ستصفحُ عني البرودةُ
حين أغادِرُها
لستُ أبكي من الليلِ
أو من غناء ابنِ إبليسَ خارجَ قمقمِهِ
لستُ أبكي من الرأس في إصبَعٍ معتِمٍ لا يشعُّ
ولا يعكسُ الشوكَ
لكنني أتهالَكُ موتاً
-يعيدونَ تأهيلَ ذاكرتي-
ليس في وسعِيَ الآنَ مقتٌ
لأضرب وجهي وأخرجَ منه اضطراراً
-فماذا سيغويكَ إن عشتُ خلفَكَ في هامشٍ؟
موتكَ؟
الصوتُ؟
رائحة الفحمِ؟
ماذا سيغويكَ إلا ازدهارُ فراستك المنهجيةِ
تسبِرُ من مَرَّ فيك تماماً
ومن لم يمرَّ
ومن قد توقَّفَ قبل نفاذك
يتلو اختصارَ الحرائقِ
كي تُطْفِئا زَخَمَ الذِّكرياتِ
فتيلاً
فتيلاً
...
بماذا تَحُدُّ السماءُ من الليلِ
والظِّلُّ مُتَّسِعٌ لي؟
أنا لا أكابِدُ للدمعِ إلا الخدودَ المُعَدَّةَ جداً
وذاكِرَةً قد تزيدُ انفلاتَ النُّواحِ انفلاتاً
فكيفَ ستذرِفُني يا عمودَ النهارِ؟
تخلَّيتُ عني
فلستُ سوى ولدٍ فائضٍ
جاء ملحَقَ والِدِهِ في شتاء على دفعتينِ
وقد أنذرَ النخلُ سيِّدَهُ:
"إنَّ نصفي اليمينَ يعامِلُ أيسَرَهُ في جفاءٍ..وقسوةِ مُنْفَصِِلٍ...
لا لشيءٍ..
ولكنَّهُ الآنَ مُتَّجهٌ..
ثمَّ عمَّا حصارٍ
يُشَيِّدُ تحتكَ ماءً نحيلاً
ولكنَّهُ ضدُّ أيِّ محاولَةٍ للعبورِ..."
...
قليلاً قليلاً...تَنَفَّسَكَ اللوزُ
-واللوزُ آخِرَ خضرَتِهِ ليسَ حكراً على أحَدٍ-
...
هل ترانِيَ محظوظاً الآنَ
واللهُ يُشْعِلُ نجمَ السَّماءِ
ويرفَعُها دون أعمِدَةٍ
ويعادِلُ كلَّ قوى القَصِّ مُنهَكَةً؟
لم أُفَكِّرْ بنفسي...
وهذي السماءُ تفوقُ جهازَ التَّنَفُّسِ والدَّوَرانِ لَدَيَّ كثيراً
فكيفَ غفَلْتُ عن الأفْقِ؟
إني نَظَرْتُ فلم أرَ شيئاً سواكَ
تَقَدَّسْ....تَقَدَّسْ....
تُكَفَّرُ عني البرودَةُ
دونَ مُغادَرَةٍ
ثمَّ أبكي
وأضربُ وجهي اضطراراً شديدا...
تَقَدَّس
.
.
تَقَدَّس