فى ذلك العنبر الفسيح.. حيث تتصاعد رائحة المخلفات ويتطاير زغب الفراء...
وقف منتصب القوام ... كرشه يتدلى أمامه كبالون منتفخ... بينما شاربه الكثيف يُخفى شفته ويعبث بفتحتى أنفه الواسعتين..!!
رجل إقترب من الخامسة والثلاثين من العمر .. ورغم أن الله قد إبتلاه منذ سنوات بمرض السكرى إلا انه لم يتعظ ولم يقدر المرض على خبو شهواته الشيطانية المتأججه..
هو رجل لا يعرف الإستقرار ولا يبحث عنه.. فقد نذر نفسه لنزواته وغزواته مابين النساء وكؤوس الخمر!..
دائرٌ يحومُ مابين أقفاص الأرانب يُطعم هذا ويراقب ذاك..إمتدت يداه إلى قفص الأنثى ليُخرجها فى مأموريةٍ إعتادت عليها...
مستسلمةٌ هى لأصابعة الفظة وأظافره التى تشبه أنيابا" توخز فى لحمها...
مستسلمةٌ هى كعادتها ربما لأنها ألفت القهر !...أو ربما لأنه يجود عليها بالرعاية ومايسد جوعها !.... يأخذها بين يديه ليضعها فى قفص الذكر العجوز لكى تبداء رقصة التزاوج والرزق الجديد!...
يُغلقُ القفص عليهما ويرجع للخلف حيث يسند ظهره على الجدار البارد كأنه لا يريد أن يكون عزولا" بينهم.. لكن عيناه الجاحظتين ترقبهما من بعيد حتى يتأكد أن كل شئٍ سار كما يشتهى له...!
هاتفه المحمول يهتز فى جيب بنطاله فيشرع فى إنتزاعه بقسوةٍ وعَجل مثل سيفٍ ينزعهُ من غِمده !..
إنها " دعاء".. معشوقته وفتاتهُ المفضلة.. كانت مشروع طالبة نابهة فى الجامعة.. لكن شهوة المال وإستعراض أنوثتها جرفتها لبحر الهوى وتجارة الحبوب المخدرة...
ورغم فظاظته وهمجيته إلا أنها تعشق سخاءه معها ورعايته لشئونها الصغيرة..!
صوتها مثل فحيح الأفعى يصيبهُ بالخَدر فتسرى همساتها تشل أوصالهُ وتلعب بكرة النارِ فى داخله...
محترفةٌ فى الهوى فلا تحتاج سوى لكلمات قليلة حتى يُسرع فى طلبها للحضور إليه على عجل !!...
دقائق الإنتظار تمر عليه ثقيلة جدا" فيحاول أن يُشغل نفسه مابين قفص وقفص... لكنهُ يتذكر الأرنب العجوز... لابد وأن كل شئ قد إنتهى كما إعتاد دائما"...
يقترب من القفص فى ثقة وعدم إكتراث... لكنه يتوقف فجأة على مشهد لم يتوقعه..
يقترب أكثر.. عيناهُ يزداد جحوظهما... قلبه يدق بعنف.. يتصبب العرق من جبينه قطرات باردة على صدره العارى.. أنفاسه لاهثةٌ كدب يطارد فريسته.. ..
ترتجف أوصاله فلا يقوى على الوقوف..
حتى لسانه تخشب فى فمه بعدما جف حلقه...
أهى مقدما غيبوبة السكر ؟.. فقد نسى تناول الدواء فى الصباح...
أم هى نظرات الأرنبة التى إنطفأ بريق عينيها وأرتخت أذناها كانما تُعلن الحداد!!...
يجثو على الأرض والرجفة تهز بدنه المكتنز كأنها زلزال يضرب جوفه!....
يتحرك لسانه فيتمتم بكلمات لايسمعها إلا هو...
شلالات من الدموع تنفجر من عينيه فيغطى وجهه بكفيه كأنما يختبأ من نفسه من الخجل.....
ينطلق لسانه مدويا"....
أستغفر الله
أستغفر الله
أسغفر الله
قالها وتمدد جسده على الأرض بلا حراك
مات الذكر العجوز ...!