الشعر الشعبي القديم
بقلم: السيد نجم
احتفل العربي بحياته بالغناء من المهد الى اللحد, وكانت الأناشيد والأغاني, فرادى وجماعات.
وتعددت الوان الشعر الشعبي فى جميع العصور.
والأدب الشعبي هو الذي يضم الأدب المعبر عن مشاعر جماعة الناس وأحاسيسها.ومن النقاد من قال أنه الأدب مجهول المؤلف, أو العامي اللغة, أو المتوارث جيلا بعد جيل بالرواية الشفوية.. ويقول د.حسين نصار فى كتابه الهام "الشعر الشعبي" أن فى كل تعريف مأخذ, ولا يوجد التعريف الفاصل القاطع. وان حاول البعض التخلص من مشكلة التعريف بالنسب الى المكان..الأدب الشعبي القروي أي القادم من القرية, أو الأدب الشعبي المدني أي القادم من المدينة.
إذا كان تاريخ الجزيرة العربية يوضح أن العرب فى الجاهلية لم يشعروا, أو لم يشعر كثير منهم, بأنهم أمة واحدة, أو شعب واحد, شعورا قويا, وقد تفاوت هذا الشعور عند الجماعات المختلفة التى تسكن شبه الجزيرة. كما أنهم لا يتكلمون لغة واحدة بل لغتين..جنوبية وشمالية. هنا يثار السؤال ما أثر ذلك على الشعر الشعبي؟
وضح أن بلاد اليمن فى الجنوب أنتجت شعرا شعبيا يتغنون به قبل الإسلام وبعده, وهو ما رواه "عبيد بن شرية"و "وهب بن منبه", بينما الشعر الشعبي فى الشمال شعرا قبليا, وقد غلبه موضوع الحرب..يتغنى للغلام الذي ولد للحرب, أو الفرسة التي ستلد حصانا أو حتى يعلن من بين أفراد القبيلة شاعرا فحلا , لأنه سيكون صوتهم فى الحرب. وهكذا يمكن القول بأن المضمون فى الجنوب كان الغناء المتنوع والحافل بالمناسبات والاحتفالات العامة الإنسانية, بينما مضمون الشعر الشعبي الشمالي محصورا فى الحرب وعناصرها.
أما عن شكل الشعر الشعبي, فقد لعبت عوامل عديدة على التوحيد (تقريبا) بين اللهجات, بحيث شاعت لهجة واحدة. ساعد نزول القرآن والشعراء والتحركات الزائدة فيما بين القبائل..وغيرها الى تقريب اللهجات.. وتلك نماذج من الأغاني الشعبية.
أغاني الأفراح: بليلى وجارات لليلى كأنها نعاج الملا تحدى بهن الأباعر
أمنقطع يا عز ما كان بيننا وشاجر نى ياعز فيك الشواجر
إذا قيل هذا بيت عزة قادني إليه الهوى واستعجلتني البوادر
أغاني الطفولة: كريمة يحبها أبوها
مليحة العينين عذبا فوها
لا تحسن السب وان سبوها
أغاني الآبار: علقت يا حارث عند الورد
بجاذل لا رفل التردي
ولا عبي بابتناء المجد
أغاني البناء: لا يستوى من يعمر المساجدا
يدأب فيها راكعا وساجدا
وقائما طورا وطورا قاعدا
ومن يرى عن الغبار حائدا
الحداء: وصف حداء ناقته "كأنها وقد براها الأخماس
ودلج الليل وهاد قياس
شرائج السبع براها القواس
أناشيد الحرب: أنا الذي عاهدني خليلي
ونحن بالسفح لدى النخيل
ألا أقوم الدهر فى الكبول
اضرب بسيف الله والرسول
النواح: ويل أم سعد سعدا صرامة وحدا
وسؤددا و مجدا وفارسا مغدا
سد به مسدا يفد هاما فدا
أدعية المتسولين: رب عجوز عر مس زبون
سريعة الرد على المسكين
تحسب أن "بوركا" تكفيني
إذا غدوت باسطا يمينى
وتتعدد الأغاني والمواقف التى تتردد فيها, وهذه النماذج قليل منها.
........................