رمضان حياة الروح
(1 – 3 )
بقلم : نبيل جلهوم *
من كرم الله تعالى على أمة المصطفى حبيبه وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم أنه يفتح دائما وباستمرار وعلى مدار الأيام والشهور والأزمان بفواتح كلها خير ومعها الخير وفى جملتها السعادة والقرب من
رب كريم لايرضى لعباده إلا أن يتفضل عليهم دائما بكرمٍ منه وزيادة .. فالحمد لله الذى جعل لنا نفحات نتعرض لها من الجود والمكرمات من رب العطاء والخيرات .
فصلوات خمس على مدار اليوم كفارة لما بينهن .. ونوافل ثنتى عشرة نبنى بها فى الجنة قصرا . وصيام نوافل من الأسبوع تقى حرارة جهنم وظمأها .. وحج ليس له جزاء إلا الجنة .. وصيام رمضان شهرا به
تكون الرحمة و المغفرة والجائزة الكبرى العتق من النيران بخلاف مايكون من عتق كل يوم من أيام رمضان .. ولم لا ؟؟؟ وهو الذى خلق فسوى وقدّر فهدى وأعطى ورزق وشرَفنا بأن جعلنا له عِبادا ولجلاله
عُبَادا .
رمضان يُحيى رُوحَنا ... بالقرآن :
__________________
فنظل طوال يومنا نقرأه ونحرص على وضع الإشارة على آخر ماتلوناه منه ثم نقرأه ثم نقرأه فيصبح القرآن منا ونصبح منه متزامنان متعانقان .. فنستشعر أننا ماتلوناه فى غير رمضان كما نتلوه فى رمضان
.. فنجد بيننا وبين القرآن ودا وألفة وحبا شديدا..
فحقا وصدقا .. إن التعايش مع القرآن فى رمضان له مذاق خاص وروح صافية وجمال مابعده جمال .
ولم لا ..!!
وهو الشهر الذى فيه نزل , فكان لنا هداية ورحمة ودستورا ينير لنا الطريق ويفرّج لنا كل ضيق ويحمل أمتنا من ضيق الضيق الى سعادة وسرور وثيق , فهو لنا الدستور وطريق النور , لايهدى الا للتى هى
أقوم ويبشر المؤمنين العاملين به أن لهم أجرا كبيرا , قال عز وجل : ( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً } الاسراء اية 9.
رمضان يُحى روحنا .. بصبرنا :
_________________
فامتناعنا عن الطعام والشهوات وإمساك اللسان عن الهفوات لاشك أنه يربى فينا التحمل والتصبر والصبر ..
فنتزود من ذلك بالصبر على بلاءات الدنيا ومتاعبها ونتعلم أنه ليس كل بلاء نقمة بل يكون معه وبين طياته نعمه وأن مايصيب المرء لم يكن ليخطأه وماأخطأه لم يكن ليصيبه وأن الصبر شطر الايمان ودليل على
جميل الخلق والإحسان .. فالصوم ظاهره الإمتناع والحرمان إلا أنه فى مضمونه الرضا من الله وجزيل الإحسان والفوز بباب عظيم إسمه الريان فى فسيح الجنان .
ثم يستشعر الواحد منا عند فطره وبعد صبره طول يومه عن الملذات بفرحه غامره تكسو وجهه وتشرح صدره فتبعث فيه روحا جديدة تؤكد له أن النصر مع الصبر وأن مع العسر يسرا وأنه مهما طال أمد الألم
والحرمان فلابد للخير والفرج أن يأتيا إلينا من الكريم مهرولان مسرعان جزاءا من ربٍ رحمن .
رمضان يحى روحنا ... بتراويحنا وقيامنا :
_____________________
التراويح من أهم مايميز رمضان .. فنصليها لتكون قياما لله .. لنقف ونتشرف بالوقوف بين يديه .
ركعات ثمانية ثم تستكمل بثلاثة ثم بدعاء من الامام يرقق به قلوبنا ويُسيّل به مدامعنا ويزلزل به كياننا ويدغدغ به مشاعرنا .. فنحظى بشرف قيام ليلة كاملة بعد تمام تراويحنا .. ياالله ماأعظمك وأكرمك !!
إنها النفحة الرمضانية من رب لايقبل لعباده إلا أن يكون بهم كريما رحيما عطوفا جوادا ..
إنه التميز الذى ميّز الله به رمضان , تميّز القيام بين يديه , ثم يحين موعد التهجد فى العشر الأواخر من الشهر الحبيب فتكون بمثابة التدريب الايمانى الروحانى الربانى الكبير فنسمات الليل وقتها تكون جميلة
.. وتكون فيها السكينة , ونستشعر بأن ملائكة السماء تلاحقنا وتزاحمنا بل وتلتصق بأجسادنا , فيتحقق بذلك صفاء النفس والروح والفكر , فما أحلى هذه المدرسة الإيمانية العظيمة مدرسة القيام , فيها يبتعد
المرء عن كل ما في الدنيا من نعيم ليقف بين يدي صاحب النعيم الأبدي ربنا – عز وجل – متمنياً وراجياً بذلك رحمة الرب الكريم ...
ما أحلى الوقوف بين يد الله في السحر ...
ما أحلى قطرات الدموع التي تنهمر من خشية الله في السحر ...
ما أحلى رفع الأيدي إلى الله في السحر ...
ما أحلى الشكوى إلى الله في السحر ...
* ( أقسمنا عليك ياالله أن تُحرّم وجوهنا وآبائنا وأمهاتنا وزوجاتنا وأبنائنا وأقاربنا ) *
وإلى لقاء فى حلقتنا الثانية إن شاء الله .. مع حياة جديدة للروح فى رمضان .
___________________
* عضو رابطة أدباء الشام – لندن .