مسافرون
مُسافرونَ وفينا الأرضُ تختنقُ
وراحلونَ وفينا غَصّتِ الطُرُقُ
مُهَاجِرونَ وَكمْ ضاقَتْ بنا دُوَلٌ
وفي رَحى حََسراتِ البُعدِ ننسَحِقُ
ومُبعدونَ عن الأوطانِ تطردُنا
كلّ الدروبِ وتُدْمي خطوَنا الحُرَقُ
وعائدونَ وحبلُ الموْتِ منتظرٌ
وبابُ سجْنٍ على الآلافِ مُنغلِقُ
وغاضبونَ بأيدينا ازْدَهى علمٌ
به تُشَدّ الخُطى والغيظُ يَنْفلقُ
يرفُّ فوقَ ذُرى العلياءِ غرّتُهُ
به الحسينُ زَهَا كالنورِِِ يَأتلقُ
والثائرونَ لعارٍٍ ليْسَ تغسِلُهُ
إلا الدّماءُ زكيّاتٌ ستنْدفقُ
فنحملُ الوطنَ المَنكوبَ في دمِنا
على جناحِ البُكا كي يُزهرَ القلقُ
وبي غبارُ حروبٍ خضْتُ أدْمنني
وقعُ الرّصاصِ بأفقِ الروحِ ينْطلقُ
إنّي حنينُ نخيلٍ غادَرَتْ ظَمأً
عن الشواطي وفيها يرْكضُ الغدَقُ
دمي المحطّاتُ تحْيا فيه أزْمنتي
وراحلٌ والجهاتُ السّودُ تنْغلقُ
وتزْرعُ الخوْفَ في الأجفانِ أخيلةٌ
أمّا الفراشاتُ فوقَ الضوْءِ تحْترقُ
وفي البلادِ غدَوْنا لا أمانَ لنا
بهِ اكتشفْنا إليْنا صُودِرَتْ حَدَقُ
فكلّما طفْتُ في البلدانِ أسألُها
عنِ العراقِِِ غشاني الدّمعُ والأرقُ
وكلّما صُحْتُ بالشهداءِ مذ رَحلوا
عن الغيابِ متى قد يَطلعُ الفلقُ؟
جاؤوا وفيهم ينزّ الدّمُّ فرْطَِ هَوَىً
مثل انزلاقِ الرّؤى في كوْنِهِمْ خَفقوا
متى يعودونَ من دنيا براءتِهم
ويطلعونَ شموساً كلّها أنقُ؟
متى وسيْفٌ من الأوجاعِ يهْرِسُنا
نصْحوا ونقرأ ما قد يَحْملُ الوَرقُ؟
على الحدودِ يمدُّ الضوءُ شرشَفَهُ
أرَى بلادي ولكنْ دوننا نَفََقُ
نحْنُ اكتشَفْنا بأنّا غربةٌ فتحَتْ
أبوابَ رحلتِها والروحُ تلْتصِقُ
يا كربلاءَ اشْعلي بالنّارِِ حَشدَهُمُ
وَحشّدي العزْمَ فالدُّنيا لمَنْ طرَقوا
فما أرَدناكِ أنْ تبقيْ على عَطشٍ
مثلَ الحسيْنِ بأرْضِ الطفِّ يَحْترقُ
تهيَّئي فالسَّما حُبْلى غمائِمُها
وأنّنا ضاقَ في طَوْفانِنا الأفُقُ
تفجّري نَجَفي واستقبلي دمَنا
على صَهيْلِ الفِدا لو أُسْرجَتْ سَبقوا
الحاملونَ إلى التاريخِ رايتَهُ
والباذلونَ ولن تُلوَى لنا عُنُقُ
نَذْراً سألقاكِ شلالاً يواكِبُنا
فسحْرُ بغدادَ منه الطهْرُ قد سَرقوا
فعلِّمينا فنخلي ليْس تقمَعُهُ
حُمّى الصّراعات أو مُستكْلِبٌ نَزِِقُ
وعلّميْنا جِرَاحي حَجْمُها مُدُناً
مِنَ الدّماء مَداها ليْسَ يَنْغلِقُ
وأنتِ ذي قارُ والبرْديُّ يغْسِلني
بضحكةِ الفجرِ لو أفشى الدّنا المَلَقُ
كلُّ القوافي إلى عينيْكِ أغْزِِلُها
حُلْماً يُوَشّى فأهْلي للوَغى انْطلقوا
فعَانقينا نصوغُ الصبرَ ملحَمةً
تعْشو النجومَ وعَهْداً يَرْحلُ الغَسَقُ
ويا جَنوبَ دمي ميسانُ لا تَهِني
يا هيْبَةَ اللهِ فيكم يُحْرقُ الرّنَقُ
يا درّةَ الكوْنِ والأشهادُ شاخصةٌ
للآنَ منكِ يفوحُ الهَالُ والعَبقُ
ومنكِ للآنَ للبارودِ لعْلعَةٌ
على الحدودِ به قد دانتِ الحُمُقُ
لو حرّةٌ صرَخَتْ في الهورِ وارْتجَفتْ
عَجْلى تهبُّ لها الأنبارُ تسْتبقُ
كركوكُ ، تكريتُ ما جَفّتْ مروءَتُنا
جدّي تَنَادى لبابِ الخُلْدِ مَنْ عَشِقوا
يا موْصِلَ الشَّرفِ العالي مصائرُنا
ديْسَتْ وفينا اعْتلى للدّسْتِ مَنْ مَرقوا
يا كلَّ أهْلي منَ الفيحاءِ أنْدُبُكم
لأرْضِ زاخُو هنا حرّاتُنا شُنِقوا
أما سَمِعْتُمْ وهوْلُ الصوْتِ هزَّكُمُ
صوْتُ الحرائرِِ فيهمْ قد بَغى الأبِقُ؟
ألَمْ يُلامسْ بكمْ آذانَ نخوتِكم
متى نثورُ وهذا السيفُ يُمْتشَقُ؟
يا طهْرَ أرضي فلا واللهِ يثلِمُنا
باغٍٍ يجورُ ولا خوْفٌ ولا رَهَقُ
إنّي أراهِنُ أنْ تعْلو أكفَُّهُمُ
كفُّ النّشامى إذا للسّاحةِ اتَّفقوا
لا لا تزُجُّوا تصاريحاً مُفرِّقةً
وقطّ واللهِ ما أسْلافُنا افترَقوا
للطائفيّاتِ لا تُلْقُوا حِبالَكُمُ
قد رّثَّ هذا الذي منْهُ اكتوَتْ فِرَقُ
هذا أوانُ الفِدا والبَذلِ فاعتصِمُوا
بحبْلِ ربِّكمُ والرّكبَ فالتحِقوا
قد حانَ وعْدُ الرُّغاليينَ يا وطني
ومَنْ لفارسَ دانوا أو لهُمْ نَهَقُوا
أمْشي مكابرةً والجمْرُ أسْحَقُهُ
وبي احتراقاتُ مَنْ مَاتوا ومَنْ سُحِقوا
أنَا القوافي أهدّيها أذا جَمَحَتْ
ويَجْمَحُ الحرْفُ منّي حينَ يَنْدلِقُ
تأتي فُرَادى وأرهاطاً بعفَّتِها
فإنْ سَكَتُّ بثغري كلُّهمْ نَطقُوا
فيها أرَتّقُ مَوْتوراً مَظالِمَنا
شاخَتْ وما شاخَ همٌّ بالمَلا فَتَقُوا
لا لنْ أبيعَ فمي لو ثرْثروا سَفهاً
ولنْ أقولَ سوى ما يبْتَغي الخُلُقُ
عشْرٌ تعَدَّتْ وحتّى الآنَ ما هَدَأتْ
مَجامرٌ أُضْرِمَتْ أهلي بها احْترقوا
سِرْنا جراحاً فصادَفنا مواجَِعنا
بين الدروبِ يَقودُ الخَطوَ مُنزَلَقُ
وما انتبَهْنا رُؤى الأفراحِِ تهْجُرُنا
مُطارَدونَ بنا البلدانُ ترْتزِقُ
نحْنُ انتظرْنا لفجري نرْتجي أمَلاُ
عسى ببغدادَ خيْطُ الصبْحِ ينْطلقُ
***
9/1/2013
ألقيت في المهرجان الشعري الذي أقامته منظمة الحراك الشعبي في الفلوجة بتاريخ /1/2013
لتجسيد الوحدة الوطنية العراقية ..
ألقيت في ساحة العزة والكرامة والشرف بمحافظة الأنبار بتاريخ 12/2/2013 ..