رسالة في موقد الذات ( مني إلى حيدر الأديب )
قرأت لك
في كراسة هزائمك
أن الفلاسفة أطفال يلعبون بعيدان الحياة , لهم القدرة الناضجة على التلاعب بمكياج الحروب , وكانوا ينتجون التهمة والفاكهة القاتلة , لذا لم تتضح العصافير والأوطان كثيرا في ملامحهم , كان يفزعهم كيف أن الأصابع تختلف في أشكالها وتتفق في بطشها
وقرأت لك
أن النحاة يعكرون مزاج اللغات ويحرفون في نواياها ويجلدون مقاصدها
وقرأت لك
أن الشعراء مقلون من الحياة , يمشطون قصائدهم على ضفاف الاغتراب
لم تعد تغويهم الأودية فمنهم من قضى اسمه ومنهم من قشّر هجرته
وأرتضى عزلة تطربه
ومنهم من دخل قصيدة النثر ورد الشيخوخة عن لهجة قلبه
وقرأت لك
إن القصائد والحدائق والطفولة ملاجئ خائنة
وإن الحروب وللحكام الحمد هي حساسية في دمانا
كم نصحت لك في اتضاح الشجر
لا تلمس طينة القلق ولا جمرة السؤال ولا فتنة اللغة
وأذن
أدخلك من غيابك عني حيدر الأديب
أدخلك من معناك المسروق في وضح التواريخ
أدخل ضريحك المسكوك بحلم الأنبياء
وأتلو طرائق التوبة عنك
بودي والود ذكر مبارك أن استخرج صواع الجرح الملك من رحل الحكاية
أدخلك الآن من لوحة مفاتيح أجهلها مثلما أجهل الوطن الذي يصر على رسم قاتليه
يكفيني أني أمتلك تصريح محادثتك
يكفيني أني أجس نومك المزمن
أحدثك عن وطن وأنثى وأرجئ بقية الشجر لخريف مبتكر
أشمك في باقة الأنبياء مصلوبا على وطن مغشوش
لم تحسن الحروب تربيته
وطن يستدرج الشمس بالشهداء
دائما ثورته مكشوفة العورة
وطن كان يصدر التمور والحسين والشعراء
والآن يزني الصغار بنخلته
ترى من يصحح الأوطان في الشهداء
من يصحح العطر في الورد
الأرض يرثها الصالحون ...
والصالحون قصيدة نثر تقاتل الأوثان بالورد
الصالحون يشنون أسماءهم على الضباب كما يشن الأطفال الصباحات على البراءة
تحية كوجهك .. كقلبها..... كحضنها الدافئ وما تكن الأنوثة من عسل الشوق
حاولت مرارا أن التقيك في أشهى أحزانك .. في باقة ألوانك وفي جمال قلقك
وفي ثراء وجعك .. وقلت لعلي التقطك في فوضاك فهي اشد أنوثة من قصائدك
الأنوثة رغوة شبابك وحكمة شيبك البازغ على خلاف هم الرجال
لكنما كان يفصلني عنك سر ابتسامة
يدخل العشاق تفاصيل الوردة من عطرها ... ويدخلون الوقت الشهي من نقطة غامضة .. وحاولت اقتفاء نهج قلوبهم تجاه قلبك فأدخلك من أنثاك .. او أباغت وضوحك لحظة انسكابك في معجم آهاتها وبين الوردة ونقطة الغموض كان الحبل السري يشرنق انكساراتي ويتوارى لدى ابسط الأسئلة
من أنت .. ومن أنا .. ولم تترك ميراثك في حدائق جراحك وفي شفتيها وترسم القمر بمفردك حتى اكتمال بدر أنثاك وتترك الليالي تفوح في قلبي
كان العمر سجالا بيني وبينك .. أشن عليك الغياب وتشن عليّ القصائد والجمال
وكنت اهجوك في محضر المقتولين باسمك .. والعن قلمك ... ثم أتولى إلى ظلك في معانيك اشكوا ارتباكي وأستغفرك قلبي
أخذتك من الشجر وكنت نقيا من الخريف وشرحتك العصافير لأعشاشها
لم تلمسك مقترحات النساء ولم تغير مذاق نهرك حقب الغرقى
لم اكن أعرفك أيها المسرف بمقاصد كفه ... عبرت اليك وحملت أصرك الجميل
وتفاجأت أني دون شرعية ذلك ولم يؤذن لوجهي تجاه ساحات الشمم والاشتهاء
تلك التي يرتادها كبار العاشقين الكافرين لعطرهم
كان جزءك الأصعب يتجلى حين يأتيك رزق نهديها وكان جزءك الأصعب الأصعب يتوارى حين تدخل تواريخك في غسق عريها وأنت رجل هامد فوق معانيها
لست من الخارجين عليك ولكني أحيل الشكر للتي أمسكت بحمامة روحك
وأطعمتني الهديل حتى شاعت بصمتي في نسل أسرابك
كنت أخافك جدا .. احبك جدا وكنت انتظرك كلما رجعت منهك المرايا من قصيدة ما
كنت أتسلل إلى طفولتك احتطب الزقزقة واشم اسمك ذو المسك والشجن
لم أنَسَ شفاهك المبتلة بحليب الشعر والعشق المؤجل
وكنت أجوس القصائد خلفك ... أصالح بين معانيك وبين مطالب التوجع
الدمعة التي لا تشرح رجلا هي وردة خاسرة وهناك ما يربو على ظل ذاكرة
يوافي لونك المتدرج حتى أخر حزن أنثاك
تكمن روعة أنثاك إنها معك ضدي ... فهي لم تبح لي بكل أسرارك لكنها سمحت لي بكاميرا اكثر دقة في الاقتراب منك ... اعني الاقتراب مني
ستبقى حيدر الأديب الرحلة الأخطر في جملتي ...
انا معجب بك ..... لأنك تحبها ...
دع النجوم ..ودع انعكاس الماء ..واستغفر لوجهك
وخذ من حناء تعبك لأسمك ..
وعلى جرح وحدتك توكل
فيا أيها الذي تحبها ... شكرا على فسحة وقتك المزدحم بها
تلك الأنثى تجيد انقسامنا
كي أشرحك
سمتك الوردة وسمتني عطرها
وافترشت قلبها كفا
أنها قدرك الحكيم ومقامك المحمود
مرة أخرى
شكرا لك
شكرا لأنثاك
وتحية كوجهك .. كقلبها..... كحضنها الدافئ وما تكن الأنوثة من عسل الشوق
ولي في بستانك نخلة أخرى وظل وبساط وعشر علامات استفهام تزهر في كفك الفصيح
حيدر الأديب