أحدث المشاركات

لبنان» بقلم عبده فايز الزبيدي » آخر مشاركة: عبده فايز الزبيدي »»»»» تعقيبات على كتب العروض» بقلم عبده فايز الزبيدي » آخر مشاركة: عبده فايز الزبيدي »»»»» نظرات فى تفسير سورة الإخلاص» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» ( و كشـفت عن ساقيها )» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: محمد نعمان الحكيمي »»»»» الأصواتيون وعِلم العَروض العربي.. عجيبٌ وأعـجب..!» بقلم ابو الطيب البلوي القضاعي » آخر مشاركة: ابو الطيب البلوي القضاعي »»»»» الخِصال السّبع» بقلم مصطفى امين سلامه » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رباعيات للشاعر صلاح چاهين» بقلم سالى عبدالعزيز » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» المعاني النحوية - رأي في آيات زوال الكيان الصهيوني» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» من هو السامري - رأيي» بقلم خالد أبو اسماعيل » آخر مشاركة: خالد أبو اسماعيل »»»»» دفق قلم القرآن والإنصات» بقلم نورة العتيبي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 34

الموضوع: ** رمضانيات / وجبات لا تُفطر **

  1. #21
    الصورة الرمزية نادية بوغرارة شاعرة
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20,306
    المواضيع : 329
    الردود : 20306
    المعدل اليومي : 3.10

    افتراضي

    قبل أن يرحل رمضان
    مشعل بن عبد العزيز الفلاحي

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


    دع البكاء على الأطلال والدار *** واذكر لمن بات من خل ومن جار

    وذر الدموع نحيبًا وابك من أسف *** على فـراق ليال ذات أنـوار

    على ليال لشهر الصوم ما جعلت *** إلا لتمحيـص آثــام وأوزار

    يا لائمي في البكاء زدني به كلفًا *** واسمع غريب أحاديـث وأخبار

    ما كان أحسننا والشمل مجتمع *** منا المصلي ومنا القانـت القاري



    وداعًا يا شهر رمضان!
    وداعًا يا شهر الخيرات والإحسان!
    وداعًا يا ضيفنا الراحل!
    مضى كثيرك ولم يبق بين أيدينا منك إلا أيام قلائل عشر تجاورنا اليوم، وهي إلى الرحيل أقرب من البقاء،
    ولئن قال ابن رجب في لطائفه عند الفراق: "يا شهر رمضان تَرَفَّق، دموع المحبين تَدَفّق، قلوبهم من ألم الفراق تَشَقَّق،
    عسى وقفة للوداع تُطفِئ من نار الشوق ما أحرق، عسى ساعة توبة وإقلاع ترقع من الصيام ما تخرّق، عسى منقطع من ركب المقبولين يلحق،
    عسى أسير الأوزار يُطلق، عسى من استوجب النار يُعتق". فما أحرانا بتدبُّر قوله: وفعل يطفئ حرارة الوداع!!

    أيها الشباب، قبل أن تُشيعوا ضيفكم الميمون عودوا إلى أنفسكم -حفظكم الله- وتأملوا ماذا قدّمتم بين يديه؟
    وما هي الأسرار التي بينكم وبين ربكم في أيام شهركم وسيرحل بها رمضان؟ هاتفني شاب في رمضان بعد سماع إحدى
    المواعظ وحدثني في الهاتف حديثًا طويلاً، أذكر من قوله: أشعر من حديثكم أنكم تشعرون بفقد الشهر
    وتتحسّرون على فوات أيامه! فلماذا أنا لا أشعر بذلك؟ وبعد حديث طويل عن سر فقْد الفرحة في قلب من يحاورني،
    قال لي: عفوًا أخي، في شهر رمضان أسررت المعصية، وتجاهلت الطاعة،
    وكم هي المرات التي لا أشهد فيها صلاة التراويح، وإن شهدتها فصورة بلا معنى، وحركات بلا روح، القرآن عهدي به
    من زمن بعيد وقد حاولت أن أمد يدي إليه مع جملة الذاكرين، لكن نفسي حبستني عن الاستمرار، وها أنا ما زلت في بدايته إلى اليوم.

    أما المعصية فتدفعني لها نفسي دفعًا حتى إنني واقعت أنواعًا من المعاصي مرارًا في شهر رمضان، فعيني تخطّت ستار المعروف،
    واجتالت في حرمات الله تعالى، وأذني أبتْ إلا أن تتجاوز حدها الشرعي، فانتهكت ما حرم الله، ونفسي التي بين جنبيّ جاهدتها كثيرًا
    فكابرت ومانعت واستعصت علىّ، بل ما زالت بي حتى أوقعتني في الفاحشة... وما زال يحدِّث حتى انْهَار باكيًا، واستعبر أمامي في البكاء،
    وأخذ يردد أثناء حديثه: أخشى أن لا أكون ممن غفر الله لهم أو تقبّل منهم، أخشى أن يختم الله لي بخاتمة السوء! فأصبح أسير أحزاني!
    أنا لست وحيدًا في طريق اليأس، فكثير من الشباب أمثالي. فما زلت به أخفف عنه هذه الآلام حتى عاد يسمع حديثي من جديد، فقلت له:
    أخي الشاب، ما زال في الأمل فسحة، وفي الوقت بقيَّة، والعبرة بالخواتيم. وأنا وإياك نشهد هذه العشر المباركة،
    فهل يمكن أن تضع يدي في يدك وتعاهدني على المسير؟ فقال: أي والله مسير يعيد لي الفرحة والبسمة في حياتي من جديد لِمَ لا أقبل به؟
    ولم لا أعيشه وقد عشت كل معاني الحرمان في المعصية والدأب عليها؟

    فقلت له: أقبلْ -حفظك الله- إلى حديثٍ، أرعني سمعك، وجُدْ عليَّ بشيء من وقتك، فعندي سر السعادة التي تنتظرها،
    عندي لك قول الله تعالى:
    {قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} [الزمر: 53].
    دواء للمنكسرين من أمثالك، لكن بشرطها الوحيد: التوبة الصادقة التي رأيت من آثارها أثر الدموع بين عينيك.

    وعندي لك قول رسولك : "لله أشد فرحًا بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاة،
    فانفلتت منه وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها وقد أيس من راحلته،
    فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك! أخطأ من شدة الفرح"[1].

    إذن لم يبق عليك -حفظك الله- إلا الإقبال على ما بقي من شهرك؛ إذ هذه الأيام هي الخاتمة،
    وهي سر الشهر وأفضل أيامه على الإطلاق، فهذا رسول الله تقول عنه عائشة رضي الله عنها:
    "كان النبي إذا دخل العشر أحيا الليل، وأيقظ أهله، وجدّ وشدّ المئزر". ولك في رسول الله أسوة حسنة. هذه الليلة العظيمة التي قال فيها رسول الله :
    "من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه"[2].

    وقد أخبر الله عن هذه الليلة أنها خير من ألف شهر في كتابه المبين، فقال تعالى:
    {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 1-3].
    وأخبر رسول الهدى أن هذه الليلة في ليالي العشر، حين قال : "تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان".
    أقبلْ على عشر رمضان -حفظك الله- بكل جهدك وقوتك، واحرص على أن يكون ختام شهرك ختامًا حيًّا مباركًا تُزوّد فيها بالطاعات،
    احرصْ على الفريضة مع الإمام، واللهَ اللهَ أن يشهد الله عليك أو حتى أحد من خلقه تخلُّفًا عن الجماعة بنوم أو كسل، الزم النافلة القبلية والبعدية،
    واحرصْ على أداء صلاة التراويح والقيام مع جموع المسلمين، ولازم فيها دعاء: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني؛
    فهي وصية رسول الله لأم المؤمنين. أكثرْ من قراءة القرآن، ونوِّع في القراءة ما بين حدرٍ وترتيل، ولتكن عنايتك بالتدبُّر
    لآيات القرآن الكريم؛ فإن في ذلك خيرًا كثيرًا. قُمْ برعايتك والديك، وقبِّل رأسهما كل مساء، والزمهما بالطاعة والبر؛
    فإن ذلك من أعظم فرص استغلال شهر رمضان. صِلْ أرحامك وتعاهد جيرانك؛ فإن ذلك من خلق المسلم.

    وإنني إذ أدعوك إلى التمعُّن في هذه الأحاديث إنما أدعوك للتحرر من الكسل، واستقبال الآخرة، والإقبال على عشر رمضان الأخيرة،
    ففيها -بإذن الله تعالى- سر السعادة المرتقبة التي تبحث عنها، وإنما حين أقرر لك أن هذا هو طريق السعادة آمل منك أن تجرِّب هذا الطريق،
    ولن تجد أجمل منه ولا أسعد على وجه هذه الحياة! وهؤلاء الذين تراهم في مجتمعك تبرق أسارير وجوههم بالاستقامة هم كانوا مثل
    ما أنت فيه الآن من الحيرة والاضطراب والهمّ والغمّ، وخاضوا هذه التجربة في بداية حياتهم، وحينما وجدوا المفقود والسر الغائب
    في حياتهم قرروا التوبة، وهم اليوم -وكل يوم- يرددون قول القائل: والله إنها لتمر بي ساعات يرقص فيها القلب فرحًا من ذكر الله.
    ويلهجون بقول الله تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس: 58].

    وفقك الله، وسدد خطاك، وعلى طريق الخير بإذن الله تعالى نلقاك.

    ====

    [1]متفق عليه من حديث أنس.
    [2]متفق عليه من حديث أبي هريرة.
    http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showthread.php?t=57594

  2. #22
    الصورة الرمزية عصام ميره شاعر عامية
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 987
    المواضيع : 41
    الردود : 987
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي



    وداع رمضان ... وزكاة الفطر
    كنَّا قبلَ مدَّة نتحدَّث عن قدومِ رمضان، واستبشارِ المسلمين بفضائله، وعظيمِ قدْره، وضرورة اغتنام نفحاته، وها نحن اليومَ نتحدَّثُ عن وداعه، وسرعة انصرامه، فهل استجبْنا لداعي الخير الذي علمناه رمضان؟ والله - تعالى - يقول: {اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَ مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَأٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ} [الشورى: 47]، إنَّما هي الأعمار تفنَى، والأيام يشد بعضها في بعض.

    تَمُرُّ بِنَا الْأَيَّامُ تَتْرَى وَإِنَّمَا نُسَاقُ إِلَى الْآجَالِ وَالْعَيْنُ تَنْظُرُ
    فَلاَ عَائِدٌ ذَاكَ الشَّبَابُ الَّذِي مَضَى وَلاَ زَائِلٌ هَذَا الْمَشِيبُ الْمَكَدَّرُ

  3. #23
    الصورة الرمزية عصام ميره شاعر عامية
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 987
    المواضيع : 41
    الردود : 987
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي


    صيام التطوع

    1- إن كان رمضانُ دُربةً على الصيام، فهلاَّ التزمتَ بصيام التطوُّع، الذي بَيَّنَ
    النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - عظيمَ فضله، وجزيلَ الجزاء عليه؟ من ذلك:
    • صيام ستَّة من شوال، التي تُعتَبر بمثابة النفل الذي يَجبُر النقصَ الذي قد يحصل في الفريضة؛ قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صام رمضان، ثم أتبعه ستًّا من شوال، كان كصيام الدَّهْر))؛ مسلم، سواء كانت في أوَّل شوال، أم في آخره، متتابعةً أم متفرِّقة، وإن كان التتابعُ أفضل.
    • ومن ذلك صوم الاثنين والخميس، حيث تُعرَض الأعمالُ على الله – تعالى - قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((تُعرَض الأعمالُ في كلِّ يوم خميس واثنين، فيغفر الله - عزَّ وجلَّ - في ذلك اليوم لكلِّ امرئ لا يشرك بالله شيئا، إلاَّ امرَأً كانتْ بينه وبين أخيه شحناء، فيُقال: ارْكُوا (أخِّروا) هذين حتى يَصطلحَا، ارْكُوا هذين حتى يصطلحَا))؛ مسلم.
    وعن أبي هريرة - رضي الله عنه -: أنَّ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((تُعرَض الأعمالُ يومَ الاثنين والخميس، فأحبُّ أن يُعرضَ عملي وأنا صائم))؛ صحيح سنن الترمذي.
    • ومن ذلك صيام الأيَّام البِيض، التي جعلها الرسول ُ - صلَّى الله عليه وسلَّم - كصيام الدهر، والتي لم يكن رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يَدَعُ صيامَها في سفر أو حضر.
    • ومن ذلك صيامُ معظم شعبان.
    • ومِن ذلك صيام العشر الأوائل من ذي الحجَّة، التي تعتبر أفضلَ أيام السَّنة على الإطلاق، حيث يكون العملُ الصالح فيها أحبَّ إلى الله - عز وجل.
    • ومن ذلك صيام يوم عرفة لغير الحاجِّ؛ لأنَّه يكفِّر صغائرَ ذنوب سنتين: ماضية وقادمة.
    • ومن ذلك صيامُ يوم عاشوراء؛ لأنَّه يُكفِّر سَنةً ماضية.

    فليس الصيام خاصًّا برمضان، بل هو تدريبٌ لصيام هذه المناسبات وغيرها؛ قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أحَبُّ الصلاة إلى الله صلاةُ داود - عليه السلام - وأحبُّ الصيام إلى الله صيامُ داود، وكان ينام نِصفَ اللَّيل، ويقوم ثُلُثَه، وينام سُدُسَه، ويصوم يومًا، ويُفطر يومًا))؛ متفق عليه.

    ويقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((ما من عبدٍ يصوم يومًا في سبيل الله، إلاَّ باعَدَ الله بذلك اليومِ وجهَه عن النار سبعين خريفًا))؛ متفق عليه.

  4. #24
    الصورة الرمزية عصام ميره شاعر عامية
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 987
    المواضيع : 41
    الردود : 987
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي


    البذل والعطاء

    2- وإن تعودتَ في رمضان على البَذْل والعطاء، وتفطير الصائمين، والتصدُّق على المحتاجين، فهلاَّ بقيت على هذا العهد بعدَ رمضان، فأطعمتَ الجِياع، وكسوتَ العراة، وواسيتَ المرضى؛ يقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهدِ في سبيل الله، أو القائم الليل، والصائم النهار))؛ متفق عليه.

  5. #25
    الصورة الرمزية عصام ميره شاعر عامية
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 987
    المواضيع : 41
    الردود : 987
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي


    قيام الليل

    3- وإذا تعودتَ في رمضان قيام اللَّيْل، واستمتعتَ بما شرَّفك الله به من الوقوف بين يده، فهلاَّ حافظتَ على هذا الشرف خارجَ رمضان.

    عن سهل بن سعد - رضي الله عنهما - قال: جاء جبريل إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - فقال: ((يا محمد، عشْ ما شئتَ فإنَّك ميِّت، واعملْ ما شئتَ فإنَّك مجزِيٌّ به، وأحببْ مَن شئتَ فإنك مفارِقُه، واعلم أنَّ شرفَ المؤمن قيامُ الليل، وعزَّه استغناؤه عن الناس))؛ رواه الطبراني في الأوسط، وهو في صحيح الترغيب.

  6. #26
    الصورة الرمزية عصام ميره شاعر عامية
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 987
    المواضيع : 41
    الردود : 987
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي


    ارتياد المساجد

    4- وإذا تعودتَ في رمضان ارتيادَ المساجد، وحضورَ الجماعة، فهلاَّ واظبت على الطريقة بعدَ رمضان، ورسولنا الكريم - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُبشِّرنا ويقول: ((ما تَوطَّن رجلٌ مسلِم المساجدَ للصلاة والذِّكْر، إلاَّ تَبشبَش الله له (تلقَّاه ببرِّه وكرمه) كما يتبشبش أهلُ الغائب بغائبهم إذا قَدِم عليهم))؛ صحيح سنن ابن ماجه.

    فإذا واظبتَ على الصلاة في الجماعة، جَعَل الله لك من الحِفْظ والصيانة والأجر ما لا يظفرُ به إلاَّ محبٌّ لربه، عالم بقدره؛ يقول النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صلَّى البَرْدَين (الفجر والعصر) دَخَل الجنة))؛ متفق عليه، ويقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صَلَّى الصبحَ فهو في ذِمَّة الله (ضمانه وأمانه وحفظه))؛ مسلم، وفي حديث آخر: ((مَن صلَّى الصبح في جماعة، فهو في ذمَّة الله))؛ صحيح الترغيب.

    ويقول - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن صلَّى العِشاءَ في جماعة، فكأنَّما قام نِصفَ اللَّيْل، ومَن صلَّى الصبحَ في جماعة، فكأنَّما صلَّى الليل كلَّه))؛ مسلم.

  7. #27
    الصورة الرمزية عصام ميره شاعر عامية
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 987
    المواضيع : 41
    الردود : 987
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي



    5- هل سألتَ نفسك - ورمضان ولَّى - هل أنت من المسرورين، أم من المحرومين؟ هل صنتَ صيامك، وجَوَّدت قيامك؟
    وَاعْلَمْ بِأَنَّكَ لَنْ تَنَالَ قَبُولَهُ حَتَّى تَكُونَ تَصُومُهُ وَتَصُونُهُ
    قال الحسن البصريُّ - رحمه الله -: "إنَّ الله جعل رمضان مضمارًا لخلقه، يستبقون فيه إلى مرضاتِه، فسبق قوم ففازوا، وتخلَّف آخرون فخابوا، فالعجبُ من اللاَّعب الضاحِك، في اليوم الذي يفوز فيه المحسِنون، ويخسر فيه المبطلون!".

    أَيُّ شَهْرٍ قَدْ تَوَلَّى يَا عِبَادَ اللَّهِ عَنَّا
    حُقَّ أَنْ نَبْكِي عَلَيْهِ بِدِمَاءٍ لَوْ عَقَلْنَا
    ثُمَّ لاَ نَعْلَمُ أَنَّا قَدْ قُبِلْنَا أَمْ حُرِمْنَا
    لَيْتَ شِعْرِي مَنْ هُوَ الْمَحْـ ـرُومُ وَالْمَطْرُودُ مِنَّا

    فإن آنستَ من نفسك أنَّك كنتَ مقصِّرًا، فلا تحزن، فأمامَك ليلةٌ أخرى وتر، هي ليلة التاسع والعِشرين، فاغتنِمْها بكثرة الصلاة والدُّعاء، وقراءة القرآن ليلاً ونهارًا، والتحصُّن من الوقوع فيما يخدش في صومِك وقيامك، والله يتولاَّك ويرعاك، و{هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ} [التوبة: 104].

  8. #28
    الصورة الرمزية عصام ميره شاعر عامية
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 987
    المواضيع : 41
    الردود : 987
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي

    زكاة الفطر

    1- زكاةُ الفِطر واجبةٌ على مَن له كفايةٌ يومَ العيد، ولذلك يُخرجها الفقيرُ ولو كان يأخذها من غيره، إذا اكتفى في هذا اليوم.
    2- وشُرِعت نشرًا للمحبَّة والإخاء بين الناس، وإدخالاً للسرور عليهم، وتزكية للبدن، وتطهيرًا له ممَّا قد يكون الصائم قد ارتكبَه من خلل في رمضان.
    عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: "فَرَض رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - زكاةَ الفِطر طُهرةً للصائم من اللغوِّ والرفث، وطُعمةً للمساكين"؛ صحيح سنن أبي داود.
    3- ويؤدِّيها عن نفسه، وعمَّن يُنفِق عليه؛ لحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -: "أَمَر رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بصَدقةِ الفِطر عن الصغير والكبير والحرِّ والعبدِ ممَّن تمونون"؛ رواه الدارقطني، وهو حديث حسن، ويدخل في ذلك الجنين في بطن أمِّه، والمطلَّقة رجعيًّا إذا كانتْ في عدتها، والخَدَم غير المأجورين.
    4- وهي صاع (أربعة أمداد) من غالب قُوتِ أهل البلد، وهذا هو الأصل، وقد يعدل عنه لإخراجها نقدًا إذا كان ذلك أنفعَ للفقير، ومقدارُها الذي نصَّ عليه المجلس العلمي بمدينتنا هو: 14 درهمًا.
    5- أفضل أوقاتها: بعدَ غروب الشَّمس من آخِرِ يوم من رمضان، إلى حين خروج الإمام لصلاة العيد، والأفضل أن تؤدَّى صباحَ العيد، قبلَ الصلاة، فإذا أُخرجت بعدَ الصلاة صارتْ صدقة من الصدقات؛ لحديث ابن عبَّاس السابق: ((مَن أدَّاها قبلَ الصلاة، فهي زكاةٌ مقبولة، ومن أدَّاها بعدَ الصلاة، فهي صدقة من الصدقات))، وعند المالكية أنَّ مَن أخَّرها بغير عُذر فهو آثم، غير أنَّه يُرخَّص في تقديمها بيوم أو يومين؛ لقول عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما -: "وكانوا يُعطُون قبلَ الفِطر بيوم أو يومين"؛ أخرجه البخاري.

    ولا تنسوا - رحمكم الله - أن تغتسلوا وتتطيبوا قبلَ الخروج لصلاة العيد، والجهرَ بالتكبير من غروب شمس ليلةِ العيد حتى يصعدَ الإمامُ المنبر، ويُستحبُّ الخروج مشيًا، وأن يخرجَ من طريق، ويرجعَ من طريق آخَرَ؛ تكثيرًا للأجْر، يقول سعيد بن جُبير: "سُنَّة العيد ثلاث: المشي، والاغتسال، والأكل قبلَ الخروج"، ويَحسُن أن يكونَ الأكلُ تمرات وترًا؛ لِمَا رواه البخاري عن أنس قال: "كان رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لا يغدو يومَ الفِطر حتى يأكلَ تمراتٍ، ويأكلهن وترًا".

    فإذا وصلتَ المُصلَّى، فاجلسْ دون صلاةِ ركعتَين؛ لأنَّه ليس بمسجد، وأكثِروا من الدُّعاء واجتنابِ المعاصي، قال أحد السلف: "كلُّ يومٍ لا يُعصَى اللهُ فيه فهو عيد".

  9. #29
    الصورة الرمزية عصام ميره شاعر عامية
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 987
    المواضيع : 41
    الردود : 987
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي


    بِالأَمْسِ أَقْبَلَ مُشْرِقَ المِيلادِ شَهْرُ التُّقَاةِ وَقِبْلَةُ العُبَّادِ
    فِي مَوْكِبِ الأَفْرَاحِ حَطَّ رِحَالَهُ وَأَقَامَ فِي بِشْرٍ وَفِي إِسْعَادِ
    حُلْمٌ يَمُرُّ وَفُرْصَةٌ مَرْغُوبَةٌ كَالطَّيْفِ لا كَبَقِيَّةِ الآمَادِ
    وَاليَوْمَ شَدَّ إِلَى الرَّحِيلِ مَتَاعَهُ قَدْ زَوَّدَ الدُّنْيَا بِخَيْرِ الزَّادِ
    لا أَوْحَشَ الرَّحْمَنُ مِنْكَ مَنَازِلاً خَيْرَ اللَّيَالِي بَيْنَ كُلِّ مَعَادِ
    رَمَضَانُ تَأْتِي وَالوُجُودُ مُعَرِّسٌ وَتَجِيءُ إِثْرَكَ بَهْجَةُ الأَعْيَادِ
    وَإِذَا عَزَمْتَ عَلَى الرَّحِيلِ فَإِنَّمَا حُزْنُ الفِرَاقِ يَحِزُّ فِي الأَكْبَادِ

    ................
    خَلِيلَيَّ شَهْرُ الصَّوْمِ زُمَّتْ مَطَايَاهُ وَسَارَتْ وُفُودُ العَاشِقِينَ بِمَسْرَاهُ
    فَيَا شَهْرُ لا تَبْعَدْ لَكَ الخَيْرُ كُلُّهُ وَأَنْتَ رَبِيعُ الوَصْلِ يَا طِيبَ مَرْعَاهُ
    مَسَاجِدُنَا مَعْمُورَةٌ فِي نَهَارِهِ وَفِي لَيْلِهِ وَاللَّيْلُ يُحْمَدُ مَسْرَاهُ
    عَلَيْكَ سَلامُ اللَّهِ شَهْرَ قِيَامِنَا وَشَهْرَ تَلاقِينَا بِدَهْرٍ أَضَعْنَاهُ

  10. #30
    الصورة الرمزية عصام ميره شاعر عامية
    تاريخ التسجيل : Jan 2012
    المشاركات : 987
    المواضيع : 41
    الردود : 987
    المعدل اليومي : 0.21

    افتراضي



    ها هو رمضان يوشكُ أن ينتهي، هذا الضيف الكريم يوشك أن يرحلَ عنَّا، من الناس مَن أحسنَ وفادته، ومِن الناس مَن أكرمَ زيارته، ومِن الناس مَن أجملَ ضيافته، ومن الناس مَن رحلَ عنه رمضانُ وهو يحملُ له أسوءَ الذكريات.

    إعلانات رمضان قبل الرحيل:
    ها هو رمضان يوشك على الرحيل، يُعْلنُ فينا أنَّ كلَّ شيءٍ إلى فوات، وكلَّ جمْعٍ إلى شتات، وكلَّ حَيٍّ إلى مَوات، وأنَّ الله - عز وجل - يجمعُ الناس كلَّ الناس ليومٍ لا ريبَ فيه؛ ﴿ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ﴾ [آل عمران: 9].

    إنَّ هذا الشهر الكريم يُعلن فينا أنه لا قيمةَ إلا بالإيمان، ولا نجاة إلا بالتقوى، ولا فوزَ إلا بالطاعة، ولا يَنال الدرجات العُلا إلا رجلٌ مُجاهِد ينصرُ العقيدةَ، ويَحْمي الحقَّ، ويجابه الباطلَ، إذا قُرِئ عليه القرآن يستمع، وإذا نُودِي بالإيمان فإنه يُلبِّي؛﴿ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [النور: 51].

    ﴿ رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ ﴾ [آل عمران : 193].

    يوشكُ رمضان على الرحيل وقد ضربَ الله - عز وجل - لنا طريقًا إليه نسلكُه، ونتعبَّدُ إلى الله فيه؛ ﴿ وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ [الأنعام: 153].

    وهناك حبْلٌ طرفُه بأيديكم والطرف الأخر بيد الله؛ ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ﴾ [آل عمران: 103].

    حبلُ الله المتين، وصراطُه المستقيم، ودستوره الحكيم، ونوره المبين، مَن قال به صدقَ، ومَن عمل به أُجِر، ومَن حَكَمَ به عدل، ومَن تركَه مِن جبَّارٍ قصمَه الله ولا يبالي، القرآن الذي أُنزل في شهر رمضان هدًى للناس وبيِّناتٍ من الهدى والفُرقان؛ ﴿ شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185].

    القرآن مجْدُ الأُمَّة، وعِزُّ الأُمَّة، ومكانة الأُمَّة؛ ﴿ لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [الأنبياء : 10].

    كتابٌ فيه مجدُكم، فيه عِزُّكم، فيه كرامتُكم، فيه حياتُكم، فيه تاريخُ أُمَّتكم، فلماذا نركنُ إلى الذِّلَّة وبأيدينا العِزَّة؟ ولماذا نسلُك طريقًا مُعوجًّا ولدينا طريقٌ مستقيمٌ.

    احْترسْ؛ إياك أن تعبدَ رمضانَ:
    يوشكُ رمضانُ على الانتهاء، فمن كان يعبدُ رمضان، فإنَّ رمضان يوشكُ على الانتهاء، ومَن كانَ يعبدُ الله، فإنَّ اللهَ حَيٌّ لا يموت؛ ﴿ مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ بَاقٍ وَلَنَجْزِيَنَّ الَّذِينَ صَبَرُوا أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [النحل: 96].

    الذين صبروا على الطاعة، صبروا على العبادة، صبروا على الصيام، صبروا على القيام، صبروا على تلاوة القرآن، صبروا لا صبر الاستسلام، إنما صبرُ الاستعلاء، لا صبر القعود، إنما صبرُ النهوض، لا صبر الخمول والكسل، إنما صبرُ النشاط والعمل؛ ﴿ قُلْ يَا عِبَادِ الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ [الزمر: 10]؛ أي: يغرفُ لهم من الحسنات غرْفًا.

    الاستقامة المنشودة:
    استقيموا على الطاعة، الإمام يدعوكم في اليوم خمسَ مرات في الصلوات: استقيموا يرحمكم الله، هل تستقيم هنا فقط؟ كلاَّ، تستقيم في بيتك، تستقيمُ في عملك، تستقيم في سفرك، في يُسْرك وعُسْرك، في صحَّتك و مَرضك، في حِلِّك وترحالك، في قوَّتك وضَعفك، في غِنَاك وفقْرك، تستقيم على منهج الله، وعلى سُنَّة رسول الله، فالله - عز وجل - فتحَ لنا بابَه واستضافنا في بيته، وشرَّفنا بالمثول بين يديه، تلتقي وجوهُنا فتلتقي في الحياة آمالُنا، تتصافح أيدينا فتتصافح قلوبُنا، تستقيم صفوفُنا فتستقيم في دنيا الناس مناهجُنا، تتوحَّد قِبْلتُنا فتتوحَّد غايتُنا، نعبدُ ربًّا واحدًا، ونقرأ كتابًا واحدًا، ونتبعُ رسولاً واحدًا، ونتَّجه إلى قِبْلة واحدة، وصدقَ الله إذ يقول: ﴿ وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ [المؤمنون: 52]؛ أي وحدة أفضلُ من هذه الوحدة؟! الإسلام جمَعَنا من شتاتٍ، وأحيانًا مِن مَوات، وهَدانا من ضلالة، وعَلَّمَنا من جَهَالة، فلِمَ نفرِّطُ فيه؟ ولِمَ لا نستقيم على أمره؟!

    ﴿ فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴾ [هود : 112]، اسْتقمْ كما أُمِرْتَ، إنها الأمانة، إنَّه طريقٌ طويل، وعبادات مُستمرَّة، تعبدُ ربَّك ليس في المسجد فقط، وليس اليوم فقط، وإنَّما في كلِّ مكانٍ تطؤه بقدمك، وتحياه بروحك، لا يصحُّ أنْ ننتقيَ من العبادات فنأخذ ونترك، وإنَّما الإسلام منهجُ حياة شاملٌ لكلِّ زمانٍ وكلِّ مكان؛ ﴿ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَى أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 85].

    الاستقامة على أمْرِ الله وعلى طاعة الله في رمضان وبعد رمضان، العبد عند قُدومه على ربِّه وقتَ الاحْتضار يحيطه البعيدُ والقريب، الحبيبُ والطبيب، الأخ والصديق، لكن هل يستطيعُ أحدٌ أن يضيفَ إلى عُمره شيئًا؟ أو أن يزيدَ من رِزْقه شيئًا؟ أو يعيدَ رُوحَه التي سُلِبَتْ؟ كلاَّ؛ يقول الله - عز وجل-: ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الواقعة: 83 - 87].

    في وقت الاحْتضار يحتاجُ المحتضَرُ إلى مَن يثبِّته عند الموت، ومَن يُطَمْئِنه على ما خَلَّفَ، ومَن يبشِّره بما هو قادمٌ إليه، المؤمن المستقيم على أمْرِ الله يبعثُ الله له ملائكةً كِرامًا تُثَبِّته عند السؤال، وتُطَمْئنه على الأولاد، وتبشِّره بما هو آت؛ ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ * نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ * نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ ﴾ [فصلت: 30 - 32]. بل إنَّ الملائكةَ لتأخذ العبدَ المستقيم على أمرِ الله مِن يَديْه وتُدْخِله الجنة، وتُهَنِّئه بالفوز بالجنَّة والنجاة من النار؛ ﴿ وَالْمَلَائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ * سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ ﴾ [الرعد : 23 - 24].

    ما أجمل العبادةَ، وما ألذَّ الطاعة! مَن جرَّب لذَّة الطاعة هل يعود إلى مَرارة العِصْيان؟ كيف؟! تنتهي آلام العبادة ويَبْقى عند الله أجْرُها، وتنتهي لذَّةُ المعْصية ويبقى عند الله وِزْرُها، هل نعود إلى الضلال بعد الهُدى؟ هل نعود إلى الظلام بعد النور؟ كلاَّ!! وإنما يجبُ أن نستقيمَ على أمرِ الله.

    العودة إلى الصفر الممقوت:
    ضربَ الله مثلاً في القرآن لامرأة حَمْقَاء كانت في مكان بين مكة والطائف،كانت تغزلُ الصوفَ، وكان معها فِرَقُ عملٍ من النساء والفَتَيَات،كُنَّ يَغْزِلْنَ معَها، وكانتْ تصنعُ شيئًا من الصوف عجيبًا وجميلاً، كانت تغزلُ حتى إذا انتصفَ النهار فكَّتْ ما غَزَلته، ونقضتْ ما صنعتْه، أعادتْه كما كان، وكأنَّ شيئًا لم يكنْ؛ ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ ﴾ [النحل: 92].

    الذي كان يتلو القرآن ثم يهجرُه بعد رمضان، فقد نَقَضَ غزله، والذي وَصَلَ رحِمَه ثم قَطَعَه بعد رمضان، فقد نَقَضَ غَزْله، هذه الوجوه التي سجدتْ لله في رمضان يجبُ ألاَّ تتَّجه لغير الله بعد رمضان، هذه العيون التي بكتْ من خشية الله في رمضان يجبُ ألاَّ تنظرَ إلى الحرام بعد رمضان، لا تتتبَّع النظرات الخائنة، وإنما تنظر إلى عجيبِ صُنْع الله، هذه البطون التي صامتْ عن الحلال في رمضان، يجبُ ألاَّ تقترفَ الحرام بعد رمضان، هذه الأقدامُ التي سعتْ إلى بيوت الله في رمضان، يجبُ ألا تسعى في الفساد والإفساد في الأرض بعد انقضاء رمضان، هذه اليد التي كانتْ مَمرًّا لعطاء الله؛ تنفقُ وتُعْطي في رمضان، لا يجبُ أن تبطشَ وتسرقَ وتختلسَ بعد رمضان.

    إعلان آخر مميز:
    يوشكُ رمضان على الانتهاء، وهو يُعلِّمنا أنَّ القلبَ المعمور بالإيمان، المنساق إلى الحقِّ، المنطلق إلى الصواب - لا يخرجُ منه إلا ما ينفعُ البلاد والعبادَ، لا يخرجُ منه إلا ما يُعبِّدُ الطريق إلى الله، لا يخرج منه إلا ما يرعى العهود، الذين يتعاونون في رمضان على البرِّ والتقوى، يجمعون الزكوات، ويوزعونها على الفقراء والمساكين، يُقيمون تكافلاً لأفْراد المجتمع غير القادرين، فيمثِّلون حَلَقة الوصْل بيْن الأغنياء والفقراء، إنَّهم يَبْغون الأجْرَ من الله، يَعتزون بإسلامهم، ويفرحون بطاعة ربِّهم، فيرفع الله أعمالَهم، ويصعد إلى الله كَلمُهم الطيِّبُ؛ ﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئَاتِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَكْرُ أُولَئِكَ هُوَ يَبُورُ ﴾ [فاطر: 10].

    ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس، وأحبُّ الأعمال إلى الله سرورٌ تُدْخله على قلبِ مسلمٍ، تكشف عنه كربه أو تطرُد عنه جوعًا، أو تقْضي عنه دَيْنًا))؛ حسن صحيح.

    عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن نفَّس عن مُؤْمنٍ كُرْبة من كُرَب الدنيا، نفَّس اللهُ عنه كُرْبة من كُرَب يومِ القيامة، ومَن سَتَرَ مسلمًا، سترَه الله في الدنيا والآخرة، ومَن يَسَّر على مُعْسِرٍ يَسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة، والله في عون العبدِ ما كان العبدُ في عون أخيه، ومَن سَلَكَ طريقًا يلتمسُ فيه عِلْمًا، سَهَّلَ الله له به طريقًا إلى الجنَّة، وما اجْتمعَ قومٌ في بيت من بيوت الله يتلون كتابَ الله ويتدارسونه بينهم، إلاَّ حفَّتهم الملائكة، ونزلتْ عليهم السكِينة، وغشيتهم الرحمة، وذَكَرَهم الله فيمن عندَه، ومن أبْطأ به عملُه، لم يُسْرِعْ به نَسَبُه))؛ رواه مسلم.

    طوبَى لهؤلاء! هل أنتَ منهم؟
    فطوبَى لشابٍّ نشأ في عبادة ربِّه طاعة لله، وطوبَى لرجلٍ ذَكَرَ الله خاليًا ففاضتْ عيناه، وطوبَى لفتاة أُمِرَتْ بالحجاب فقالتْ: لبَّيك يا الله، وطوبَى لامْرأة أطاعتْ زوجَها، وصامتْ شهرَها، وصلَّتْ خمْسَها حُبًّا في الله، وطُوبَى لِمَن أطْعمَ أفواهًا، وكسا أجسادًا، ورَحِمَ أيتامًا، ووَصَلَ أرحامًا، ونَصَرَ مظلومًا.

    أخوَّة الإسلام والتكافل:
    الإسلام جمعَكم فلماذا تتفرَّقون؟ الإسلام وحَّدكم فلماذا تتشتَّتون؟ الإسلام وجَّهكم إلى الطريق المستقيم فلماذا تَحيدون؟ وهذه الأخوَّة التي نحياها في هذا الشهر الكريم، لماذا نتخلَّى عنها بعد رمضان؟! إنَّ الله يحبُّها؛ ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [الحجرات: 10].

    ورسولُ الله أَمَرَنا بها؛ عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((المسلم أخو المسلم، لا يَظْلِمه ولا يُسْلِمه، مَن كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومَن فَرَّج عن مسلمٍ كُرْبة، فرَّجَ الله عنه بها كُرْبة مِن كُرَب يوم القيامة، ومَن سَتَر مُسْلمًا سَتَرَه الله يوم القيامة))؛ رواه البخاري، ومسلم، وأبو داود.

    هذا الإخاء يجبُ أن يُنَمَّى بعد رمضان بالحبِّ والعطاء، بالبذْل والوفاء، بالتعاون على البرِّ والتقوى، لا على الإثْم والعُدوان.

    نعمة من الله عظيمة أنْ بَلَغْتُم رمضانَ؛ فاشكروا الله؛ غيرُكم تمنَّوا ذلك لكنْ حِيلَ بينهم وبين ما يشتهون، جاء أجلُهم، وانقضتْ أعمارُهم، وانقطعتْ أرزاقُهم، كم ماتَ من الآباء والأجْداد! كم ماتَ من الأبناء والأحْفاد! كم مِن صديقٍ شيَّعْناه! وكم من قريبٍ ودَّعْناه! وكم مِن حبيبٍ في قبره وضعناه! وكم من عزيزٍ تحت الثرى واريناه! كانوا يتمنون أنْ يبلغوا رمضانَ لكنْ: ﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾ [ق: 19].

    يا من بلغْتُم رمضانَ، هل أدَّيْتُم حقَّه؟ هل صُمْتُم إيمانًا واحْتسابًا؟ هل قُمْتُم إيمانًا واحتسابًا؟ هل عِشْتُم ليلَةَ القَدْر كما ينبغي؟

    وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحْتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه، ومَن قَامَ رمضان إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه، ومَن قَامَ ليلة القدْر إيمانًا واحْتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذنبه))؛ مُتفق عليه.

    ليله القدْر:
    تخلَّصْ من ذنوبك وأضفْ إلى عُمرك ما يقاربُ ثلاثة وثمانين عامًا من العبادة والطاعة، واستمتعْ مع الملائكة المُكرَّمين الذين لا يعصون الله ما أمرَهم ويفعلون ما يُؤْمَرون، وكُنْ في هذه الليلة - ليلة القدر - مع الروح جبريل - عليه السلام - أمين وحي السماء وشديد القوى، وتَنَسَّمِ السلام الحقيقيَّ الذي لا فزعَ فيه ولا قلق فيه ولا خوف معه، إنها ليلة القدْرِ؛ يقول الله - عزَّ وجلَّ-: ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ * لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ * تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ * سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ ﴾ [القدر: 1 - 5].

    ((مَن قامَ ليلة القدْر إيمانًا واحْتسابًا، غُفِرَ له ما تقدَّم مِن ذَنْبه))؛ مُتفق عليه.

    اللهمَّ اجعلْ رمضان شاهدًا لنا لا علينا، اللهمَّ كما سلمته لنا تسلَّمه منا مُتَقبَّلاً، اللهمَّ ارْزقْنا الإخْلاصَ في القول والعمل، ولا تجعلِ الدنيا أكبرَ هَمِّنا، ولا مَبْلغ عِلْمنا.

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. رمضانيات
    بواسطة ابراهيم خليل في المنتدى مُنْتدَى رَمَضَان والحَجِّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 26-08-2008, 07:34 AM
  2. رمضانيات
    بواسطة محمدعثمان جبريل في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 10-10-2007, 07:52 PM
  3. رمضانيات
    بواسطة سيد الموجى في المنتدى أَدَبُ العَامِيَّة العَرَبِيَّةِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 29-09-2007, 01:54 PM
  4. رمضانيات !!!!!!
    بواسطة د. حسان الشناوي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 28-10-2006, 10:30 PM
  5. رمضانيات شاعر
    بواسطة سامر هشام سكيك في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 07-11-2005, 02:43 AM