|
أودعْتُكَ اللهَ ربَّ العرش يا ولدي |
يا حبّةَ القلبِ بل يا بَضعَةَ الكَبِدِ |
إني نذرْتُكَ للرحمن خالصةً |
وهْوَ الحفيظُ ... عليه اليومَ مُعتمدي |
أقصانيَ الدهرُ عن عينيكَ مبتعِداً |
ووجْهُكَ العذْبُ عنّي غيرُ مبتعِدِ |
يَمرُّ طيفُكَ في قلبي، فأحضنُهُ |
شوقاً إليكَ، وفي عقلي، وفي خلَدي |
أستحضرُ الطيفَ وهْماً كلَّ سانحةٍ |
لأحتسي منهُ كأسَ الصبْرِ والجلَدِ |
أقبّلُ الجبهةَ الشمّاءَ، ألمِسُها |
وأمسحُ الوجنةَ الأسنى بملءِ يدي |
وألثمُ الطهْرَ في عينيكَ، أرّقهُ |
ليلٌ من الزيفِ غَشّى الفجْرَ بالنّكَدِ |
ليلٌ تطاولَ حتّى قال قائلهُ: |
ما للنهارِ؟ أما للّيلِ من أمَدِ؟ |
و(طغمةٌ) للخنا والبغيِ أجّجها |
حقدٌ دفينٌ، غَذاها الكُفْرُ بالمدَدِ |
قد نكّلتْ بدمِ الأحرارِ، ما رَقَبَتْ |
في الله إلاًّ ، ولم ترفُقْ على أحَدِ |
أوهَتْ عُرى الدين في أرضٍ مباركةٍ |
من الشآمِ، وغُلَّ الدينُ بالصّفَدِ |
وباعتِ الأرضَ للأوغادِ سائغةً |
لم تَبْنِ للدينِ أركاناً ولم تَشِدِ |
أرخى لها الغربُ حبلاً من مودتهِ |
وما دَرَوا أنه حبلٌ من المسَدِ |
ذقْنا بها الويلَ أضعافاً مضاعفةً |
لكنها النارُ تنفي وَخْمَةَ الزَّبَدِ |
ما زال ثأرُ حماةَ الثُّكْلِ مُتَّقِداً |
يستصرخُ النخوةَ العَرباءَ في بلدي |
ما زال جرحُ الثكالى الطاهراتِ بلا |
آسٍ، يمجُّ نجيعَ القهر من جسدي |
الأربعونَ كَوَتْنا نارُ جمرتها |
وقد هَرِمْنا، وجَمْرُ الظلمِ لم يَكَدِ |
|
وجئتَ يا ولدي الدنيا على قَدَرٍ |
فرَشْتُ دربَكَ آمالاً أزيّنُها |
وأرسمُ العُمْرَ آفاقاً من الرغَدِ |
محَضْتُكَ الحبَّ صِرْفاً ما بخلتُ بهِ |
حتى استويتَ شباباً زِينَ بالرَّشَدِ |
واشتدَّ في كنَفِ الإيمان عودُكَ لم |
يَستهْوِكَ الزُّخرُفُ الخدّاعُ أو يَصِدِ |
حمَّلتَ همّكَ قلباً يافعاً فسَرَى |
في عودِكَ الغضّ نَسْغُ الحقِّ والسَّدَدِ |
وبِعتَ لله نفْساً قطّ ما خضعَتْ |
ولا استكانت لغير الواحدِ الأحدِ |
كأنكَ اليومَ حِبُّ المصطفى انبلجتْ |
عنه الليالي، جلاءَ الأعيُنِ الرُّمُدِ |
|
كيفَ انتفضتَ، ولم يلسعْكَ مَيسَمُها |
نَهضْتَ من قمقمِ الظّلْماتِ تَحْطِمُهُ |
لتسكبَ النورَ في بُردَيكَ للأبَدِ |
حطّمتَ فينا جدارَ الخوفِ، هَوَّلَهُ |
كَرُّ السنين، ووجْهٌ للزنيمِ رَدِي |
ناديتَ يا ربّ ما لي عن جَداكَ غِنًى |
إنّي استعنتُ على الطاغوتِ بالصَّمَدِ |
وقلتَ دعني؛ فرَوْحُ الخلْدُ في رئتي |
والصوتُ في أذُني، والطيبُ في بُرُدي |
|
فاسلكْ سبيلكَ للفردوسِ منبعثاً |
لكلّ شيءٍ مَدًى لا بدَّ بالغُهُ |
والله يَقْدُرُ للغايات والأمَدِ |