|
خلْفَ الوجودِ أَمِيْرَةٌ لَمْ تُخْلَقِ |
فِيْ عَيْنِها جُمِعَتْ حُدُوْدُ المَشْرِقِ |
نسَجَتْ مِنَ النّوْرِ المُبَعْثَرِ فِيْ المَدَى |
إكليلَ زيتونٍ وفوهةَ بُندقِ |
وتَسَلّلَتْ عَبْرَ الزمانِ كَأَنّهَا |
صَيْرُوْرَةٌ كُبْرَى لِكَوْنٍ مُحْدِقِ |
نفخَ الإلهُ قداسةً من روحهِ |
في رِحْمِها المعجونِ بالفجرِ النقي |
فتشكلَ التاريخُ في أحشائها |
وانسلَ من سمِ الخياطِ الأضيقِ |
هذا صلاحُ الدينِ جاءَمبشراً |
بوليدةِ الإسراءِ دونَ تَشَدُّقِ |
هزي بجذعِ الكونِ تسقط للعلا |
قدسٌ مباركةٌ بها شعبٌ تَقِ |
غرسوا وصايا الله في جنباتِها |
واستأصلوا رأسَ الصليب الأخْرَقِ |
عاشوا على مرِ العصورِ بعزةٍ |
لايأهبون بلوثةِ المُتَحذْلقِ |
حَتَّى إذا دارَ الزمانُ وأطْلَقَتْ |
أبواقُ أوروبا نداءَ النُّعَّقِ |
سقطتْ بلادُ العُرْبِ في كفِ الخنا |
واستعصمتْ بعدوِّها المُتَمَلِّقِ |
في عهد مَكْمَاهُون مَكْمَى هَون من |
باع البلادَ وعاد مثل الأحْمَقِ |
هذا هو التاريخ يا أهل النهى |
فاستنطقوه وحللوه بمنطقِ |
ولتسألوا القدسَ الشريفَ عن الأسى |
ففؤادها من جَرْحِهِ لم يُعْتَقِ |
ستون عاماً جمدتْ أطرافَها |
والبؤسُ يصهرها بدمعٍ محرقِ |
لبستْ من الأحزانِ أبلى حلةٍ |
وتوشحتْ وجهَ السنا المُتَمَزِّقِ |
تمشي وفي يدها زمامُ براقِها |
ورضيعُها المصلوبُ تحتَ البيرقِ |
يا أختَ مكةَ والمدينة ما الذي |
يبقيكِ في بحرِ الأسى المُتَدفقِ؟ |
نظرتْ إليّ بحسرةٍ وتنهدتْ |
وعيونها حبلى بصمتٍ مرهقِ |
قالتْ أُفتّشُ عن صلاح لعلني |
ألقاهُ في هذا الوجودِ المُطْرِقِ |
فلربما يأتي بجيشٍ فاتحٍ |
ليعيد أمجادي وينقذ مابقي |
ياقدسُ يا أم الصمود تماسكي |
لاتيأسي لاتحزني لا تقلقي |
مازال في أرض الشموخ بقيةٌ |
من إرث فاروقِ الزمانِ المُشْرِقِ |
في مصر في الخضراء في يمن الهدى |
في مهبط الوحي العظيم وجلّقِ |
في أرض بنغازي وبغداد التي |
تهفو إلى المجدِ التليدِ الأعرقِ |
قومٌ كرامٌ لا يهابون الردى |
بدمائهم نقشوا بنود المَوْثِقِ |
فتعاهدوا بالله أن لا يرجعوا |
حتى يزيلوا شأفة المُتَزَنْدِقِ |
حتى نرى أصنام أمريكا وقد |
سقطوا على صدرِ الخنا المُتَعَمْلِقِ |
ياربة الزيتون بشراك الرضى |
فالنصر آتٍ كالربيعِ المُوْرِقِ |
نظرتْ إليّ بعزةٍ وتبسمتْ |
ومضتْ تقاومُ شرَّ آخر بَيْدَقِ |
وجعلتُ أرقبها وكلّي دهشةٌ |
والعقلُ بين مكذبٍ ومصدقِ |
لاشك أن الله يسكن قلبها |
حتى وإن سكنتْ بسجنٍ مُطْلَقِ! |