|
مَنْ لم يهذِّبْ نفسَهُ إذْ تَسْحَبُهْ |
تتكفّلُ الدّنيا بهِ وتُؤدّبُهْ |
والعقْلُ يَسْعَدُ في تَصنُّع قُبْلةٍ |
والقلبُ يلقَى في الهوى ما يُتْعٍبُهْ |
قدْ يُبْعِدُ الإنسانُ شخصاً غالياً |
ويصاحبُ الشّخصَ الذي لا يُعْجِبُهْ |
فالبِرُّ أنّ المرْءَ يولَدُ مُسلِماً |
وأبوهُ يُشرِكُ إنّما يَسْتَصْحِبُهْ |
يشكو بقلبٍ صابرٍ مُتَصَبِّرٍ |
وبرغم ذلك فيهِ ما يسْتجْلِبُهْ |
ولقدْ نَبَرُّ مُخالِفاً في دينِنا |
ما لمْ يُبادِرْ بالقِتالِ يُسَبِّبُهْ |
فالبِرُّ أنواعٌ برغم سُمُوِّهِ |
ولِكُلِّ حالٍ منهُ ما يستوْجِبُهْ |
لا بِرَّ في قلبٍ توشّحَ بالأذى |
والغِلُّ فيهِ يُميتُهُ ويُعذِّبُهْ |
ما البِرُّ إلّا في فؤادٍ سالمٍ |
والبعضُ أحسن للفؤاد يُدَرِّبُهْ |
والمرءُ إمّا أن يُخرِّبَ شرَّهُ |
أوْ تستبِدَّ بهِ الشّرورُ تُخرِّبُه |
فترى العجوزَ أمام بيتٍ عامرٍ |
قدْ ناء عنهُ سميرُهُ ومُقَرِّبُهْ |
يمضي الجميعُ أمامَهُ أو خلْفهُ |
وكأنَّ كُلّاً عامداً يتجنّبُهْ |
حتّى إذا حمَل الرّدى أعضاءَهُ |
تجدِ الجميعَ يبوسُهُ أوْ يَنْدُبُهْ |
وبقلبه رغم الجفاء تضرُّعٌ |
ألّا يصيب الجمعَ بأسٌ يعْطبُهْ |
يبغي امتداداً في وليدِ وليدهِ |
متلفّتاً مِنْ حولِهِ يترقَّبُهْ |
إنْ كانَ مَحْظوظاً أتَتْهُ حفيدَةٌ |
لِتَشُدَّ مِعْصَمَهُ الضّعيفَ وتَصْحَبُهْ |
فالبِرُّ بالأبناءِ منحةُ خالقٍ |
زُرِعتْ بنا لنذوبَ في مَنْ نُنْجِبُهْ |
فترى رضيعا يستجيرُ بأمّهِ |
مِنْ جوعِه فتَضمُّهُ وتُرَغِّبُهْ |
يُبدي الجميعُ تضجُّراً من صوْتِهِ |
إلّا سليقةُ أمِّهِ تستعْذِبُهْ |
أوْ والدٍ مُتَرَنِّمٍ بِبُكائهِ |
وكأنّما في الصّوْتِ سِرٌّ يُطْرِبُهْ |
ويظلُّ طفلاً حين يُصبحُ راشداً |
في عينِ أمٍّ لاتزالُ تُلَقِّبُهْ |
ويظلُّ في عيْنَيْ أبيهِ مُراهقاً |
فتراهُ خلف "صغيرِهِ" يتعقَّبُهْ |
لكنّما البرّ الأصيل أصالةٌ |
لمّا نرى الشّيخَ الكبيرَ ونسْحبُهْ |
أوْ في مريضٍ لا يُحرِّكُ ساكناً |
فتبيتُ زوجتُهُ المصونُ تُقلِّبُهْ |
قد لا يكون البِرُّ إلّا مِنحةً |
منْ ربّنا وبرغم ذلك نُسْلَبُهْ |
بِقُلوبنا لمّا تُساءُ بفعلِنا |
لِيَطُولَ هذا الجسمُ ما يتَطَلَّبُهْ |
والمرءُ يبقى جاهداً ومُجاهِداً |
بينَ الميُولِ وبينما يَتَهَيَّبُهْ |
ولربّما هي سُنّةٌ بحياتنا |
يفنى الزمانُ وفيهِ ما نستغْربُهْ |