ذُكِر أنّ سليمانَ _عليه السّلام_ كان جالساً على شاطيء بحر , فبصر بنملة
تحمل حبّة قمح تذهب بها نحو البحر , فجعل سليمانُ ينظر إليها حتّى
بَلَغَتِ الماءَ فإذا بضفدعةٍ قد أخرجت رأسَها مِنِ الماءِ ففتحت فاها
, فدخلت النملة وغاصت الضّفدعةُ في البحر ساعةً طويلةً وسليمانُ يتفكّرُ
في ذلك متعجباً. ثمّ أنّها خرجت من الماءِ وفتحت فاها فخرجت النملةُ
ولم يكن معها الحبّة. فدعاها سليمانُ عليه السّلامُ وسألها وشأنها وأين
كانت ؟ فقالت : يا نبيّ الله إن في قعرِ البحر الذي تراه صخرةً مجوّفةً
وفي جوفِها دودةٌ عمياء وقد خلقها الله تعالى هنالك , فلا تقدر أن تخرجَ
منها لطلبِ معاشِها , وقد وكّلني اللهُ برزقِها فأنا أحملُ رزقَها وسخّرَ اللهُ
تعالى هذه الضّفدعة لتحملني فلا يضرّني الماء في فيها , وتضع فاها على
ثقبِ الصّخرةِ وأدخلها , ثمّ إذا أوصلت رزقها إليها وخرجت من ثقبِ
الصخرةِ إلى فيها فتخرِجُني من البحرِ. فقال سليمانُ عليهِ السّلام : وهل
سمعت لها من تسبيحَةٍ ؟ قالت نعم , تقول :( يا من لا تنساني في جوفِ
هذه اللجّة برزقك , لا تنس عبادك المؤمنين برحمَتِك)
قرأتُ هذهِ القصّةَ في أحدِ المواقِعِ فأثّرت بي وكتبتُ هذه الأبيات:
هَلاّ اسْتَمَعْتَ إلى الطّبيعَةِ إذْ رَوَتْ قِصَصًا تُثيرُ لَظى قُلوبِ المُؤمِنينْ وَتَقولُ للأعْمى البَصيرَةِ قُمْ أفِقْ وَتَأَمَّلِ الخَلْقَ المُحيطَ لِتَسْتَبينْ آياتُ رَبِّكَ بالعُلومِ قدِ اكتَسَتْ فَأَحِطْ بِها تأْتيكَ بالخَبَرِ اليَقينْ هُوَ راحِمُ الدّيدانِ في رَحِمِ الثَّرى هوَ مُنْشِزٌ للعَظْمِ مِنْ لُجَجِ الجَنينْ أُنْظُرْ لِأَتْفَهِ خَلْقِهِ كَيْفَ اهْتَدَتْ لِتَشُقَّ عُمْقَ الماءِ في القَعْرِ الدّفينْ لِتَعولَ مَخْلوقًا ضَعيفًا قَدْ نَما في لُبِّ جُلْمودٍ أَصَمٍّ مُسْتَكينْ أفَبَعْدَ ذلكَ سَوْفَ تَكْفُرُ يا فَتى وَسَتَسْتَمِرُّ بِخَلْطِ شَكِّكَ باليَقينْ دُنياكَ يابنَ الأكْرَمينَ مُعارَةٌ فاظْفَرْ بِآخِرَةٍ وَرَكْبَ الفائِزينْ
البحر الكامل
* الجنين = القبر .