سأموت واقفا .. ككل أشجار الأخشاب الكريمة التي تتعطرين بحرقها .. ولن تُجديَ معاولُك فيها .. فالسنديان يعطر حتى الفأس التي تـقطعه ..
وسأذكرك وانت تلفين الحبل حول عنقي كأسوأ تجربة وحيدة لي .. .. وستذكرينني كأكثر الحمير صبرا وأطولهم تحملا .
وستكافئينني على ذلك بلفافة تبغ ادخنها قبل تنفيذ الحكم !
أجل إنني أموت .. ولك الآن أن تشربي دمي نخب انتصارك .. وسأشرب معك نخب انتقالك إلى متحف الحياة اليومية لعصور ماقبل الحب .. ونساء ماقبل المبادئ..حيث لكل يوم رجل .. ولكل رجل حب .. ولكل حب ضحية .. ولكل ضحية مزبلة.
إنني أعترف الآن يا سيدتي أنني ماكنت إلا حمارا حمل قلبك و وقتك الى بر الامان وتسليت به دهرا .. فأعطاك ثلثي عمره وأربعة أرباع قلبه, ومن عروقه ما يعطيه متسكعوا الليل لاول مصاص دماء يجدهم..
طبعا لا تتخيلي ان هذا الكلام محاولتي الاخيرة لاستدرار عطفك او لاعادتك او حتى لتغييرك .. ابدا .. ولكن الميت لا يضره ان قلنا له انت ميت .. ولن يزعجه صراخنا فوق راسه .. ولا يهم عقب اللفافة ان قذفناه في سلة دورة المياه ام في الحوض المجاور لها..
هي رسالة باتجاه واحد إذن , وما لجرح بميت ايلام.. فاذا كانت الضحايا لديك تتشابه فان الرجال لا تتشابه مثلما النساء لا تتشابه فأنت مثلا امرأة نادرة ..واعترف انني لا زلت مندهشا لجبروتك .. فكل هذا العمر من الذكريات والوعود والنجوم والاقمار لم يكلفك سوى ضغطة زر. وقلائل هن الوصوليات اللواتي يتسلين باعمار الاخرين حتى إذا لاحت لهن فرصة افضل ركلنهم كعلبة غازية فارغة .. بهذه البساطة الشديدة التعقيد.
ها أنت اذن تدشنين النسخة الاولى من كتاب تاريخ الخيانة .. فهنيئا لك كتابك .. وهنيئا لك انتصارك .. ايتها الخاسرة.
اما انا فساجمع اوراق هذاالكتاب وكل مافيه من ذكرياتي واشعل فيها النار .. لا لشئ الا من اجل لفافتي التي سأدخنها كما اعتاد المحكوم بالاعدام ان يفعل في كل مرة يشنق فيها.
لفافة اجدها اكثر نفعا منك ومن كتابك ومن عمري بين ثناياه .. ان كان لها نفع ..
ما اصعب ان تموت واقفا ..
ستجد نفسك محتارا بين هول النزع ..
وصعوبة المحافظة على التوازن ..
.