|
يا يراعاً مع المواجعِ يرعى |
و يضيءُ القريضَ في الليلِ شمعا |
كلّما رُحْتَ بابتهالِكَ تشدو |
صار نضْحُ الدُّموعِ للشدوِ رجْعا |
يا أماناً يُميطُ وحْشةَ روحي |
إنْ تحسّسْتُ في النوائبِ رَوْعا |
أنتَ بحرٌ تلاطمتْ لجّتاهُ |
و الأماني على ضفافِكَ صرْعى |
تطربُ الأُذْنُ للقصيدةِ حيناً |
فإذا ما تنهلُّ أُطْرِقُ سمْعا |
و إذا بُحْتَ بالشجى يا يراعي |
خلتُ في القلبِ لانتحابِكَ وقْعا |
كُلّما ناحتِ الحمائمُ ، قلبي |
صاحَ بي : هُنَّ أمْ يراعُكَ ينعى ؟ |
شرفُ الفخرِ أنْ تكونَ فخوراً |
و أمانيكَ تنتهي لكَ طَوْعا |
دُمْ كما كنتَ مفعماً كبرياءً |
و الثريّا برفْعةِ اسمِكَ تُدْعى |
فإذا طرْتَ لمْ يَسَعْكَ فضاءٌ |
و السماوات لمْ تَعُدْ لكَ سبْعا |
و أنا مثل ما تُصوِّرُ عنّي |
غيرَ بابِ الأمجادِ ما اعتدتُ قرْعا |
إنَّني منكَ ، أنتَ منّي ، بلى مَنْ |
طابَ أصلاً يطيبُ (لا شكَّ) فرْعا |
فأنا الرّوضُ حينَ يُقْطَفُ زهْري |
غيرَ نفْحِ العبيرِ ما اخترْتُ دمْعا |
قدْ رمتْني نشابُ دهْريَ حتّى |
صارَ نصْلُ النِّشابِ للقلبِ دِرْعا |
غيرَ أنـّي حلبتُ أشْطُرَ دهْري |
يومَ لمْ أُبْقِ بالنوائبِ ضرْعا |
كيفَ أُرْخي للذلِّ هامةَ عِزّي |
و أنا الطودُ عُنْفواناً و طبعا |
كسّرتْ أنْيُبَ الليوثِ لُحومي |
فشنارٌ عليَّ إنْ أخْشَ ضبْعا |
سدَّ لسْعُ القضا مساماتِ جلْدي |
كيفَ أخشى من البعوضةِ لسْعا ؟ |
و إذا نابني الزَّمانُ فإنّي |
صِرْتُ نِدّاً لهُ و ما ضِقْتُ ذِرْعا |
و تخطّيتُ حيْفَهُ غيرَ أنّي |
لسْتُ أنوي لما قضى اللهُ دفْعا |
و تقرّيْتُ في الرجالِ ضريبي |
من لنيلِ الشُّهْبِ السحيقةِ يسْعى |
أنا نجْمٌ منَ النُّجومِ العوالي |
لسْتُ بينَ الرّجالِ أفردَ نوعا |
غيرَ أنّي الندى إذا حلَّ جَدْبٌ |
و أنا الخبْزُ و المروءاتُ جَوْعى |
و إذا سائلاً وهبْتُ فإنّي |
أحجبُ الطّرْفَ عنْ مُحيّاهُ مَنْعا |
صاحِ إنْ فاضَ مدْمعي لا تلُمْني |
يفتر الجمرُ فيَّ إنْ أبْكِ ربْعا |
إحتويتُ الخطوبَ ، لا ، ما احْتوتني |
وَهْيَ يا صاحِ تصدعُ الطَّوْدَ صدْعا |
لا يُرى النَّقْعُ في الظلامِ و حينَ الـ |
ـشمْسُ تسْطو تُري المُضلّينَ نَقْعا |
منْ يقي الضرَّ غيْرَهُ ذا نبيلٌ |
حينَ لا يستطيعُ للغيرِ نفْعا |
لنْ أكونَ المسيحَ في شرِّ عَصْرٍ |
فيهِ بِيْعَتْ ضمائرُ الخَلْقِ بَيْعا |
و إذا ما صُفِعْتُ أعْطيتُ خدّي |
لخصيمي كي يشْتفي فيَّ صَفْعا |
ليسَ يُجْدي معَ المسيءِ سماحٌ |
أ يكونُ السماحُ للنّذْلِ رَدْعا ؟ |
وَ هُوَ المائلُ الأساسِ ، و يبْقى .. |
فَمِنَ السُّخْفِ أنْ أُقوِّمَ ضِلْعا |
ليسَ غِلاً و الله ، إنَّ فؤادي |
نُزِعَ الغِلُّ منْ حناياهُ نَزْعا |
إنَّهُ الحزْمُ لا يُشاطِطُ حِلْمي |
نِعْمَ صِنْوينِ عنفواناً و ريْعا |
شاءَ ربّي أنْ أدرأَ الظّلمَ عنّي |
و أُجازي تطاولَ الكفِّ قَطْعا |
و أنوفٍ تطاولتْ و اشْمَخرّتْ |
كانَ منّي جزاؤها الحقُّ جَدْعا |
إنْ يَكُ الجُبْنُ هاجِساً فيهِ تُلْهى |
يُصْبِحِ الهرُّ في رِحابِكَ سَبْعا |
ليَ روحٌ توّاقةٌ للمعالي |
تشتكي الجوعَ للعُلى و هْيَ شَبْعى |
إنْ رمتْ أفْرَدَتْ و ليْسَتْ تُثنّي |
و اقْتَفَتْ قنْصَها الموفّرَ جَمْعا |
ليْ حصاةٌ فرّاسةُ الرّأيِ تدْري |
كيفَ تُرْضي مُيولَ قلبيَ شَرْعا |
أبَوايَ السَّمْحانِ قدْ زرعا بي |
بذْرةَ الخيرِ مُنْذُ وَضْعيَ زَرْعا |
و أنارا فمي فطابَ لساني |
و جَناني و طِبْتُ مَنْشاً و وَضْعا |
كيفَ أنسى جزاهما و هُما قدْ |
أرضعاني دماثةَ الخلْقِ رَضْعا |
يا سميعَ الدعاءِ فارفعْ مقاماً |
مكثا فيهِ تحتَ ظلِّكَ رفْعا |