إنّي أحبّكما معَا،
كِلْتاكُمَا،
تَحْتَلُّ في أغْوَار رُوحي مَوْقِعَا.
إنّي عشِقْتُكما معَا
كلْتاكُما غَرَزَتْ أظافِرَها الأنيقَةَ مِبْضَعَا،
تَجْتَزُّ دونَ مُسَكِّنٍ
مِن نبْض قلبي مَقْطعَا،
كلتاكما
ضَمَدَتْ أنامِلُها جُروحي،
ثُمّ اسْتَكَانَتْ مِلْءَ روحي،
ولنَفْسها بَسَطَتْ بقلبي مَرْتعَا.
يا ليْتَ شِعري كيف أبدو ناسكًا مُتَوَرِّعَا
وأنَا بعِشْقِكُما، هجَرْتُ معابدا وكنائسا وجوامعَا،
وعلى مهَبّ الرّيح، علّقْت عَباءَة مِلّتي،
وتَركْتُ سهْوًا باب قلْبي، للمَفَاتِن مُشْرعَا
روحي مُمَزّقة، وقلْبي حائرٌ،
ورَسائِلي صارت تضُخُّ مع الجَحيم مَواجِعَا.
يا ليْتَ شعري كيف يَغْدو رائعَا
شَنْقي بحَبْلِكما معَا!
ويصير موْتي، تحْت مِقْصَلة الصّبابة مُمْتعَا،
فأنَا أحبّكُما معَا،
وأنا عشِقْتُكما معَا.
نَبَضَات قلْبي، مِنْ ضَراوَتها تُهشِّم أضْلُعي
وقصائدي،
عَبثًا تُحاول أنْ تُرَتِّلَ مطْلَعَا،
وأخافُ ألاّ ينْتقي
شِعْري لأنّاتي وآهاتي شِعَارا مُقْنعَا،
فَيَهُدّ في بحْر التّجاذُب بيْن حبّكما معَا:
شَطْرًا هُنا، وهناك يَنْسِف مَقْطعَا،
فَيَكون حَظّي أنْ أضيعَكُما معَا.
إنّي أحبّكما معَا،
ضِدًّا على كلّ الشّرائِع والقِيَمْ..
ضدّا على كلّ المَواثيق التّي
صارتْ بحُكْم التّعَوّد واقعَا.
فأنَا بحبّكما أثور وأنتقمْ،
وأنا بعشقكما معَا
أسْتَلُّ قلبي، من بَراثينِ العَدمْ؛
وأُصارعُ الخَوفَ..
أصارع الزّيْفَ..
وعَوْلَمَة القِيَمْ.
كُونَا مَعي..
كونا معي
في الموْعدِ،
فغَدًا، ستَبْزغ منْ جِدار الصّمْت لَحْظة موْلِدي؛
وأنا أعضُّ على يدي،
كيْ لا أبدّد فرْحتي
بصرخَتيْن منَ الألمْ،
وأنا أُشَمِّرُ ساعدي
كيْ لا ألين وأنهزمْ.
فأنَا أحبّكما معَا،
والحبّ يَأبى أنْ يَدينَ ويَخْضَعَا..
والحبّ يَأبى أنْ يَصير تَواضُعا.
فأنا عشقتكما معا.
كونا معي..
كونا معي،
مَهْمَا اسْتخَفّ العابِثون بقصّتي، وبأدْمُعي،
كونا معي؛
لا تيْأسا منْ واقعي،
لا تذْبَحا خَلْف التّفَاصيل الصّغيرة حُلْم طفْل مُبْدعِ،
فأنا على شُرُفَات حبّكما، أُشَيّدُ مَوْقِعي،
وعَلَى رَصيفِ العِشْق بينكما، أُشَكّلُ مَضْجَعي.
كونا معي..
كونا معي،
فأنا بعشقكما أَصُوغُ شَرائعي
وتَوَجّهي،
وثَقافَتي
ومَراجِعي...
عَبثًا أحاول أنْ أُقَلّصَ مَطْمَعي
وخَسارتي،
ومَفاجِعي
ومَواجِعي...
عبثًا أحاول أن أكَسّر في عُبابِ العِشْق، ثَوْرة مَوْجتي؛
عبثا أحاول أن أحدّد وِجْهَتي،
فَأقود أشْرعَتي وأجْنِحَتي إلى شَطِّ التّي
بَيْنَكُما حقًّا تَصون كَرامَتي.
لكّنني منْ فَرْط حبّكما معَا..
منْ فرط عشقكما معَا،
بيَديّ حطَّمْتُ مَجاديف السّفينة، ثمّ مزّقْت الشراعْ،
وترَكْتُ قلبي تائِهًا مترَنّحَا،
يرْتَجُّ بينكما معَا
كَقارَب أضْحى مَع الأمْواج وَحْده في صراعْ،
قد رَنَّحَتْهُ العاصِفاتُ، وغاصَ في لُجَجِ الضّياعْ.
كونا معي..
كونا معي،
فأنا أحبكما، وبينكما أُوَزِّعُ بالتّساوي أدْمُعي،
ومَشاعِري
وعَواطِفي
وهَواجِسي
ووَساوِسي...
كونا معي
كونا معي
كونا معي...
يا لَيْتَ شِعْري هلْ غَدوْتُ مُخادعَا،
أمْ أنّ حبّكما معَا
يحتاج قلبًا مُبدعَا؟
كمْ كانَ فظّا غاشمًا،
هذا الذّي
شَرَعَ القَوانين وأصْبَح قُدْوةً
للْعاشقين ومَرْجعَا.
هذا الذّي جَعَلَ الحقيقة خالده،
جعل المشاعر بارده
جعل العشيقة واحده...
فأنا أحبّكما معَا..
وأنا عشقتكما معَا.