أعجبي هذا الدرس الوطنب بقلم الأستاذ أحمد سليمان
من آداب الحوار الوطنيّ البنّاء والفاعل على أرض الواقع
@@ أوّلاً : أن تتوافق الأطراف على الكبير المحايد ورئيس الحوار الذي يتجرّد عن الانتماء والخصومة لإدارة دفّة الحوار ، والحكم بموضوعية على مدى قبول مطالب كل طرف من عدمه ، وعندما يكون الرئيس طرفاً في الخصومة الوطنية ؛ فهو إمّا أن يُفوّض طرفاً استشاريّاً أو قانونيّاً عنه في الجلوس على مائدة الحوار الوطني ، ويبقى هو حكماً ورئيساً لهذا الحوار لوضع الأمور في نصابها الصحيح ، واستخلاص النتائج التي ترضي كل طرف بالحق وليس على حساب طرف آخر ... وإمّا أن يدير دفّة الحوار الوطني أكبر قامة قضائية سابقة ، ويجلس الرئيس طرفاً على مائدة الحوار مع باقي الخصوم .
@@ ثانياً : أن تجتمع الفصائل الوطنية تحت سقف الشرائح العريضة للمجتمع وفق نمطها الأيديولوجي ذات القواسم الاجتماعية المشتركة ، ولا يصح أن تجتمع تحت سقف التيارات السياسية المتباينة ، مادام الحوار الوطني هو في حد ذاته مقصود منه تقارب وجهات النظر للتوصّل إلى وجهة سياسية عامة يُدار بها سفينة الوطن ..
@@ ثالثاً : أن يكون هناك تمثيل حقيقي للقوى الوطنية الفاعلة على أرض الواقع ، فلا يجوز أن يتحدّث ممثل نيابة عن شريك وطني إلاّ إذا كان من خامته وعجينته وجلدته ، فلا يجوز للمسيحي أن ينيب مسلماً أو غير مسلم ليتحدّث بلسانه ، حتى لا يُفسّر ذلك مقابل صفقات ووعود بمكاسب سياسية كما هو ماثل للأعمى قبل المفتّح ، ولا يجوز للمسلم أن ينيب عن فصيله مسيحياً ، ولا يجوز للعلماني أن يتحدّث باسم الإسلامي ، وهكذا .. وكذلك لا يجوز للشخصيات العامة أن تتحدّث بدون تفويض من الفصائل التي ستتحدّت باسمها .. ومن هنا توجّب على كل فصيل وطني أن يفوّض ممثلاً حقيقيا ليعبّر بلسانه في مؤتمر الحوار الوطني العام .. حتى تنتفي العشوائية مقابل الموضوعية ، وحتى يمكن التوصّل إلى نتائج حقيقية مرضية لكل طرف دون علاقة بالنتائج المرضية للطرف الآخر ومكاسبه من الحوار ؛ وحتى لا يُعدّ تدّخلاً في شأن الآخر ، مادامت مكاسب طرف ما ليس فيها إضرار بمكاسب الطرف الآخر الذي يستمرئ التدخّل في شأن غيره ..
@@ رابعاً : أن لا يشترط أيّ من الأطراف شرطاً استباقياً قبل الجلوس على مائدة الحوار ، لأن هذا منافٍ لأدبيات الحوار العام ، وما دام سيجلس في حوار وطني عام ، فليعرض شروطه الاستباقية في صُلب مطالبه على مائدة الحوار العام ، وذلك حتى لا يكون مفتئتاً على حقوق الأطراف الأخرى التي وافقت على الجلوس في الحوار الوطني ، وإلاّ سيُفسّر ذلك عندئذ بتفسير واحد وهو وضع العراقيل أمام إرادة جميع الأطراف ، وعدم إرادة هذا الطرف المتعنّت بلا أدنى منطقية للوصول إلى حلول أو نتائج ليس إلاّ لحاجة في نفسه ، هو يعلم أنها غير منطقية ، بل يريد تمريرها بالاستغفال والعبثية ..
@@ خامساً : أن لا تكون هناك تكتّلات لفصائل مختلفة أو متقاربة لتتحدث بلسان على أنها طرف واحد ؛ لأن هذا فيه دلالة قاطعة على عدم الرغبة والإرادة الحقيقة للتوصّل إلى نتائج ، بل يُعدّ هذا السلوك افتئات والتفاف صريح لهضم حقوق الآخرين سواء أكانوا أقلية أم أغلبية ..