قولي له يا شهر زاد!
حسناءُ مرَّت في العيونِ الحالماتِ على
القلوبْ
مرَّ النهارُ على غصونٍ
هارباتٍ في الطريقِ على
الشجرْ
أعدو على خطواتِ حلمٍ هاربٍ مني بساحاتٍ عَدتْ في إثرِ
ليلْ
قدمايَ من حمَّى الهروبِ إلى مصيرٍ مستحيلٍ
يقتفي أثرَ الدماء النازفاتِ على الدروبِ تنوءُ
بي
وأشمُّ رائحةَ المساءِ على
عجلْ
مرّ النهارُ على
تعبْ
فطلعتُ مع شمسِ الشروقِ
وجئتُ مع شمسِ المغيبِ إلى استراحاتِ
العذابِ لدى الرجوعِ فهل
أعودْ؟
لا لا يفيءُ الشوقُ في حضنِ
الأملْ
أمواجُ ليلٍ زاحفاتٌ في شواطىءِ
مقلتي نحوَ السّواحلِ من رُؤىً كي لا
أرى شوقاً يظللُ مهجتي مصباحُ
نجمْ
ودموعُ عيني جالساتٌ في الرِّمالِ على الشَّواطىءِ ناظراتٌ
للحبيبْ
أفقٌ يسافرُ فوقَ
بحرْ
وأظلّني عتمُ
الحريقْ
هذا أوانُ الليل في سَننِ
الرَّحيلْ
والنومُ عندَ الفكرِ من أرقٍ
أصابْ
تحتَ الرمادِ يقومُ دفءٌ باردٌ وسطَ
الحريقِ
جمارُ ثلجْ
ساعاتُ خوفٍ في السكوتِ وفي
الكلامْ
نسجتْ ظنوني بردةً فلبستُها ونزعتُ جلداً ميتاً في ذي العِظامِِ
الناتئاتِ العاصفاتِ على
الألمْ
فيحدِّثُ الصمتُ
الكلامْ
في كلِّ شبرٍ نزعُ سوطٍ أو سطورٌ من
ألمْ
وجلستُ أفترشُ الحكاياتِ القديمةَ كي
أنامَ على غمامِ
الأُمنياتْ
ونزفتُ من عرقِ الهمومِ على
الغبارْ
حتى جُبلتُ مع الهمومِ على
الترابْ
فيقودني سلطانُ نومٍ كي أُجافي دمعتي
والذكرياتِ و ماتَ في الغصنِ الربيعُ على
الخريفْ
فاصفرَّ عودٌ بعدَ
صيفْ
واخضلَّ دمعٌ في يبابِ النوم يسترقُ
الجفافْ
واستلني سيفُ المنامِ.. حلمتُ أني في مدينةِ
شهرَيارْ
وهناكَ عُلِّقتِ الرؤوسُ على النّوافذِ
للمساءْ
وأقامَ تمثالُ المشانقِ موعداً للعيدِ يخشاهُ
النَّهار
فأرى الرجالَ يصفقونَ بلا
أكفْ
هتفوا لطولِ السوطِ في أيدي الظلامِ على
الظهورْ
ذي شهرُ زادَ تقولُ سفراً من حكاياتِ
المساءْ
والنطعُ ممدودُ السِّماطِ وسيفُهُ كعقاربِ السَّاعاتِ قبلَ الموتِ
ترتهنُ الحياةْ
عينايَ جمرٌ لاهبٌ تحتَ الأوارِ فلا
يقرْ
سكنتْ دموعي كلَّ أناتِ الأنينِ سكبتُها في كلِّ سطرٍ من
قلمْ
وحكايتي سفرُ الألمْ
في كلِّ ميلٍ ألفُ ميلٍ سرتُ في كلِّ اتجاهٍ قامَ
سفرْ
كعقاربِ الساعاتِ في كلِّ اتجاهٍ
للزمنْ
سلكتْ دروبُ
البوصلةْ
درباً على غير اهتداء خطَّه سوطُ
الأنينْ
والجسمُ أنحلهُ المسيرُ على
التعبْ
وعلى التُّرابِ تذوبُ أغصانُ
الحياةْ
وعلى الترابِ يذوبُ
صخرْ
دمعي يذوبُ على شموعِ
الانطفاءْ
ودمي يدبُّ على
قدمْ
يا شهرَ زادَ يؤودُ
ليلْ
ذي شهرُزادَ تقومُ تحكي شهرَ يارَ بليلةِ العرسِ الأخيرِ حكايةَ الشعبِ المكبلِ بالعذابِ وبالتعبْ
السيفُ عيناهُ المكانُ ولا
ينامْ
والسيفُ يرقبُ
من بعيد أمرَ سلطانِ
الزمانْ
عيناهُ ملآى بالدماءْ
برقتْ عيونٌ للكلامِ وللدماءِ وأشرفَ الصمتُ الحزينُ على
البكاءْ
يا شهرَ زادْ:
جفناي موجٌ من رمالٍ عندَ شاطىء
دمعتي
ليلي طويلٌ في المدى
ولبستُ ثوباً
من سهرْ
رقدتْ جفونُ الحالمينَ على أكاذيبِ
الحياةْ
يا أيُّها الملكُ السعيدْ
يا صاحبَ الرأيِ الرشيد:
الجوعُ عضَّ بطونَ شعبٍ غارقٍ في بحرِ
ذلْ
غرستْ ذئابٌ نابها في كلِّ
لحمْ
فقضى الهلاكُ على جسومِ
المتعبينْ
ومضى الفناءُ على التعبْ
عظمٌ يؤودُ على
وضمْ
الذلُّ خبزُ الجائعينَ إلى فتاتٍِ من طعام الموت في ظلِّ
الفناءْ
الحبُّ قيسْ
والحبُّ من سفرطويلٍ في ديارِ الشرقِ يبكي أمَّهُ عندَ
الفراقْ
قولي لَهُ يا شهرَ زاد:
لا لن يحررَ قِبْلَتي شعبٌ
ذليلْ
يا سيدي الملكُ السعيد:
قد طال مُكثُكَ في البلدْ
أنتَ الرئيسُ ولا
أحدْ
سبحانَ ربي الواحدِ الفردِ
الصمدْ
فمتى تظلُّ صدورُنا مرقى الأسودِ
وللأسدْ
نادتْ ذئابُكَ للحياةِ
أيا أسدْ
أسدٌ ..أسدْ
شعبٌ ينادي للكرامةِ والحياةِ
ولا مجيبْ
حريةٌ مسلوبةٌ في ظلِّ زعمٍ للممانعِ
الاحتلالْ
ومضى لجولانَ
احتلالْ
لا لنْ يحررَ قُبلتي طيفُ
ابتسامْ
يا أيها الملكُ السعيد:
ما قلتَ في رأيٍ سديدٍ أو
جلالْ
الصبحُ عيدْ.. والشعبُ عيدْ ..
آلليلُ عيدٌ
وابتسامْ؟!
أمٌّ تنادي طفلَها عندَ المغيبِ لكي يؤوبَ إلى الفراش فلا
يؤوبْ
طفقت تنادي طفلها:
عدْ يا ولد..عد يا شقي
عد لا تخفْ
إن لم تعد فهناكَ
غولْ
والذئبُ يعوي كلَّ من مرَّ
الطّريقْ
وهناكَ أشباحٌ تُطاردُ كلَّ طفلٍ غائبٍ عن بيتهِ
حتى يعودْ
فأجابها بلسانِ حال الموتِ في الجسدِ
الوديعْ
لا لن أعودَ إلى الفراشِ بثوب
عتمْ
في سعفِ نخلٍ أرتدي ثوبَ الغبارِ على
الدِّماءْ
لا لن أعودْ
يا شهرَ زادْ
جلستْ إليه لكي تقولَ
فما تقولْ
فتدافعتْ واستودعتْ.. إلا دعاءَ
الخائفينْ
وتحمَّلتْ ..لم تحتملْ إلا دعاءَ
الصابرينْ:
رحماكَ ربي في الولدْ
رحماكَ ربي في الولدْ
حضنتهُ في الصّدرِ الرؤومِ كأنَّ خنجرَ
قدَّها
ليفيءَ في صدرِ الحياةِ كأنَّ قبرَهُ
قلبُها
غسلتهُ في بحرِ الدُّموعِ تمسُّ جفناً
ساحراً
وجهاً ولا كلَّ البدورْ
مرَّتْ عليهِ شفاهَها قُبَلاً تموجُ على
القُبلْ
عِطرٌ يضوعُ بأنفهِ وشذىً يهبُّ على النَّسيمِ الصاعدِ السهلَ
الجبلْ
نزفتْ عليه لعابَها لثماً وتقبيلاً
وثَمْ
بدأتْ بحباتِ الجبين وشهدِ مابينَ
المقلْ
هذا الجميلْ
إنْ كلُّ ما فيهِ جميلْ
حتى الغبارُ على القدمْ
أن كفّنتهُ بحبها والقلبُ قبرٌ
مُرتحلْ
هبَّتْ إليها عُصبةٌ أشباحُ ليلٍ لا ترى في الأمِّ عذراً
في الحَزَنْ
قالوا لها: قولي أسدْ
أسدٌ.. أسدْ
أو تُذبحينْ
إيّاكِ ما ذبحَ الولدْ
قالتْ لهم: يا أغبياءْ
روحٌ تغذُّ إلى العُلى معراجُ نجمٍ
للحياةْ
فخذوا دمي معراجَ
نجمْ
قولي لهُ ياشهرَ
زادْ
يا أيها الملكُ السعيد:
ما قلتَ في رأي جميلٍ
أو سدادْ
وأبوه أمسِ أتاهُ ذئبٌ جائحٌ كيما يقول:
أسدٌ أسدْ
وعلا حذاءٌ صدرَهُ
قل أو تمتْ
قال الأسيفُ بصوتِ لا
لا لن أقولَ بألف لا
مليونَ لا
وأقولُ ملءَ
الاحتضار:
مُتْ يا أسد..مُتْ
يا أسدْ
يبقى الإلهُ فذو الجلالْ
وهو الإلهُ ولا
أحدْ
قتلوكَ يا بلدي فَقوْلي
للسُّها:
لا لن أذوقَ الذلَّ بعد اليومِ
لا
سأصومُ حتى أستفيقْ
الفجرُ أن تصحو الرياحُ على اللّيالي الجاثماتُ على
الصدورْ
الفجرُ أن يتلوصباحٌ في غلالاتِ
الشَّفقْ
عرسُ الشَّهيدْ
قولي له يا شهرزاد:
يا سيدي الملُك الرشيدْ
حاشاكَ والرأيَ الرشيدْ
طفلٌ يموجُ على الدُّموعِ من
الصُّراخ
قلعوا أظافرهُ الجميلةَ تحتها لبسَ
الغبارْ
قطعوا سنابلَهُ المليئةَ
بالورودْ
وهنا ينامُ جمالُ طفلٍ في زحامٍِ الموتِ ساعاتِ
الرَّحيلِ بلا كلامْ
أن يُهدَ طفلٌ وردةً لتهبَ أنسامُ البراءةِ من
يدهْ
عطراً يطهرُ رجسنا في كلِّ
ذلْ
لتطوفَ أسرابُ الحمامِ على
النسيمْ
ويدقَّ ناقوسُ السلامْ
يا سيِّدي:
الشَّوكُ في أظفارِ طفلٍ لا
يؤودْ
قولي لهُ يا شهرَزادْ
يا سيِّدي الملُكُ الرشيدْ
ونعمتَ في نومٍ رغيدْ
يا سيِّدي
غفتِ الحدودُ على الجنودِ فراشَ
صيفْ
لُحُفَ الشتاءِ ونومَ
كهفْ
وعلا شخيرُ الاحتلالْ
يا شهرَ زادْ
فوقَ الرياحِ أضمُّ يوماً كي يزيدَ على
السنينِ بخارُ
دمْ
تمضي السنونُ على دمي
سكينُ وقتْ
وبحارُ صمتْ
مرَّت حناجرُ للغناءِ بغربتي فأنرتُ قنديلَ
المساءْ
هبَّ المساءُ بأغنيةْ
في عزفِ
ريحْ
فأصختُ سمعاً للرياحْ
قاشوشُ غنى للمدى: عودي لنا حريةً فجرَ
الصباحْ
كبساطِ ريحْ
وتراً يطيرُ مع الرياحِ
السِّندبادْ
قاشوشُ إن سكتَ الغناءُ
بحنجرةْ
هبتْ رياحُ السامعينَ على
السُّكوتْ
وعلتْ حناجرُ
كبرياءْ
قولي لهُ يا شهرزاد:
قد طالَ ليلٌ في البكاءِ على
الجراحْ
قولي لهُ: يا شهرُ يارَ، أكلُّ يومٍ
مقصلة؟
ذُبحتْ هنا غيداءُ
فجرْ
ودمشقُ باتت في العراءِ بليلِ صيفٍ
أو شتاءْ
ذُبحت هناكَ من الوريدِ إلى الوريدِ وأشعلت حباً ينادي صيفُه وربيعُهُ
يا حاديَ الآهاتِ سرْ
هذا نداؤكِ للصباحِ وضجَّ فجركِ بالورودِ
وبالقبلْ
إن ضاع صوتُكِ في الفلاةِ على الدماءِ بلا صراخٍ والوداعُ
المستباحْ
ما عادَ في الفيحاءِ وردٌ أو بلابلُ للصَّبا تشدو إذا نزلَ
الصباحْ
لم يبقَ فجرٌ ذو شفقْ
نزفت وروديَ كلُّها ودموعيَ الحرَّى أتتْ بستانَ
شوكْ
إلا حبيباتِ الندى نزفتْ هناكَ على
الرؤى
وشراعيَ المنظورُ في عينِ الرّدى كي أستمرَّ بلا
شراعْ
يا شهرَ زادْ
قد ملني تعبُ الطريق على
الحذاءْ
وقفَ السُّنونو صامتاً فوقَ الشراعِ فما يقولْ
الحبُّ نام أمامكمْ والبحرُ قامَ
ورائكمْ
فيم المسيرُ إلى الأمامِ وقائدٌ أعمى يغذُّ السَّيرُ فيهِ إلى
الهلاكْ
والشوكُ في صبري
حذاءْ
ملّت قبورٌ موتَنا حتى
الحياءْ
الصبرُ سكينٌ يحزُّ رقابَنا حدَّ
الجنونْ
النومُ موتٌ في الحياةِ بلا
عيونْ
يا شهرَ زادْ
زعموا طبيباً للعيونْ
فيم الحياةُ إذا الجمالُ بلا عيونٍ أو
نظرْ
سكتَ الصراخُ على فمي في
الأغنياتْ
بردى يغنِّي للفراتِ ضياعَ لحنِ
الحنجرةْ
وعنادلُ الآهاتِ
موتْ
يا شهرَ زادْ
الفجرُ في عين الحبيبِ غريبُ
دارٍ
والليلُ فوقَ جفوننا نسجَ الفصولَ دثارَ
بردْ
في صيفنا وخريفنا
وشتائنا وربيعنا
أعمارَنا ..نزف
الوطنْ
يا حمصُ مالكِ تنزفينَ بعتم
نارْ
ذبحٌ يقومُ بلا عددْ
شوقاً لخالدَ في الرفاتِ لأن يجيء به
المددْ
يا حمصُ قولي للأسدْ
قولي له:
"أسدٌ عليّ وفي الحروبِ نعامةٌ
ربداءُ تصفرُ من صفيرِ الصافرِ"
قولي لهُ:
مهلاً أسد..مهلاً أسدْ
يا شهرَ زادْ
يا مقلة في الليلِ غالبها
السُّهادْ
يمضي حديثُ الساهرين بنا وشوقٌ مرَّ في غير
اتفاقْ
في ليلةٍ من ألفِ ليلٍ يصرعُ الكابوسُ
حُلمْ
لقتيلِ ليلْ
سيفٌ يجندلُ كلَّ ليلٍ ألفَ
غيدْ
ذا شهرُ يارَ ويشحذُ السِّكين حذفاً في حروفِ
الضادِ كي يجلو
الكلامْ
يستحضرُ الأحلامَ في لغةِ
الوعيدْ
يا شهرَ زادْ
الموتُ أبهى حلةً
والذلُّ أزهى بالعبيدْ
يا شهرَزادْ
هل يستطيعُ الذلُّ أن يلدَ
الرياحْ؟
قولي له: لا يستطيعْ
إلا إذا فجرٌ تولد من قناديلِ
الصباحْ
يا شهرَزادْ
الرِّيحُ يبسطُ كفَّهُ فوق القمرْ
والسندبادُ بساطُ ريحٍ في قفارِ
المستحيلْ
لا موتَ تحتفلُ
الحياةْ
لا يرتدي الليلُ العباءةَ
للنهارْ
فالناسُ قد حلموا الحياةَ ممالكَ الشمسِ
الصباحْ
والحالمونَ جميعُهمْ مشروعُ
موتْ
والناسُ قد ولدوا الحياةْ
فإذا تداعى الليلُ في فجرٍ طريدٍ في وشاحٍ
من شفقْ
حريةٌ وبحارُ
دمْ
نبتت جراحي وردةً فجرَ
الصباحْ
وصياحُ ديكْ
وسكنتُ في القولِ
المباحْ:
لا ليلَ بعدَ الآنَ يقتلُ بسمتي
الشمسُ تشرقُ من بعيدٍ في
دمي
ها ذي قناديلُ
الجراحْ