ثعالب الخرافة تقتات على الخوف،ترتدي فِراء الفزع الأزلي،فتحت دزاير الباب ارتبكت النواميس في حضرة الغيب،لا مفر من استشارة الظل،جلست العجوز حيزيه في وسط الدار تفتش عن رائحة قديمة تهديها خلاصتها،لم تجد شيئا، طلاسم مبهمة لا علاقة لها بالعتمة،أربكها ضوء المصباح الزيتي،يعبق بالبياض على غير العادة،طلبت العجوز من دزاير أن تحضر الرضيعة لتعلق لها تميمة الحسد تحميها من كل عين لامه،بين يديها أضاءت كتامة كأغنية سقطت سهوا من فم سيد الغناء،تفقدت تقاسيمها أذهلها وضوح مغري يقول الكثير ويخفي الكثير،عجزت عن تحديد حقيقة الشعور الذي يتلبسها،ارتعدت فرائصها نشوة،قرأت تعاويذها غير المجدية تبحث عن بداية النجوم ومنعرجها..لم تقرأ شيئا في العدم طلبت حيزية من دزاير أن تحضر قطعة من الثياب التي وجدت مع الرضيعة،اشتمتها بعمق إلى نفذت الرائحة،أغمضت عينها برهة من الزمن ثم فتحتها باتساع غريب،كان سوادها نقطة في بياض شاسع همهمت بينها وبين نفسها وراحت تخبر دزاير ما رأته،شفتها ترتعش،تحمر حين تطبقها،أخبرتها ما تقول العتمة،سيكون لها شأن الثعالب و الذئاب متفردة في جمالها،سيكون لها شأن الضوء الذي إذا زاد عن حده أحرق،لم تفهم دزاير ما قالته العجوز حيزية سوي أنها توجست خيفة من كلمة ثعالب وذئاب انقبض قلبها وفي غمرة شعورها خطفت كتامة من يد العجوز،لم تنم ليلتها ضلت ساهرة تحرس صغيرتها من هواجسها،خيوط الفجر الأولى تسللت عبر شبابيك الليل،تطعمه لبن نجومه قبل أن ينام،في الصباح شاع بين نساء الدوار أن ابنة دزاير الصغير صنيعة الجن قد كلفت الثعالب بحراستها..