كهف الريح
أحمد حسين أحمد
١
دعواتٌ في دجــى الليلِ نثرناها احتراسا
أمــــــطرت فــي غــــــرّةِ الفجرِ ظلاماً ويباسا
مـــــترعُ بالقحطِ نهري
وأنــا أنصبُ في القحطِ أساسا
آه لــــو أدخل كهفَ الريحِ
أستلُّ السحابات الثقيلة
أنثرُ الناضجَ منها
فوق قيعان بلادي المستطيلة
آه لو أنـــــسابُ والغيم فينثال المطر
والعصــافيرُ التي جاءت معي ترزمُ ريشات السفر
آه لو تــــــشرقُ شمس الحبِّ حتى في صقر
٢
ها هو البرقُ
وها جذوة روحي
نزلــت غيثاً على حقلي الحزيـن
هــــــــا أنا أبــــــذلُ بوحي
أرســــمُ الـــــحقلَ بزهرِ الياسميـن
فـــي يدي نارٌ وفي الشريانِ طيـن
بـــدني الــمــفخـورُ مـمـلوءٌ بأضواءِ ليالٍ مقمرات
طالما عشنا وإياها على مجرى الفرات
إنـما حلّت ليالي الصمت والدمعُ السخيـن
و الـــضحـى الـمغسولُ بالقطران آت
٣
ها أنا أحملُ آمالي عروقاً في حجر
تدفــعُ الريحُ ركامي فوقَ أمواجِ القهر
شابَ حزن الغيمة البيضاء
عرّاني القمر
آه يا عصفورتي الخضراء
ما عــــاد رجوعي موسمٌ للعشبِ
يرعاهُ المطر
ذاك حـــلمٌ بعثرتهُ الريح
شوكٌ في حفر
٤
باغــتــتنـا الـــريحُ واشّتدَ العذاب
أيها المحمولُ في كفِّ الضباب
هائمــاً فــي كــفّةِ الميزانِ مذهولاً تدور
أسقطَ الطاغوت آمالي وباقي سور أور
آه والتـفَّ الخنازيرُ على بوابةِ العشقِ الصموت
يربـــطون الــخيل بالـمحرابِ في صبحٍ خفوت
فمتى تنهضُ من كهفكَ
أو تخرجُ من بيـن ثراها عشتروت
آه.. هــــل أقوى على لمِّ فتاتي
وأنا بــقٌّ دقيقٌ في شباكِ العنكبوت؟
مسرحٌ للرملِ لحني وترانيمي بقايا من قشور
نثروهــــا، كلّما جاءوا، على مـرِّ العصور
٥
كلــمّا أدخــــلُ كــهفَ الريحِ ألقاكِ على سفحِ التلال
تجمعيـن البرقَ في صحنِ السلال
عــــلَّ راعٍ للسحاباتِ الثقال
يــرتدي رعداً ينادي للقتال
وإذا بالـــقـطـرِ فــيّاضاً على السهلِ يجود
يملأ الحوضيــــــن بالحبِّ فتنهارُ السدود
وإذا بـــالقـــنّــبِ الـمجدولِ في زنــدِ الرجال
يحتـــــوي قوساً فتنهالُ النبال
آه يا عصفورتي الخضراء
هل تبقى القيود
تحبــسُ الدافقَ من جوفِ الجبال؟
٦
مـــدنٌ تولَدُ للموتِ وأخرى للخلود
وحضاراتٌ على الباغي تجود
حشّــدت روما بغاياها وهولاكو الجديد
عائدٌ بالجندِ سلطاناً يعود
ناطحــــت قـــــرناهُ قرصَ الشمسِ
والــــناسُ سجود
وأنــا أربــضُ كـــالثـورِ الخرافي المجنّــح
نــــافضاً حبري وقرطاسي المسلّــح
فـي قــــرى آشــــــور أجــترُّ الزوابعَ والجليد
فإذا مرّت فحول النوق ألقمها الحديد
آه يا عصفورتي الخضراء
هل تبقى القيود
تحـــبــسُ الــــدافقَ من نزفِ شهيد؟
ألمانيا ٦/٢/٢٠٠٥
https://www.rabitat-alwaha.net/molta...ead.php?t=6868