أنا طفْلٌ لم أحذق بعد فنون النثرْ
لم أطعم بعد اللفظةْ
لم تسرقني قافية الشعر
لم أرْخ ِ على مهْدي بلبلةَ القرن الواحد والعشرين
لم تشطر ألعابي جدلية ( هيغل )
أنا طفلٌ لا أملك إلا شفتين
لم تتأهل أضراسي بعد لتفرق بين العضة والقبلةْ
أنا طفلٌ لم أتهجَّ حروف الفرقْ
ما زالت أمي تتحايل بالقصة تلو القصة
لتنيخ شرود النوم على رأسي ,
تتمنى
أن أرخي أجفاني من أول قصة
قالت أمي وهي تكفكف عن وجهي أذيال نهارٍ غاربْ
وتدوّر مغزلها استعداداً لشتاءٍ شاحب :
ذات زمان يا قرّة عيني , ذات ظهيرةْ
والثقبُ الناريُّ يساقطُ أقراص الهذيان , ذات هجيرهْ
والرمل اللافح لا يعشق غير الأقدام
والماء المالح لا تسكبه غير الأجسام
أبصر رجلٌ يكدح في الصحراء , قطعةَ ليلٍ منسيةْ
لا أدري قال الراوي , أو منفيّةْ !
هل كان الراوي يا ولدي من خبراء الإعلام !؟
- لا أدري يا أمي لكن البثّ على زمن الراوي
كان يجعجع كذباً أبيض قد يطرب حتى جنيّهْ
فأتمي يا أمي قصة مفرزة الليل المنسيهْ
- آه يا ولدي !
لم تغرق بعد في بحر الأحلام !؟
- لا
يا أُمُّ . إني مباح اللفظ أعشقه
لا تمنعيني مباحاً صرت أرقبه
- أجل !
أجل يا ولدي !
نسي الليل القطعة
فالليل غداً مشروخاً , والقطعة صارت منبتهْ
وأنا لا أعرف شيئاً من أمر الليل سوى
أن الراوي قال :
غُزي الليل بقطعة ضوء في نقطة ضعفه
فهما الساعة يصطرعان
أما قطعته المنسيهْ
فغدت غولاً يوقف شعر الشيطانْ
تتسرب من ثقب الباب إلى كلّ مكان وتهدد :
إذا أحد عانق , أو غازل ضوء الصبح
فسأطوي حول صبابته الإظلام !
ثم على آخر إيقاع
أطبق جفني إلا عن قطعة ذاك الليل المنسيهْ
وخلال شتاء أزرق .. بعد هزيع الليل
والصوت المتعب منْدَسٌ في جوف الصمت
ومجاديفي مُرخاةٌ في موت الوقت
نزعَ الحلم غطائي وأراني شيئاً :
أسلمني درباً يسجد فيه ابي
فإذا قطعة ضوءٍ تعرض
شعلة نار تركض
وبسرعة شائعةٍ
تغرب في منعطفٍ دون أبي , حتى لكأن الوقت طراد
وصحوت فتذكرت
قطعة ذاك الليل المنسيهْ
ثم شدوت بأشجع بيت :
إنْ كان لليل منسيٌّ على زمني
.......................................فقطعة الضوء ( في الأحلام ) تذكرهُ!
عبد الرحمن القعود