تخميس قصيدة الشاعر أحمد رامي الرائعة
فرض محبته
طَيْرُ المَشَاعِرِ فَوْقَ كَفِّكَ هاجِعُ = والعَقْلُ في أرْجاءِ طُهْرِكَ سامِعُ
يَا مَنْ لِطيبِكَ جَدْوَلٌ وَمَنابِعُ = خشعَ الكلامُ، وكلُّ شيءٍ خاشعُ
فالحبُّ في محراب ذكْرِكَ راكعُ
تحلو إذا صلت عليك الألسن = ونفوسنا تهفو إليك وتركن
ترجو الإله شفاعة وتؤمن =حتى القلوب وكل قلب مسكن
لهواك يحدوها إليك دوافع
بِكُمُ تَبَاهى فيضُ ذكرٍ أكبر = ولأجل قربكم أبيع وأشتري
كم ذا أُرجِّي في الطوى والمخبر =حـبٌّ ، وإيمـانٌ ، وشربـة كوثـرٍ
ورحاب فردوس ، وأنت الشّافعُ
درب المفازة لا يُبارح دَرْبَه = يفنى المشوق وليس يدرك قُرْبه
وهو المُعَظِّم في الشعائر رَبَّه =فـخــرٌ لـنــا أنّـــا رُزقـنــا حـبَّــهُ
سَكَـنَ السُّويـدا ، ظلّلـتْـه أضـالـعُ
سَكنَتْ بِعَابِر طَيفه آلامنا = وتسارعت عَجْلَى له أقدامنا
وتبخترت نَشوى به أحلامنا =وتجمّـلـتْ فـــي ذكـــره أقـلامـنـا
ونما على مرج الحـروف بدائـعُ
زاد الإله على الفَضَائِلِ فَضْلَه =والله جَمَّــلَهُ وَزَكَّــى قَـــوْلَه
وألاحــنا بَدْرَاً وَأكْمَـــلَ رُسْـــلَه =مــا مـدحُـنـا لجـنـابـه فـخــرٌ لـــه
لكـن بـه يسمـو القريـض الماتـعُ
نُوْرُ الهِدَايةِ أَبْلـَجٌ فـَاقَ السَّنا = وَبِفَضْل رَبِّي كُنْتَ مِصْبَاحَ الدُّنـَــا
لـَــوْلا إِلـَهي ثـُمَّ يَأتِي قَوْلـُــنَا = لـولاكَ مـا يُــدرى مــآلُ نفوسـنـا
سَـقَـرٌ ، وأهــوالٌ بـهـا ومَـقـامـعُ
يا ليت شعري كيف شطّ مآبُها = ورمى الفؤادَ بكلّ سقمٍ صابُها
تلهو على درب الظنون شعابُها = وطعامها ذو غصةٍ وشرابها
سمٌّ - ولا موتٌ هنالك - ناقعُ
الله من بمصطفاه من البشر = يهدي الخلائق بالبشائر والنذر
والطائعون ففي الجنان وفي نهر = ذي نعمة من ربنا مهما شكر
نا لا يوفيها الشكور الطائع
ضاقت بنا الأيام واستعر الردى == ومضت على أعناقنا سقط المُدى
مـاذا وقد تهنـا وضيعنـا الفـدى = يــا سـيد الكونين يـا ركن الهـدى
لك عند كـلّ المسـلمين صنـائعُ
يا مَنْ دُعَايَ عَلى رجائكَ يتّكي = وأنَا الفؤادُ المسْتَطِبُّ المُشْتَكِي
مَنْ لِي كَطِبّكَ في المحبّة دُون كَيّ = يا رحـمـــةً للعــالمـــين بُعِـثْـتَ كــي
تحيي الخليقـــةَ حـين عـزَّ الـوازعُ
يا مَنْ سَكَنْتَ بِخافِقِي فَتَفَجَّرَتْ = في رَوْضِهِ نَبْعُ التُّقى وتَدَفَّقَتْ
دَيْماتُ طُهْرِكَ فَوْقَ روحِيَ قَدْ سَمَتْ = فتهاطلتْ منك الحياةُ، تَلَقَّـفـتْ
ها في النُّفـوس الماحلاتِ بلاقعُ
مأمورَةً سارَتْ وأنّى أوْغَلَتْ = أرْواحُهُمْ شَوْقا إليْهَا أسْبَلَتْ
حتّى إذا عَنّ ا لمُقامُ وَ أقْبَلَتْ = رشــفَـتْ شــــآبيب الهُــدى فتحوّلَتْ
واحــاتِ نــورٍ خــدُّهــا يتَمـــارعُ
ما قارب القول المديح لذاته = لكنني أمتاح من بركاته
مهما مدحت المصطفى بصفاته = مــــا فـــوق مــــدحِ اللهِ في آيـــــاتهِ
خُلُــقٌ عظــــيمٌ كالمنـارة ســـــاطعُ
رامَتَ سماءَك إذْ رَمَتْ أقزامُهُمْ = فهَمَتْ عليهم كالقذاةِ سِهَامُهُمْ
ما أنصفتْ يا سيّدي أحلامُهم = ظـلمـــوك لمّـا كشّـــــرتْ أقــلامُهـم
وتـواطـأتْ معهـــا علـيك أصـــابعُ
بليت قلوبهم وباؤوا بالعمى = كم غرهم إبليس في نيل السما
أثمت أياديهم وضلوا عندما = رسـمـوك إفـكاً ســافـراً ، إذ بين مـا
رســموا وبين الصِّدق بونٌ شـاسعُ
شَحَذوا شُرورَ النَّفْسِ أَنْصُلَ مُدْيَةٍ = وَرَأَوْا بِنَهْجِ الحَقِّ أرْشَقَ ظَبْيَةٍ
فَتَدافَعوا كُلٌّ يَجودُ بِرَمْيَةٍ = مــا كان رميُـهُـمُ تراشـــــقُ صِـبْيــةٍ
لـكنما خلــف الســِّــــــهـام نَـــوازِعُ
لا غَرْوَ أَنْ عَـــادَ الشَّــقِيُّ مُذَمَّمَا = وَغَـــدَتْ تُلازِمُهُ الجَهَالَةُ وَالعَمَى
لَــمْ يَنْهَــهُ أَسْـــــــــيَادُهُ لَكِـنَّـــمَا = هــمْ أخـرجـوا أضغــانهمْ تسـعى كما
تســعى إلى بيضِ الطيورأشـــــاجِعُ
هُوَ زِيْنَةُ الدنيا وَمِصْبَاحُ الدُّجَى = وهو المُكَرَّمُ بالسَّمَاحَةِ والحِجَى
تُرْجَى شَفَاعَتُه وَنِعْــمَ المُرْتَجَى = لم يعـلمـوا أنّ الــذي شــــتمـوا نجــا
ةَ نفوسِــــــهم ، ولنفســـه هـو بــاخعُ
تبّاً لمن عشقوا الرذيلة إنّهم = عدموا المروءة حافلين بحقدهم
ربحوا الهوان مسربلين بذلهم = يا سيّدي : ما قولهم أو فعلهم
إلاّ هوامٌ قــد دهته زوابــــعُ
ما إفكهم إلا كرضراض الوهم = وكذا تآلبهم كمستشري الورم
وكأنهم طير البوادي والرخم = وغــداً يعـــود الإفــك ينعَبُ حيث همْ
وكأنّـه فـــوق الطلــول فواجـــعُ
وشعوبنا اعتادت ضياع المسلك = والعز كان على ذراها يتكي
هيهات أرجعها ولست بمدرك = يا سيدي خجلا اتيتك أشتكي
فالضعف آخانا وثم زعازع
ما عادت الكلمات تجدينا بشي=وغدت موارد أرضنا نهبا وفي
مات الكماة ولم يعد في الناس حي = خَجَــلاً نزفْــتُ ، فأمَّتي كغثـاء ســــــــي
لن عـدهـــا ، لكــن ســـــرابٌ خـــادعُ
لم نزرع البلوى وأثمر كرمُها = ليصبنا خمرا فيشرب بهمُها
نخب انتصار النائبات تؤمٌّها = وتــرى الضّــواري قد تـألّـب همّهـا
في نابهــــا ، والهــــمُّ فينـا هـاجـعُ
ما بالنا نَجترّ حُصْرمَ رَيْبِهِمْ = وَصِغارنا ضَرِسوا بِخَيْبَةِ شِيبِهِمْ
ها نَحْنُ ذا نُصْغي لِصَوْتِ نَعيبِهِمْ = لم نتَّـفـــقْ قـــولاً عـلى تأديبـهــم
أو نجـتمــعْ فـي فعـلـنــا فــنقـاطــعُ
مُتبوِّئَ الأبواقِ كُلُّ مُسَافِهٍ = مستهزِئٍ ، بالمُوبِقَاتِ مُشَافِهٍ
مَا إنْ يُدانَى ، في دلاَلٍ رافِهٍ = فـــإذا اْعتـرَضْـنــا أيَّ أمــرٍ تـافـــهٍ
أهواؤُنا - بلْهَ العظــيمَ - تَصــارَعُ
كـــم مرة والــدرب يهـدر دعــوة = كانت ســترسـم للمعـالي خطــوة
لكنهــــا ضاعت واضحت حسرة = تعِبَ الطّـريقُ ومـا اهتدينـا مـرةً
والشّـوطُ أرهقَهُ النُّحوسُ الطّالعُ
حتى الغيوم هناك تمطرنا الحزَن = والأمة اندحرت تطاردها المحن
في أول المضمار راودها الوهن = كل الجيــاد تســاقطــت من قـبــل أنْ
يُنهى المســـيرُ وليس فيهم ضابعُ
يا سيّدي : والروحُ تبعثُ رنّــةً = ملء الشعاب الداجيات ، وأنّــةً
نلهو ، نعاقر بالمآسي محنــةً = هي حالنا لمّـــا نسينا سُـــنّــةً
خلّفتَها ، فهي الدواءُ الناجــــعُ
خلّفتَها ، وتعاظمتْ في ريّهــا ... وبها النفوس تباعدت عن غيّها
هذي معالمها زهــت في وحــيها = لا خير نبلغه إذا لـــم نحيـــها
فيها الهوى وكـــذاك قال الشارعُ
وبها أحبّتنا الكرام تنعّموا = وصِلوا الفؤاد بنورها وتقدّموا
حتى إذا عبق الجمال فرنّموا = صلوا على خير الأنام وسلّموا
درعـــاً لكم لمّـــا يعزّ الدارعُ
هو سـيد الكونين موفــور الغنى= بـشــــمـائـل للخـــلـق كانـت كالـبـنـا
يـا ســــائــلا عـن حبـه متعـنِّـنـا=فـــرْضٌ محبّتُــهُ لمـــن طلـب الجـنـا
نَ ومـن أبى ، فَلَـهُ شُـــــــواظٌ لاذعُ