أرى أستاذي الكريم أنك لم تتطرق إلى الجانب الجمالي إلا فيما يخص المعاني ، فهل أقفرت كل مباني القصيدة من الجمال ؟أبدأ ردي عليك أخي الحبيب بالدعاء لأختك الكريمة وطهور إن شاء الله تعالى.
اللهم امين ،
أما قصيدتك ففيها من البر والوفاء للإخاء ما يزينها ويرفعها في نفوس القراء ، وهي من ناحية المعنى جميلة فيها الرفق والبر والثقة بالله تعالى فتقبل الله الدعاء ، أما من حيث المبنى فقد وجدتها مباشرة حدا كبيرا بحيث أصبحت نظما خالصا.
أستاذي الكريم ، حياك الله ،
سعيد جدا بهطولك على متواضعتي ،
نعم ، المحاولة الشعرية ، غلب عليها طابع المباشرة ، بكل تأكيد ، و قد تكون طبيعة "المناجاة " ، مبررا لذلك وقد لا تكون ،
ثم إني استوقفتني هذه المواضع ،
يَا ذهَابَ الأحْـزانِ وَ الأَرْزَاءِ = أنْتَ فِي كـُلِّ النـَّائِبَاتِ رَجَائِي
مخاطبة الخالق عز وجل بيا ذهاب صحيحة بل أجدها أكثر توسلا وثقة وأخالف فيها رأي أخي الحبيب محمد ذيب سليمان.
وكذلك هو رأيي المتواضع ،
يَا حَـلِيماً بـِحِـلـْمـِهِ قـَـدْ تـَغـَاضَى = وَعَفـَى عـَمًّا كـَانَ مِـنْ أخـْطـَائِي
عفا يعفو أي تسامح وغفر ـ وعفى يعفى أن درس واندثر وأزعم أنك أردت الأولى هنا ولكن أخطأت رسمها.
صحيح ، أستاذي الكريم ، سهوا أخطأت رسمها ،
يَا إِلاهـِي مـَنْ لـِي سـِوَاكَ مُـجـِيرٌ = يَا مُـغـِيث َ الـْمُضـْطـَرِّ عِنـْدَ الـْبَلاءِ
فـَدَعـِيني يَا نـَفـْسُ إني حَزينٌ = مَـلأ الحُزْنُ مِرْجَلي وَ إنـَائي
التعقيب بالفاء هنا مربك كثيرا للمعنى بمثل هذا التعقيب وبمثل هذه القفزة دون رابط أو تقديم.
نعم أستاذي الكريم ، هذه القفزة حقيقة تستلزم مقدمات ، ولكن ألجأني الوزن ، في إطار قلة ما توارد على خاطري من بدائل وقتئذ ، ولست هنا بصدد تبرير إيرادها ، بقدر ما أنا في وارد توضيح دوافعي إليها ،
ثم إني حزين ... ملأ الحزن ... هذا غير مستحب في بلاغة الشعر وجزالته.
سأقوم إن شاء الله تعالى ببعض تعديل على البيت أتفادى فيه ذلك التكرار ،
هَذِهِ أُخـْتـِي وَالضَّنـَى قـَدْ شـَجَاهَا = تـَتـَهَادَى ، تـَرْنـُو إلـَى الـْعـَلـْيـَاءِ
الضني شجاها فتهادت فما علاقة الأمر بأن ترنو إلى العلياء؟؟
ما ظنك أستاذي بمن "يتهادى في مشيه وهو يرنو إلى السماء"أليس تتضمن هذه الصورة معاني التذلل و الدعاء واستدرار الرحمة ،
فـَلـَكـَمْ يَرْجُو ذو الضَّنـَى أنْ يُعَافـَى = مـِنْ قـَبـِيحِ الأحْزَان ِ وَالأدْوَاءِ
أولا تكرر استعمالك للفظة الضنى في أبيات متقاربة وهذا مما يذهب ببعض البهاء ، ثم يا أخي وهل يرجو المرء أن يعافى من قبيح الأحزان والأدواء فحسب؟؟ أليس المؤمن يدعو الله راجيا كل خير وشاكيا كل شر مهما صغر؟؟ ثم من الذي سيحدد ما هو القبيح من الحزن وما هو الجميل فيه لو كان هناك داء جميل أو حزن جميل؟؟ هي مفردة غير مناسبة للتوظيف هنا وهناك مندوحة من مفردات أجمل وأكمل لهذا المعنى.
"نعم هناك داء جميل ، هو داء الغرام ، و هناك حزن جميل ، الحزن على غيبة الحبيب " فقط أمزح معك ، وأعدك بالتعديل ،
كـَمْ دَعَوْتُ الله الخـَبيرَ بـِحَالـِي = وَعَـسَى الله أنْ يُجـِيبَ دُعَائي
وَيَـقـِينـي لا تـَعْتـَريهِ شـُكـُوكٌ = فِي الإلهِ العَظـِيمِ ذِي الآلاءِ
هنا وجدت العطف بالفاء أنسب لتأكيد معنى الثقة والرجاء الواثق في البيت الذي سبقه.
صحيح ، وأقسم لك أنها في الأصل كانت فاءً
لا يَرُدُّ الله الكـَريمُ تـَعَـالـَى = دَعْوَة ً مـِنْ عَبـْدٍ هـَمَى فـِي خـَفـاءِ
بعيدا عن نثرية هذا البيت وددت لو أقمته قليلا بقولك مثلا من عين همت في خفاء ... على الأقل ليحسن الربط بالاستدعاء للحديث الشريف "عينان لا تمسهما النار".
صحيح ، لولا رقة في عجزه لحذفته بالكلية ،
حَبـَّذا الصـَّبـْرُ يَا أخـَيـَّـة ُ عـَوْناً = إنـَّمَا النــَّائـِبَاتُ مَـحْضُ ابْــتـِلاء ِ
سـَيزُولُ البَلاءُ حـَقــّاً وَصـِدْقـاً = وَسَـيَــبْـقى شـَيـْئـاً مـِنَ الأنـْبَاءِ
أولا الأبيات الثلاث الأخيرة تقول أمرا واحدا بسيطا المرء يبتلى والصبر يجمل والحزن يمضي وأزعم أن هذا يمكن أن يقال في بيت واحد كي لا يكون حشوا مثقلا حين يقال في أبيات ثلاثة وتتكرر الألفاظ والمعاني فأحد أهم ما يميز الشعر هو بلاغة الإيجاز فيه.
ثم العجز في الخاتمة وجدته غير دقيق في المعنى الذي أردت إذ ليس كل هم أو حزن أو بلاء يصبح نبأ من الأنباء ، وليس اي هم أو حزن يبقى فالمرء ينسى وينسى وإلا لانفجر من الأحزان. قد تقول لي ولكن ما حدث معها أمر مما لا ينسى فأقول لك: وأنا أحسبه كذلك ولكن قولك لم يخدم المعنى الذي أردت لأنه عمم وحكم.
ألا ترى معي أستاذي الكريم أن بيتا واحدا من الشعر يجمع معاني "الابتلاء وذهابه و الصبر عليه وإثارة الحزن " قد لا يتسع لكل ذلك ؟
دمت بخير وعافية!
وأنت كذلك ، دمت بخير وعافية وسلام
وأهلا ومرحبا بك دوما في أفياء واحة الخير.
أشكرك جزيل الشكر ،
تحياتي
وفي انتظار موافاتكم بالتعديل اللازم ، أرفع إليك أستاذي الكبير أسمى عبارات التقدير و الاحترام كما يليق ،
"ورحم الله امرأ أهداني عيوبي "
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته