قالت : أود سماع قصتك !
قلت لقلبها مختصراً حكايتي بثلاث شهقات : ولدتُ ... بكيتُ ... وسأدفن .... لاقصة لي سوى أني رفيق الحزن والعشق .. هل رأيتِ رجلاً من دموع وأنفاس يكتب عمره نبضاً حائراً بين ملائكة الأرض وجحيم السماوات : حكايتي ...أتحبين لحظة الغروب .. ؟ تلك كانت بدايتي ... والاستثناءات حددت مسيرتي ، والطرق الخضراء سرقت عمامتي ، ومشايخي يطردون حرفي عن سعادتي فتنشق سماوات سطوري .. مطراً ودقاً غدقاً يسقي به الحزن حيرتي ..
مازلت حين شهد الغراب فجيعتي أيام قتل عمي أبي .. ونحن لم نزل نتعلم من النمل والنحل والهدهد كيف ندفن الموتى ونزهر فوق الطريقِ إلى قبورنا قلوباً هي الصخر الأصم ينطق ... هابيل القتيل مصيبتي ...أتلمحين في دروبنا رجالاً من هواء .. ؟ يرممون مدناً ميتة مجــهولة الخبر مسطورة في خزائن مكتبتي الخرساء والقلب ينبض ، يخفق ، يثور قصائدَ لبقايا أنثى هي لواعجي .. الفراق ملح حكايتي ... والمفقودون هم اخوتي ... فكيف أطلب من همي وعمي ثأر سالفتي ؟ ونحن كل يوم ندفن عزنا ومجدنا وشعبنا وأحلامنا وجيشنا وشيخنا وإنسنا وجننا .. وجبننا وهواننا على الناس : كيف ؟ يالقساوتك قابيل !!
أقول لك : التفاصيل اليوم تسرق غايتي والمتاهات تخنق عبرتي فمن أين لي بدمع يطهر خطيئتي ، ومن أين لصورتي إطار يؤثث ضوء بدايتي : حين أمست المدارس تعلمنا كيف نبيع المدن ونحن سجود ونبيع القدس وبغداد عروستَي الزمان في حكايتي .
أشكرك سيدتي أن هيجت الوجع حتى بدت سطوري هذه تغتسل من آثام صمتي .. أشكرك أن جعلت البحار تنطق هياجا ... والعصافير تنطق تحليقا .. وقلوبنا تنطق رحيلاً