والرد كلام د. زغلول النجار :
أولا : عدم استيعاب قدرة العرب العقلية لهذا الامر وقتها :
.. يرى الدكتور النجار أن العقلية العربية لم تكن لتستوعب فكرة دوران الأرض حول الشمس عند نزول الوحي ، لأن لاعتقاد الراسخ بثبوتها آنذاك قد يدفع هؤلاء إلى رد القرآن ، وتكذيب الوحي ، والحرمان من الأنوار الربانية التي جاءت به الرسالة المحمدية ، ولذلك يرى الدكتور أن الحديث عن دوران الأرض جاء في الآيات القرآنية ، تلميحا لا تصريحا ، في شكل إشارات بليغة ودقيقة .. الخ ما يقول...
وهذا القول غير صحيح جملة من وجوه نجملها في الآتي:
• لم يلمح القرآن إلى شئ أولا ، إلا وصرح به أخيرا ، قبل انقضاء الوحي . ولنضرب لذلك مثلا بالخمر ، فقد جاء الحديث عنها أولا تلميحا إلى كونها تختلف عن الرزق الحسن (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إن فِي ذَلِكَ لَآَيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ..) (النحل 67) إشارة إلى فسادها ، وبيان غلبة إثمها على منافعها (يَسْأَلُونَكَ عَنْ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ ...) حتى كان النهى الجزئي – إن صح التعبير – في وقت لاحق (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ..) ، ثم نزلت ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) إلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ( فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُون َ) وهكذا انتهى الأمر إلى تحريمها واجتنابها في تصريح لا مواربة فيه ، لماذا ؟ . لأن المناط بالتبليغ والبيان ؛ هو رسول رب العالمين ، خيرته من خلقه , وأمينه على وحيه ، وليس لأحد كائنا من كان ، أن يأتي بعد ذلك ليستدرك على الله الذي أكمل لنا الدين ، أو يستدرك على رسوله الذي أتم البلاغ .
وقد مثلنا هاهنا بالخمر لأنه من المعلوم أن الخمر من العادات التي ترسخت في عقول العرب و نفوسهم ، كيف لا وقد تربى عليها الصغير ، وشاب عليها الكبير ، ونصبت لها المجالس ،ونظمت فيها القصائد .. الخ ، ومع كل هذا لم يلمح القرآن إلى حكمها مئات السنين حتى يأتي العلم الحديث فيكتشف الغربيون أنها تؤثر على الكبد وتضر بالجهاز العصبي و.. و.. ومن ثم يتأكد تحريمها. بل جاء تحريمها وبيان حكمها في كتاب ربنا ، وبلّغه نبينا - صلى الله عليه وسلم - والتزم المسلمون الذين كانوا قد مردوا على شربها بهذا الحكم ، وأصبح لزاما على كل من يدخل الإسلام بعد ذلك أن ينخلع منها بالكلية ، وليس له أن يتدرج في البعد عنها، حتى وإن شق ذلك على نفسه ، حتى وان خالف ما عاهده وألفه.
إن إخبار الناس بأمر لا يعلمونه ، أو يظنون خلافه كدوران الأرض ، أيسر كثيرا من نهيهم عن عادة تأصلت في نفوسهم ، وتغلغلت في حياتهم ، وتلبسوا بها في حلهم وترحالهم ، ولهم فيها أرب بل مآرب ، إذ من الصعوبة بمكان أن تحول بين الناس وبين ما يشتهون .
فإذا كان دوران الأرض خبر مزعج ، وشاذ بالنسبة لأفهام العرب ، و قد يحول بينهم وبين الإيمان والإسلام ، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد صدع بين أظهرهم بما هو أشد من ذلك بكثير ، بحادثة كان الكون مسرحها إن صح التعبير، إنها حادثة الإسراء والمعراج بكل مفرداتها ، ابتداء من الدابة ( البراق ) الذي تسير بكيفية لا تستوعبها عقول من تعتبر الدواب أساس حياتهم ، ومرورا بالصلاة مع الأنبياء الذين قد توفاهم الله من زمن سحيق ، وانتهاء بالصعود إلى السماوات العلا في عصر الناقة والبعير ....حدّث النبي – صلى الله عليه وسلم - بكل ذلك ولم يخش -صلى الله عليه وسلم - أن "يكذب أهل الجزيرة العربية القرآن, والرسول , والوحي " كما يظن الدكتور النجار.مع ملاحظة أننا حتى الآن لا نستطيع أن نستوعب السرعة التي انطلق بها البراق رغم كل علومنا الحديثة إلا أننا علي يقين من ثبوتها .
بل إن النبي – صلى الله عليه وسلم - قد أخبر المسلمون في نصوص الوحي بأمور غيبية عظيمة هي أشد وقعا وغرابة على نفوسهم من دوران الأرض ، كخبر المسيخ الدجال ، وخروج الدابة التي تكلم الناس ، وطلوع الشمس من مغربها ، وخروج يأجوج ومأجوج .. وغير ذلك من الأخبار التي لم تكن عقول العرب الحفاة العراة تستوعبها بأي حال ، .. فهل هذه الأمور كلها كانت أقل وزنا من مجرد إخبارهم بدوران الأرض؟!
• وإذا كان سائغا في أفهام البعض , أن يستخدم القرآن التلميح والإشارة في أحاديثه التي تخبر عن الأمور التي تخالف المعهود عند العرب في مفتتح الدعوة إلى الإسلام رغبة في استئلاف الناس ، وخشية من تكذيبهم القرآن ، فإن الأمر إذن لابد أن يختلف بعد أن قويت شوكة الإسلام وأصبح للمسلمين دولة مهابة ومرعية الجانب. فهل حدث شيء من هذا؟
الحقيقة أن العرب منذ نزول القرآن كانوا بين نوعين :
• النوع الأول :
كانوا يؤمنون ويصدقون بكل ما يقوله النبي –صلى الله عليه وسلم - سمعوه منه أو نقل إليهم عنه نقلا صحيحا ..حالهم (وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى) ( النجم :3)
• النوع الثاني :
يكذبونه حتى وإن علموا صدقه ، حتى وان رأوا الآيات الدالة على نبوته ..
حالهم (وَإِنْ يَرَوْا آَيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرّ) ( القمر :2)
وليس ثمة نوع ثالث.
***
ثانيا استدلال الدكتور( وكل من صدق هذا الظن ) بآية النمل 88
(وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ أنه خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ )
يقول الدكتور بأن هذه الآية " كناية واضحة على دوران الأرض حول محورها , وعلى جريها حول الشمس ومع الشمس ؛ لأن الغلاف الهوائي للأرض الذي يتحرك فيه السحاب مرتبط بالأرض بواسطة الجاذبية ، وحركته منضبطة مع حركة الأرض, وكذلك حركة السحاب فيه, فإذا مرت الجبال مر السحاب ، كان في ذلك إشارة ضمنية إلى حركات الأرض المختلفة التي تمر كما يمر السحاب."
والرد على هذا الاستدلال الخاطئ من وجوه :
بالنسبة لطبيعة حركة أو مرور السحاب... كيف تنشأ حركة السحاب ؟ : معلوم أن السحاب يسير- بعد إذن الله - بتأثير متغيرات مناخية ، من هبوب رياح وغيرها ، وتكون حركته متغيرة السرعات من وقت لآخر ، ومتغيرة الاتجاهات من شرق إلى غرب والعكس ومن شمال إلى جنوب والعكس . فكيف يستدل بهذه الحركة الوقتية والمرتبطة بالظروف المعينة والمتغيرة الاتجاهات ، على حركة دوران يفترض أنها مستمرة ومنضبطة السرعة والاتجاه ؟. وهل نضبت المترادفات في عروض القرآن حتى يستدل بهذا التشبيه الناقص .؟!
لم يفهم المفسرون والعلماء من السلف ومن انتهج نهجهم حتى يومنا هذا - وهم أهل الدراية وأرباب العلم - ، ذلك الفهم الغريب والشاذ الذي يقول به الدكتور النجار وبعض المفسرين المتأخرين . حيث إن هذه الآية مقتطعة من سياق آيات تتحدث عن الآخرة ، فنص الآيات هو ( وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إلا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ (87) وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ أنه خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ )
فـ ( مر السحاب ) الوارد في الآية كائن في الآخرة ، وليس من أمور الدنيا كما أجمعت عليه أمهات التفاسير ، و القول بأن هذا من أمور الآخرة يدل عليه ..
أ )) كون هذا المعنى هو الغالب في القرآن .كما يقول الشنقيطي لأن جميع الآيات التي فيها حركه الجبال كلها في يوم القيامة ، كقوله تعالى : ( يَوْمَ تَمُورُ السماء موروا وَتَسِيرُ الجبال سَيْراً ) (الطور :91) وقوله تعالى : ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجبال وَتَرَى الأرض بَارِزَةً ) [ الكهف : 47 ] وقوله تعالى : ( وَسُيِّرَتِ الجبال فَكَانَتْ سَرَاباً ) [ النبأ : 20 ]
وقوله تعالى : (وَإِذَا الجبال سُيِّرَتْ) أليس فيه دلالة قاطعة على أنها غير ذلك (سُيِّرَت) الآن من المسير أو المرور أو غيره ، أي ثابتة ، ولذلك يقسم ربنا وهو غني عن القسم ، أنها سوف تَسير يوم القيامة ، وهو حال مغاير لما هو مألوف عنها الآن.
ب)) دلالة سياق الآيات التي تضمنت هذه الآية والتي تصف مشهدا من مشاهد الآخرة ، فإن من تأمل السياق وجده يتحدث عن يوم القيامة ، واعتبار أجزاء متفرقة في مواضع مختلفة من الآيات ، تتحدث عن الدنيا ومثلها يتحدث عن الآخرة ؛ أمر ينافى البلاغة والفصاحة ، ولا يتسق مع السياق القرآني المعجز.
ج )) الدلالة الأهم وهى قرينة العطف بالواو ، كما ذكر العلامة الشنقيطي في تفسيره أضواء البيان ، فقوله تعالى ( وترى) معطوف على قوله ( ففزع) ، وذلك المعطوف عليه مرتب بالفاء على قوله تعالى : { وَيَوْمَ يُنفَخُ فِي الصور فَفَزِعَ مَن فِي السماوات} [ النمل :87 ] الآية . أي ويوم ينفخ في الصور ، فيفزع من في السماوات ، وترى الجبال ، فدلت هذه القرينة القرآنية الواضحة على أن مر الجبال مر السحاب كائن يوم ينفخ في الصور لا الآن فليُتأمل ذلك .
ثم إذا كانت الأرض بما عليها ومن عليها تدور بما في ذلك الغلاف الجوي، فما الحكمة إذن من تخصيص الجبال بهذا الدوران، وإذا كان قوله تعالى (صنع الله..) المقصود به هو دوران الأرض التي تمر مر السحاب ، فلماذا أشار إليها بهذا الجزء فقط الذي هو ضمن غلافها الجوي ، رغم دوران سائر الأجزاء بحركة واحدة منسجمة ، وإذا كانت سرعة الأرض المزعومة 1647 كم / ساعة (وهذه احدي الحركات التسع) فكم هي سرعة السحاب المستشهد به ؟! ... فالأولى أن نستشهد على حركة بعضه بحركة شئ خارجه، كحركة القمر مثلا فهو خارج معادلة الأرض بما فيها من غلاف جوي ، وجبال جامدة ، وسحاب يمر . ويكون السياق مثلا ، وترى الجبال تحسبها جامدة (هي والأرض ) وهي تمر (هي والأرض ) مر القمر الذي هو ظاهر لنا في حركته ولا ريب في ذلك وهو أيضا خارج المنظومة السابقة التي تدور بحركة ليست ظاهرة لنا .
فالمثال السابق كمن يقول وترى الطائرة تظنها واقفة وهى تمر كمرّ المضيف بداخلها . ولكن الأولى أن تقول وترى الطائرة تظنها واقفة وهى تمر كمر القذيفة التي نشاهدها تمر بجوارها .
فالغلاف الغازي يدور مع الأرض وتدور معهما الجبال ، فلماذا إذن نخص السحاب هنا بحركة مستقلة له نستشهد بها علي دورانهما ؟! أليس السحاب هو الأخر ضمن هذه المنظومة من الحركة ؟ وكيف تكون حركته مضادة أحيانا لاتجاه
حركة غلاف غازي يسير بسرعة 1670 كم/ساعة رغم انه غاز مشبع ببخار الماء ؟.
تعاقب الليل والنهار والإشارات (الرقيقة) :
يتحدث الدكتور عن إشارات كلها "رقيقة " تفيد - من وجهة نظره - دوران الأرض حول محورها وهى آيات إدخال ( إيلاج - تكوير- تقليب ) الليل في النهار ، كما قدمنا ، وهذه النصوص كلها لا علاقة لها بدوران الأرض حول الشمس ، وإنما هو يستنبط منها بفهمه ، على ضوء افتراضات ظنية افترضها أناس لا ينضبطون بوحي ولا يفيئون إلى دين .
ولا أدري لماذا يستحيل في فهم الدكتور ومن اقتفى أثره ، أن يكون حدوث الليل والنهار - كما ذكر القرآن - ناشئ عن ثبات الأرض وجريان الشمس ، فهي التي ( تطلع ) ( وتغرب ) ( وتجرى ) ( وتسبح ) كما ذكر ربنا في محكم آياته ، وكلها أفعال صريحة وواضحة ودالة على الحركة ، وليت شعري كيف غفل الدكتور عن الإشارات " الثخينة " ، بل النصوص الصريحة التي تنطق بجريان الشمس وسبحها في فلكها ؛ فينتج عن هذا الجريان الليل والنهار بإذن الله ؟!! ومال هو إلى الرأي الشاذ غير المألوف ؟ واستدل عليه بما لم يصرح به القرآن ، بل استنبط مستدلا بتصوره الشخصي ، معتمدا على الإشارات والتلميحات التي لا تقوم بها حجة ولا دليل ولا برهان .
فهل يختبرنا ربنا في فهم هذا الأمر الغامض الذي لا يمكن استيعابه ؟ أم أن القرآن نزل بلغة لا يفهمها إلا العلماء الأفذاذ و من يفهمون نسبية آينشتاين ؟ وما هو ذنب البسطاء من المسلمين من أمثالنا ؟ وهل هناك قضايا أخري تناولها القرآن واكتنفها الغموض والتعقيد مثل هذه المسالة ؟ أم أن العلماء المعاصرين من فرط غيرتهم وخوفهم على كتاب ربهم ، خافوا أن يسبق العلم ما أتي به الوحي فيدخل المسلمون في تناقضات لا تحسم لصالح القرآن؟ .. تعالي الله عن كل ذلك علوا كبيرا . فهو الذي أنـزل القرآن وهو أعلم به ، وهو خالق البشر وأعلم بمداركهم وقدراتهم الاستيعابية ، وهو قد أحاط بكل شئ علما ، وهو الحافظ لكتابه ، مثلما حفظه في السابق ، فهو الحافظ له إلى يوم الدين ، وإن كان هناك خوف فليس على القرآن ، ولا علي المؤمنين حقا وصدقا به ، وإنما الخوف على الذين يخافون على القرآن ، نسأل الله لنا ولهم العافية ......
يقول الله تعالى : ( وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعليمِ ) (يس : 38) ، هل يمكن صرف هذا الفعل (تجري) عن ظاهره لأي سبب من الأسباب وهو ظاهر وواضح ومحدد ، وأبحث أنا عن إشارة خفية ، لتكون محلا للنظرية ، أو داعما لها ، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا .
( لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ) (يس 40)
( .. وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى...) (الرعد :2 )
( وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى) (لقمان : 29)
( يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ) (فاطر:13)
( ...وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ألا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ) ( الزمر : 5 )
أليست كل هذه الآيات كافية لحسم المسألة ، و هي نصوص صريحة في محل النزاع – إذا سلمنا جدلا بوجود هذا النـزاع – أم أنه الانهزام الفكري الذي أصاب قطاعا عريضا من المسلمين ، فسلموا وأذعنوا راغمين لكل ما يقوله علماء الطبيعة ، ومانحو الشهادات ، والدرجات العلمية في الفكر من الغربيين، على اختلاف مللهم ونحلهم ، أم أنه الضغط النفسي أو الهزيمة النفسية الناتجة عن استعلاء الغربيين ، وهيمنتهم واستغلالهم لتخبط المسلمين ، وتشتتهم وضعف حالهم ، وهوانهم على الناس.
الخلاصة أن الآيات كم رأينا تثبت أن الشمس :
تطلع وتغـرب ....... ( حركـة يومية )
وتسبح في فلك ....... ( حركـــة دائرية )
وتجــــرى ....... ( حركة انتقالية )
وفى المقابل ليس هناك آية واحدة تثبت – تصريحا أو تلميحا – أن الأرض تجرى لمستقر لها ، أو تسبح في فلك ، أو تطلع على الشمس ، أو تغرب عنها ، أو تتلو القمر أو يتلوها .... الخ ، بل خلاف ذلك هو الثابت في كتاب ربنــا وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم - .
لقد ردد هؤلاء العلماء مرارا ولمئات السنين خلف أساتذتهم الغربيين بأن دوران الأرض حول الشمس حقيقة ثابتة قطعية!!!
وحتى أوائل القرن الماضي كانت الشمس ثابتة والأرض هي التي تدور حولها فحُرف فهم القرآن والسنة لأجل هذه الحقيقة الثابتة القاطعة!!!! ، ثم لما جاءت حقيقة ثابتة قاطعة أخرى - بالطبع من عند الغربيين - تقول بأن الشمس تجري، جُعل ذلك من دلائل إعجاز القرآن الكريم الذي سبقهم منذ ألف وأربعمائة سنة فأثبت ذلك ؟ فأي عقول هذه !
ولكن حتى حركة الشمس هذه التي أثبتوها أو قالوا بها ، إنما هي حركة افتراضية أو وهمية وليس لها أي علاقة بظاهرة الليل والنهار ، وحركات الشمس (المخترعة أخيرا ) لا تنفي ثبات الشمس بالنسبة للأرض ، حيث إنها حركة مزعومة للمجموعة الشمسية كلها داخل المجرة ! وحركة للشمس حول نفسها .
ولو رجع هؤلاء إلى أنفسهم لتساءلوا : لماذا خص الله الشمس بالحركة والجريان ونفاها عن الأرض ، مع العلم بأن هذه الحركة عندهم ( حركة الشمس )تشمل الأرض والكواكب الأخرى على حد سواء وبنفس السرعة وفي نفس الاتجاه ؟؟! لابد أن تكون هناك حكمة من وراء هذا التخصيص ولم يأت عبثا – تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا ..
أخشى أن تكون الإجابة أن الشمس قد خصت بذلك لأنها هي المركز والشعلة التي تضيء هذا المعبد (الكون) الكبير ... أليست الأرض في القرآن هي أعظم قيمة من الشمس ، وأنها لأجل هذه القيمة استخلف الله فيها الإنسان واستعمره فيها وسخر له فيها الشمس والقمر ، وأورد ذكرها مئات المرات في كتابه الخالد المعجز تأكيدا على أهميتها ورفعا لشأنها ؟! ياليت قومي يعلمون ...
لقد أسرف هؤلاء العلماء الأوفياء في ........
يتبع - ان شاء الله تعالى -