هي الدنيا
هِـيَ الدنيــا كوارفــــةٍ بأرضٍ
تمرُّ بهــا جمــوعُ العابريــــــنا
تُظِـلُ بظلِّهـــا الرُكبـــانَ حينـاً
لِيَمضوا بعـدَ ذلــكَ مسرعيـــنا
ليالـي العُمُرِ قد مرت تبـــاعـاً
تغيـب فلا تعـــودُ بنـــا يقينــــا
دقائقُ صَفوِها تمضي سِراعاً
لتتــركَ بعدهـــا ألمــــاً دفينـــا
نَمُرُّ بها كأضيـــافٍ ونمضي
وقــــدْ كنّـــا بهــــا متعلِّقيــــنا
كغانيةٍ نُتيَّــمُ فــــي هواهـــــا
وكم سلبتْ لُبـــابَ العاشقيـــنا
فلا حَفِظت لعاشِقِهـا عُهـــوداً
ولا حَفِلَت بِمن يمضي حزينا
ولو دامت لمخلــوقٍ سوانــــا
لَكُنّـا فــــي الخلـــودِ مؤمِّليـــنا
ولكنْ بِضعَ أعــوامٍ سَتَمضـي
لِنَغْـــدُوَ فـي عِـدادِ الغابريـــنا
فإن تسألْ عن الدنيــا حكيماً
قضى فيها مِنَ العُمُـــرِ سِنينــا
يُجيبـُـكَ واثقــاً وَبِكِــلِّ صـدقٍ
غــــداةَ الأمـــسِ كنّــا يافعيــنا
مضى عهدُ الشبابِ كَلَمْحِ برقٍ
وخَلّفَ أسْطُراً تعلـو الجبيــــنا
مُذَكِّــرَةً بعهـــدٍ قـــد تَــــوَلّى
ومُنقَلَبٍ يُثيــرُ الرَهْـــبَ فينـــا
فإن أحسنتَ تَمضي في سلامٍ
وتلقـى اللهَ ضِمْـــنَ الآمنيـــنا
وإن أسْرَفْتَ فَلتَمضي بخـزيٍ
وتُكتَــبُ في عِـــدادِ المارقيـنا
فـلا أرضٌ تقيــكَ ولا سمــاءٌ
إذا أغضبــتَ ربَّ العالميـــنا
فكُن في طاعةِ الرحمنِ دوماً
وحاذِرْ من سبيــلِ المترفيـــنا
ولا يَغرُرْكَ في الدنيــا متـاعٌ
وإن تاقَت إليـهِ النفـسُ حينـــا
فكــلُّ متاعِهـــا لإلـــى زوالٍ
وإن جاوَزْتَ من عُمُـــرً مِئيـنا
ويا مَن تجمعُ الأموالَ مهــلاً
فَجُـلُّ المـــالِ حَــظُّ الوارثيــنا