|
نافورةً باتَ جرحُك الدفِقُ |
ترشُّ جفناً أقضَّه الأرَقُ |
هذا الأسى والثكالُ خارطةٌ |
على محياك خَطَّها الرهَقُ |
لم ينجُ فيها البحّارُ من غرقٍ |
إلا إلى حيث عَمَّه الغرقُ |
وعتمةُ البغيِ طالَ مَجثمُها |
هلا تزحزحتَ أيها الغسقُ |
نهرُ دماءٍ يصبُّ في نهَرٍ |
يركضُ عبرَ الثرى ويخترقُ |
يجرفُ أشلاءَ بعضِ مَن سبحوا |
فيه وتطفو بعُرضِه مِزَقُ |
القابضينَ الجِمارَ ما جأروا |
من وجعٍ والأكفُّ تحترقُ |
الكاظمينَ البكاءَ حسبُهمُ |
عن قطرِه من دمائهم غَدَقُ |
الراعفينَ الجراحَ ما لَحموا |
جرحاً بسَمِّ الهوانِ أو رتقوا |
السابقينَ الحُتوفَ لا سفَهاً |
فكلُّ وانٍ يذوقُ ما سبقوا |
إن استحالَ النجا بقريتِهم |
فإنهم لله العليِّ رقُوا |
الصمتُ أنكى المُدى لمن ذُبحوا |
ليت الأشقاءَ حينَها نطقوا |
ليس بماءٍ نزيفُ أوردتي |
أم أن هذا النجيعَ مختلقُ |
أم الضحايا تُراهمُ كذبوا؟ |
أولاءِ ماتوا إذاً لقد صدقوا |
فخففِ الوطءَ فالمدى جثثٌ |
في طبقٍ قرَّ فوقه طبقُ |
والشمسُ ترخي غروبَها شفقاً |
وللدِّما فوق أرضِنا شفقُ |
حتى الهواءُ الذي يصافحُنا |
معزّياً بالدماءِ مختنقُ |
شِلوٌ هنا مزقوه من جسدٍ |
ورأسُ طفلٍ هناك مفترِقُ |
بقيةٌ عند أمِّه رُميتْ |
تضمُّ أشلاءها وتعتنقُ |
ووالدٌ فوق أُسرةٍ رُكمت |
جاثٍ بباقي دموعِه شرِقُ |
تمعنوا في طفولةٍ قُطعتْ |
أوداجُها هل تطيقُها حَدَقُ |
في مقلةِ الطفلِ لم يزلْ فزعٌ |
وقاتلٌ طائفٌ بها شبِقُ |
فمٌ لموتِ الفُجاءِ مرتسمٌ |
وظِلُّ نصلٍ عليه ممتشَقُ |
وثوبُه في النهارِ بلله |
مِن هولِ مَن في النهارِ قد طرقوا |
فنم قريراً ولا تخفْ عتباً |
أمُّك لن يستفزَّها الحُنُقُ |
يا أيها الماردُ الذي قطعوا |
غفوتَه فاستخفَّه النزَقُ |
ولم تزل رغم كلِّ ما صنعوا |
تقاومُ الموتَ ما انحنى رمقُ |
ولم تزل رغم كل ما سفحوا |
مثبتَ الخطوِ والثرى زلِقُ |
ورغم ليلِ الطغاةِ ها قمرٌ |
أنت من المدلهمِّ ينبثقُ |
إن يقطعوا الوردَ من براعِمِه |
فلم يزل في نُسوغِه عبَقُ |