الله
**
سَكَنَ الضَّجيجُ
فلا صُراخَ ولا صَدى
مُذْ جاءَ يُنْزِلُني التُّرابَ لأصْعَدا
.
سَكَنَ الضَّجيجُ وقدْ أناخَ على فَمي
زَمَناً ... على قِصَرِ المكوثِ تأبَّدا
.
وَلَدَيَّ ما اقْتَطَعَ الزّمانُ على يَدي
وَمِنَ المسافَةِ ما اقْتَنَصْتُ مِنَ المدى
*
*
ولقدْ تعاظمَ فِيَّ حتّى اجْتازني
في عُقْدَةٍ .. تزدادُ فِيَّ تَعَقُّدا
.
في لَحْظَةٍ كَبُرَتْ عَلَيَّ كأنّما
هَرِمَ الزَّمانُ على يَدي فَتَجَعّدا
.
فازْدادَ مِنّي .. بالْيَقينِ تَمَكُّناً
وازْدَدْتُ منهُ على اليَقينِ تَكَبُّدا
.
وأنا سليلُ الماءِ, قَلْبٌ مُتْرَفٌ
يخشى على الأيّامِ أنْ تُسْتَنْفَدا
.
وأنا دُخانُ المِلْحِ .. آخِرُ مَيِّتٍ
مِنّي , على الرّمَقِ الأخيرِ تَمَدّدا
.
وكَأنْ تَسَلّلَ كالكلامِ إلى فَمي
خَدَراً .. يَمُدُّ إلَيَّ مِنْ فَمِهِ يَدا
.
حتى انْسَكَبْتُ على يَدَيْهِ كأنّني
وَجَعٌ على التّعَبِ الأخيرِ تَمَرّدا
.
*
*
.
فَمِنَ التّجَدُّدِ أن نجيءَ عِنايَةً
وَمِنَ العِنايَةِ أنْ نَعودَ مُجَدّدا
.
والآنَ يُكْمِلُني الزّمانُ بِنَقْصِهِ
وَغَداً أُقابِلُ مَنْ .. أُفارِقُهُ غَدا
.
*
*
.
فَفَتَحْتُ عَيْنِيَ لِلْوُجودِ فَلَمْ أَجِدْ
بَيْني وبينَ الحُسْنِ باباً موصَدا
.
وَتَرَكْتُ قَلْبِيَ كَيْ يَشِفَّ فأرْتَقي
مِنّي إلَيْهِ مُجَرّداً .. مُتَجَرِّدا
.
حَتّى تَخَلّلَني هَواهُ .. كأنَّما
مِنْ كُثْرِ ما اسْتَغْرَقْتُ فيهِ .. تَجَسَّدا
*
*
فَهْوَ الهُدى وَهْوَ الدّليلُ إلى دَمي
وَدَمي دليلُ الكائناتِ إلى الهُدى
.
وَهْوَ الذي في كُلِّ ما اسْتَغْرَقْتُهُ
مَلِكٌ ... يَحِقُّ لِمِثْلِهِ أنْ يُعْبَدا
.
لَمْ ألْقَ في مَلَكوتِهِ إلّا الذي
أصْغى فَكَبّرَ واهْتَدى فَتَشَهّدا
.
رَبٌّ .. عَلِيٌّ .. مُطْلَقٌ .. مُتَفَرِّدٌ
فَرْدٌ .. على عَدَدِ القُلوبِ تَعَدّدا
*
*
لو كان لي أمْرُ الوجودِ عِنايَةً
لأَمَرْتُهُ ... بالحُبِّ أنْ يَتَزَوّدا
.
وَلَعَلَّ أجْمَلَ ما يكونُ عِبادَةً
قَلْبٌ .. تَوَحّدَ بالجَمالِ فَوَحّدا
.
.
*********
*********
*********