أشتاقُ إلى ورقةٍ تربُت على كتفي, أبكي في حضنها, وأحدّثها عن كل شيء ينتابني من غبطةٍ وألم, لورقةٍ تنتشلني من حلكة الليالي, وتلقينِي قرب شمعة تشعرني بوجود النور, وأتلو إليها كل ما في داخلي من أسرِار أخشى أن أبوح بها لأحد, أن أبقَ بجوارها حتى يسفر الصبح, وتختفي تلك العتمة التي تهدّدني ؛ وأودّعها ثم أذهب إلى عملي, وحين أعود
تسبقني أحاديث الشوق إليها ,وأبتسم ويبتسم القلم, فأخبرها بكل تفاصيل يومي , أريدها أن تكونَ صديقتي المخلصة والصدوقة, أناجيها وتناجيني, لذا سأقصّ نفسي عليها في ترانيم قليلة,
ورقتي العزيزة:عِديني بأني عندما أحتاجُ معرفة نفسي ألجأ إليك؛
أريد أن أخبرك ما أعانيه من وحدتي وصراخي , وسيل دمعي الذي ينهمر ليلا ولا يدقّ نوافذ أي بيت, ينهمر فقط !, ليسقِ ذكرياتي المؤلمة حتى تنمو من جديد, وتترقبني كل مساءْ مهدّدةً بقتلي وتقسيمي عبر العصور,
أريدكِ بجانبي لأحافظ على جمعي فلا أتبعثر في تلك الأزمنةِ الغابرة, أن أستجمع قواي بكِ, أختبئ فيكِ من ذاك الليل البُسورَ الوجه,أريد التحدّث إليكِ دون أن يبْسَرَ لساني, أن أقف أمامك بلا خجل بلا حسبان بلا قيود تمنعني؛ فيتبدّد الخوف الذي يسكنني كما تتبدّد أشعة الشمس عند اقتراب المساء؛ وأعلن انطلاقة جديدة برفقتك.