نعم أنا الدكتور عبد الجبار أستاذ علم الفيزياء النووية ، لقد قضيت معظم شبابي سعيا إلى بناء شخصيتي العلمية في الخارج ، فحصلت على درجة دكتوراه و درجتي ماجستير قبل أن أعود إلى وطني مرفوع الرأس !
- أبدا لم أفكر باستخدام إمكانياتي و خبراتي العلمية لصنع أو للمساهمة في صنع أسلحة دمار شامل ...
- أنا لست سوى عالم يعشق علمه ، و كل همي في الحياة أن أكشف عن خبايا المادة و إمكانياتها الهائلة لتسخيرها في خدمة البشرية !
- إطلاقا لم يحصل ذلك ؛ عندما دعاني الرئيس للمساهمة في المشروع ، لم يذكر لي أبدا أنه ينوي تسخير الطاقة النووية لإنتاج سلاح نووي ، بل أكد لي أنه يسعى لاستخدام هذه الطاقة الجبارة للإحتياجات المدنية كإنتاج الكهرباء مثلا ، كما تفعلون في بلادكم .
- سيدي المحقق ، أنا لم أكن أكثر من موظف في خدمة الدولة و لم يكن لدي أي دخل في قرارها السياسي !.
*****
يعود الدكتور عبد الجبار إلى دارته منهكا ...
<< هذه هي المرة الثالثة تدعوني فيها مخابرات الإحتلال للتحقيق ، و في كل مرة يستغرق التحقيق أكثر من خمس ساعات ! >> يقول لزوجته بصوت كسير ،
ثم يضيف : << يسعون بلا ملل لإلصاق تهمة ما بشخصي ، و كأني بهم ينتظرون مني زلة لسان ليرسلونني من ثم إلى أبي غريب >>
ثم يضيف غاضبا : << قلت لهم أكثر من مرة ، أنا لم أنتسب قط للحزب الحاكم أو لغيره ، و لم أشارك قط بأي نشاط سياسي ، أنا لست أكثر من أستاذ جامعي ظل لسنوات يقدم معلوماته و خبراته لطلابه ، قبل أن تستدعيني الرئاسة للمساهمة في المشروع ، أنا لست أكثر من موظف يأتمر بأمر رؤسائه ، و لا علاقة لي لا بأسلحة دمار شامل و لا حتى بإنتاج مسدس عادي >>
يصمت فترة و هو يهز برأسه تعجبا ، ثم يضيف قائلا : << ربنا يستر يا أم شاكر ، أنا لا زلت أرى ضرورة مغادرتك و الأولاد إلى أي بلد عربي مجاور ، ريثما تزول الغمَّة >>
*****
يستغرق و قتا طويلا قبل أن يهدئ زوجته من نوبة بكاء حادَة انتابتها ، بعد سماعها ملاحظته الأخيرة ، كانت تردد بشكل هستيري عبارة واحدة (( أبدا لن أغادرك ... أبدا لن أغادرك ... أبدا لن أغادرك ...حتى لو فصلتَ رأسي عن جسدي ))
و على حين غرَّة ، يسمعان صوت طائرة مروحية يكاد يصم الآذان ...
ثم يسمعان لغطا قرب باب الدارة ،
ثم ضربة قوية تقتلع الباب من إطاره ،
ثم ضربات أخرى تحطم النوافذ كلها الواحدة إثر الأخرى ، فتتناثر شظايا الزجاج في كل مكان ،
و يتسلل منها - من ثم – عدد من الملثمين ....
تصرخ أم شاكر مستغيثة ...
يصرخ الأطفال مذعورين ...
يلجأ شاكر إلى حضن والده و قد انتابه الهلع فكاد يخنق صوته !
يلجأ بقية الأطفال إلى أحضان أو جوار والديهم و قد أصيبت بعض أقدامهم بجروح دامية ؛
يتقدم منهم ملثم و من ورائه ثلة ملثمين و قد أشهروا أسلحتهم في كل إتجاه ،
يأمرهم – بلغة عربية مكسرة – أن ينبطحوا ...
يقف الدكتور عبد الجبار متحديا و يصيح بأعلى صوته : << من أنتم و بأي حق تقتحمون منزلي ؟ أهذه دمقراطيتكم التي تدعون ؟! >>
يقف ابنه شاكر إلى جانب والده متحديا بدوره أمر الإنبطاح ...
يجيبهما رئيس الملثمين بصلية رشيش من طراز ( عوزي ) فيرديهما قتيلين في الحال .....
تستغيث أم شاكر بصوتها الجريح : ((( وا معتصماه !.... )))
عشرون معتصم أصم ، تفوتهم استغاثتها !!!
------------------------------
*نزار بهاء الدين الزين
مغترب يعيش في الولايات المتحدة من أصل سوري
البريد :
nizarzain@adelphia.net
الموقع : [url]www.FreeArabi.com[/url