نقاد الشعر/ من قلم غالب أحمد الغول
لم أجد نصاً أدبياً معرضاً لنقد النقاد أكثر من الشعر وصنوفه , فالحمد لله ( ما أكثرهم ) وما أبدعهم في إظهار العيوب ــ نحواً وصرفاً وبلاغة , ولغة , ووصفاً , وإمالة , وتفخيماً , وإنشاداً , ) هذا خلاف الوزن والقافية وصنوف الشعر وتعدد الأوزان , وكأنهم يريدون أن يقولوا للشعراء الجدد ـــ قفوا عن هذيانكم , فما أنتم من الشعراء بشيء ) ولا يعني ذلك عدم توجيه الشاعر المبتدئ بإشارة أو برمز أو بلون ليقوم بتعديل ما وقع منه سهواً من عدم المراجعة أو حتى جهلاً ,لكن الذي أقصده, هي الأساليب المنفرة , لإظهار وإشهار ما أخطأ به الشاعر الناشئ , من غير معرفة بما يؤثر هذا أوذاك على نفسيتة , والتي بها قد يظهر لدى الشعراء الجدد, نوع من الامتعاض مما يجبرهم التخلص من هموم الشعر القائمة, بل التخلص من الوزن والقافية , إلى أن تصل بهم ــ أيضاً ــ إلى التخلص من النحو والصرف , وهذا يشجعه أعداء اللغة , الذين مالوا إلى ألوان أدبية أخرى يحسبها الظمآن ماء , لقد مالوا قبل عقود قليلة إلى ( قصيدة التفعيلة ) ولما لم يفرق بعضهم بينها وبين ( قصيدة النثر ) , وأقصد الشعراء الجدد , الذين هجروا العروض وعلومه , بدأو في إشهار قصيدة النثر , بكل تفاصيلها , لا يشترط فيها الوزن ولا القافية ولا وجود بعض الكلمات العامية , بل قد يأتي يوم ليتحرر نصهم الأدبي من كل القيود , لتكون رداً على نقاد الشعر العمودي وما يأتون به من تجريح وسلبيات وهوامش أخرى , يعقدون بها الشعراء الجدد , ليهربوا إلى ( القصة القصيرة جداً , أو إلى قصيدة النثر , أو إلى الخاطرة..... ) لأن العروض لم يعرفه أحد منهم , فكيف ينقلون عواطفهم وأحاسيسهم للآخرين؟؟
وهنا أصبح في الكفتين : معيار منهم يهرب من الشعر العمودي نتيجة القيود الصارمة التي تخلو من التشجيع , ويزداد بها النقد والتجريح , ويتجهون إلى الأصناف الأدبية الأخرى , وهنا باستطاعتي أن أقول , بأن حراس اللغة قد يسيء بعضهم إلى لغته نتيجة أسلوبه , أو نتيجة عدم اكتمال ادوات النقد الصحيحة بين أيديهم , وأن حراس الشعر العمودي قد يكتفي الواحد منهم ليبرز ما لديه من نقد ’ لا حرصاً على اللغة العربية , في كثير من الأحيان , بل حرصاً على إبراز ثقافته وشهرته وضلوعه في الأدب والنقد , وهذا أمر قد يؤثر سلبياته على الناشئين , الذين نريد منهم دراسة التراث ( العروض ) وفنون الشعر العمودي , قبل الإطاحة به , ووفقكم الله ورعاكم أجمعين.
أرجو من الإخوة النقاد أن لا يأخذوا ما جاء في هذا النص على أنفسهم , فأنا لا أقصدهم جميعاً, بل كنت منذ زمن أريد أن أفصح عن هذه الظاهرة الأليمة كما أتصورها أنا , لا كما يتصورها الآخرون , فقد أكون أنا المخطئ في مثل هذه التصورات , أو قد أكون مصيباً والله أعلم ..
أخوكم غالب أحمد الغول