حتي يسيل الرحيق من أكمام الزهر عسلا مصفى لابد له من نحلة دؤوب ، سريعة
اللسعة حلوة البصاق .. تجمعه بقراب روحها النضرة ، وتخرجه شهيا مَدُوفاً
قد احلولى ببعض منها ..
كان الرحيق المبعثر أولا ، ومن ثم كان العسل
***
كم تمتشقني كف الصدى سيفا يجوب القفار بغير قدم ؛
لتلبس الصحراء ثوب الجنون وهي تتحرش بطهر ردائي...
ثم تمعن في سحق ذرات النور لتنال من بريق حكاياي التي تُسكن برد الفجاج
..
وترتوي فجرا من غيمات بكائي.. حتى ينثال الأفق القابع في محراب اليأس
رشيشا ، وهو ينضوي تحت كومات الرماد، وقد تأوّت له الجفون بعدما أذبلها
لفح الرمضاء..
فكم تأججت نار انتظاري بجذوة أفرغها القناص عصرا وهي تفلت من كنانة الغضب
المطهم بالجموح كسهم سارب من فحيح السكون..
لأصحو من ضيمي على قوافل السنابك وهي تتوالى بين ردهات الموت..وقد خاتل
الصمت بقايا حروفي المهشمة وهو يجود ببعض رائحة المطر على أستاري
المعشوشبة..
غير أن الغبار المر تهادى متبجحا بين خلايا بوحي لصامت..
لتتآكل فوق ذاتي ذرات الأمل المنبعثة من مصباح ذبلت أطراف فتيله ..وتبقى
أردية الرفض وحدها أنشودتي التي لم تُغن..
وهناك.. هناك على حافة الذاكرة تتدلي عناقيد أيامي
تعبث بها جونة الوهم المطهّم وصمت الأماني المصلوبة على حد الشفق..إذْ
ماعاد يسد طنين الهوام ذاك الأفق..
فأي ماء يرويني والبئر تمعن في الغياب..؟
وكل الخطى تسير مثلي على وقع الدجى
وهو يضاحك وهج الخيال ،
ويتماهى أمام أحداق الصائد المتعفن !
يا كُلّ من عبر الصدى بصراخه..
يا كل من لم يستنمه برق الغواية
هاهي واحتي الخضراء
تتماهي بين أقبية الذبول ،
وتبتلع فراخها قسرا ..
تتلوى عبر متاهات أفق كئيب يطوقه ليل الجفاف..
خذوني إلى ذاتي الموغلة في مطاوي الشفق
علني أفيق من ثمل لم يبرح ساحات العطن
وأعود لتلك الروابي والحقول كما كنت ذات ربيع
لأجدل عباءة السير نقية من هناك
وأحيي بيراعي الواهن بعض حروف ذبلت على صفحات حلميَ الهارب مني..
وأفرغ من قوس قزح لحن أغنية عذبة الحرف ..أبدية الصدى ..
فليتها تُغن!