|
مَالِي أرَىَ الصَّمتَ يتلُو آيَةَ الغسَقِ |
وَالخَوفَ يَنشُرُهُ المَجهُولُ فِي الأفُقِ |
واليَأسَ يَبنِي عَلَى أنقَاضِنَا مُدُناً |
بالظَّنِّ وَالوَهمِ وَالإحبَاطِ وَالحَنَقِ |
وَالشمسَ تَندُبُ مَوتَاهَا وَتَلفِظُهُمْ |
فِي حَضرَةِ المَوتِ تَنعِي حُمرَةَ الشفَقِ |
حَتَّىَ إذا مَا دَعَىَ دَاعِي الدُّجَىَ هَرَعَتْ |
تَغتَالُ أحلاَمَنَا بالسُّهدِ وَالأَرَقِ |
نَنُوحُ فِي سَاحَةٍ ثكلَىَ عَلَىَ وَطَنٍ |
تَروِيهِ نَزوَةُ حَرفٍ شِبهِ مُحتَرِقِ |
بَاعُوكَ يَا وَطَنِيْ نثْراً وَقَافِيَةً |
فَكَيفَ يُزهِرُ حَرفٌ بِالغُثَاءِ سُقِيْ |
لَمَّا خَرَجنَا وَفِي الأَرجَاءِ ثورَتُنَا |
تُزجِي السَّحَابَ إلَىَ السَّاحَاتِ بالغَدَقِ |
تَفجَّرَتْ مِنْ مَسَام اللَّيل وانجَرَفَتْ |
إلَىَ الأَزِقَّةِ وَالسَّاحَاتِ وَالطُّرُقِ |
ثرْنَا عَلَىَ الأمسِ إذْ بالأَمس يَتبَعُنَا |
باسْمِ الدَّنَانِيرِ بِاسمِ اللَّحمِ وَالمَرَقِ |
جَاءَتْ عَمَائِمُ مَوتَانَا تُرَاودُنَا |
عَنْ الحَيَاةِ بإيعَازٍ مِنَ القَلَقِ |
وَاستَنفَرُوا سُنَّةَ الإقصَاءِ وَاتخَذُوا |
مِنَّا مَطَايَا وَقَادُونَا إِلَىَ السَّبَقِ |
قصُّوا عَلينَا أسَاطِيرًا مُشتَّتَةً |
عَنِ الأَمَانِ عَنِ الإيمَانِ وَالأَلَقِ |
لَكِنَّهُ عَالَمٌ لَيسَتْ تَهِيمُ بِهِ |
إلاَّ مُخُيِّلَةُ الحَمقَىَ أو السَّرَقِ |
مَنْ كَانَ بالأَمْسِ يَقتَاتُ الدِّمَاءَ غَدَىَ |
فِيْنَا إِمَاماً وَبَيْنَ الصَّالِحِينَ نَقِيْ |
أعْطَوْهُ صَكاً بِهِ الغُفرَانُ وَاتَّبَعُوا |
فَتْوَىَ عَجُوزٍ يُدَاوِيْ العَجزَ بالشَّبَقِ |
ذَرُّوا الرَّمَادَ عَلَىَ جُثمَان أمْنِيَةٍ |
غَنَّىَ لَهَا الجُوعُ فِيْ الأَجفَانِ وَالحَدَقِ |
وَاستَمسَكُوا بِعُرَىَ الكُرْسِيِّ فهْوَ لَهُمْ |
طَوقُ النَّجَاةِ مِنَ الظلمَاءِ فِي النَّفَقِ |
لَمَّا دَعَاهُمْ إلَىَ الدُّنيَا وَقالَ لَهُمْ |
إنِّيْ قَرَيبٌ فَلَبَّوْا ظَالِماً وَشَقِيْ |
حَجُّوا إلَىَ قِبلَةِ الشيطَانِ وَاجتَنَبُوا |
رَمْيَ الجِمَارِ وَسَدُّوا الخَرْقَ بِالْخِرَقِ |
وَقَاسَمُوا هُبَلَ المَنبُوذ جِيفَتَهُ |
وَنَادَمُوهُ كُؤوسَ الدَّمعِ وَالعَرَقِ |
مَدُّوا إلَىَ الشعبِ مَا أبقَتْ مَخَالِبَهُمْ |
فَلَمْ يَسُدُّوا بِهِ شَيئاً مِنَ الرَّمَقِ |
بَنَاتُ آوَىَ تَخَلَّتْ عَنْ فَريسَتِهَا |
جِلدًا وعَظْماً فَمَنْ مِنْ حِقدِهِنَّ يَقِيْ |
يَا مَنْ مَخَرَتْ عُبَابَ الوَهْمِ مُحْتَفِلاً |
فِي مَركَبِ الجَهلِ أبْشِرْ أنْتَ بالغَرَقِ |
فاللهُ ليسَ لهُ ديْنٌ تًسَيِّرِهُ |
كَمَا تَشَاءُ لِتُخفِيْ حِقدَكَ الطَّبَقِيْ |
لَكِنَّمَا دِينهُ الإسلامُ وهْوَ لَنَا |
دِينُ المَحَبَّةِ وَالإحْسَانِ وَالخُلُقِ |
يَكفِيكَ مَا اقتَرَفَتْ كَفاكَ فِي وَطَنِي |
باسْمِ الذِيْ خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ عَلَقِ |
أقبَلتَ تَنسُجُ مِنْ أشلائِنَا حُجُباً |
لِلغَيبِ تُخفِيْ بهَا سَيلاً مِنَ الْحُمُقِ |
لَمْ يُعطِكَ اللهُ يَا هَذَا وَكَالَتُهُ |
وَمَا أقَامَكَ سَيَّافاً عَلَىَ عُنُقِيْ |
فلَنْ تُنَجِّيْكَ فتوَىَ مِنْ مَظَالِمِنَا |
وَلَنْ تُزَكِّيكَ فِينَا طاهرا وتقي |
لَمْ يُولَدِ الدِّيْنُ فِيْ حِزبٍ لِيُرضِعَهُ |
شَيْخٌ وَتَفطِمَهُ دَعوَىَ لِمُخْتَلِقِ |
وَمَا تَرَبَّىَ عَلَىَ أنفَاسِ طَائِفَةٍ |
حُبْلَىَ بِحَيْرَتِهَا فِيْ الشَّكلِ وَالنَّسَقِ |
يَا تَاجِرَ الدِّين بِعْ عَمداً كَرَامَتَنَا |
وَاجعَلْ مَصَائِرَنَا فِيْ كَفِّ مُرْتَزَقِ |
وَاقبَلْ بمَا قَسَمَ الفجَّارُ فِي صَلَفٍ |
فَذَاكَ دَأبُكَ مُذْ آمَنْتَ بالغَسَقِ |
لاَ لَستَ سَيِّدَنَا بَلْ أنتَ سَيئُنَا |
بَلْ أنْتَ أسوَأنَا فِي الخَلْقِ وَالْخُلُقِ |
إنِّيْ تَعَوَّذتُ فِي سَاحَاتِنَا سَلَفاً |
مِنْكُمْ جَمِيعاً برَبِّ النَّاسِ وَالفَلَقِ |
يَا ثورَةَ الشكِ أينَ العهدُ هَلْ نَكَثتْ |
بِهِ دُمُوعُكِ بَينَ الجَهْلِ والنَّزَقِ |
أمْ مَزَّقتْهُ خَفَافِيشُ الظلاَمِ سُدىً |
بَينَ الطوَائِفِ وَالأَحزَابِ وَالفِرَقِ |
أخْفَىَ رَمَادُكِ خَوفاً مِنْ مَوَاقِدِهِ |
سِرَّ الأسَاوِرِ وَالأثوَابِ وَالحَلَقِ |
لَمَّا قَضَتْ سَوءَةُ الأشبَاحِ حَاجَتَهَا |
سِرًّا وَجَهراً عَلَىَ دَرْبِي وَمُفتَرَقِيْ |
وَاستَمطَرَتْ لَعَنَاتٍ مِنْ سَحَابَتِهَا |
عَلَىَ عُهُودِيْ وَمِيثَاقِيْ وَمُنطَلَقِيْ |
يَا ثَورَةً أطفَأَ الأصنَامُ جَذوَتَهَا |
حَتَّىَ طَغَىَ نَتَنُ المَوْتَىَ عَلَىَ العَبَقِ |
عَلَيكِ رَحمَةُ رَبِّيْ وَالعَزَاءُ لَنَا |
يَا ثَورَةً أصْبَحَتْ حِبْراً عَلَىَ وَرَقِ |