخيانة
سعفةً ذهبيّة.
-2-
أنوي الرحيل مع العصافير المسافرةْ.
أنوي ابتلاع السيف
والموت الجديد سكينَ خاصرة.
أحلامنا تلك البليدة
وهي مفرغة من الأحلام
والاسم المكمّل صار دائرة
أنوي الرحيل وكل أوقاتي
تسير بعكس تيار مخيف
إنها عبر وغابرة
أنوي الغياب ومؤسفا أن تمتطي الأضلاع طعنتهم
أشبهها كعابرة
كفّ البكاء أيا فتى
النوح المكرّر صار سحنتنا الجليلة صار ظاهرة.
لا توقظي الجرح المعتّق يا سعادْ.
لم يبق في أرض النزيف سوى جواد.
سقط الجواد. 20\ 10\2004
سوريا حماه عقرب
أتسامحين طهارتي شعر:أحمد عبد الرحمن حنيدو
هذا اعتراف الجرح في جسدي
فترسمنا الفضيحة
لا يراودنا البقاء ولا الرحيل ْ.
هذا اختناق العزف في روحي
تناثر فارغ من بوحه
تنثال طعنته ...ويمسي كالخليلْ.
كل الجمال يشع من عينيك
يأخذني الصفاءُ
مسافراً يطوي الخطى قلبي
امتداد الحلم أوراق النخيل .
يتساقط النجم المجمد فوق كبتي,
آخر العشاق قلبي, أول الموتى أنا
سرب الجراح يطير في ذاتي
يعلّم دمعتي لغة العويل ْ.
هذا انكسار الصوت في لغتي
أضعت على يديك هدى السبيلْ.
أتسامحين طهارتي؟
وأنا الخطيئة ,قبل أفعال الزنا
لا يمكن الإسراف
فاعترفي جزافا من تقاذف لعنتي
أدركت ساعات الأصيل.
أنا صالح للموت فوق عيونها
قولوا لها:
أنا عاشق للحلم في زمن الخيال ْ.
أنا مغرم بالحزن والحرف افتعال.
كل الحرائق داخلي
أنا قابل للاشتعال .
لا تنعتوني بالجبان
أنا المصابيح الشريدة
والشوارع أصدقائي
والرصيف يغازل الوجع المكلّل
بالدموع , وبالفصال.
أنا شاعر الناس اليتامى
في تأمل رحلة ٍ
وأبي الغياب
وجنتي قمر السراب
أنا الحفيف , وشاعر الأحلام
أسرار الهداية
في صباحاتي اعتدال.
أشعلت كل أصابعي
لم يبقَ لي قلمٌُ أزوّجه الحلال.
كفر عناق الياسمين,
وشعرها المنثور
كالريح العصيّة في الشمال.
أنا صالح للبدء
والبور القديم مكابرُ
أرنو إلى الأحلام مكتئبا ً
إلى أين الغداة ؟
يعانق الإحساسَ صدقُ ُ للمحال.
أدنو من الأحلام من ثقب الظلام
وشمعداني في السطور
تشيخ أوراقي
فيرسمها الصباح خميلة ً
وسجائري الموت البطيء على يدي
هذا اهتزاز الصمت في
جوع الخصال.
أنا صامت
والشعر في لغة الأنين حقيقة ُُ ُ
وعبادة الأشراف تحت وصيّة
وحماقة الشعراء من قيد اعتدال .
يتلمّظ الخوف المربّى
في ضمير الناس يغتال الرؤى
والزحف في النسيان
خاتمة السؤال.
هذا انكشاف السيف في
صدري المكنّى بالوجود .
هذا اختلاف النزف
في الأمل المسمى بالخلود.
لا تبقر الإيحاء
سوف أعود محطّما
ومتوّجا ً عرش اللحود.
وغطاء أجنحتي حروفُُ ُ
قبل تحقير الورود.
أنا من سلالة زهرة الليمون
بالباقي أجود.
لا تسخري منّي
فكل العاشقين يساومون المستحيل.
لا فرق إن كنت الدماء
وإن تناسانا القتيل.
هذا اعتراف الجرح في جسدي
فتكتبنا القصيدة,
لا يعانقنا البقاء,
ولا الرحيلْ.
سوريا حماه عقرب