كنت في رحلة قصيرة إلى لبنان , ذلك البلد الجميل الذي صمد أمام ويلات الحرب , رأيت بيروت مضيئة كالقمر في ليل سهر تخلله متعة للناظرين , ولا يقتصر الجمال على كل أحياء لبنان مع مختلف طوائفها , لكنهم يتحدون بالكلمة الطيبة الراقية , الشعب اللبناني شعب معطاء ومكافح , كل ما فيه جميل ,رأينا الريف والجبل بهدوءه وجوه البديع والمدينة بأضوائها وصخبها ولكن قد يتمنى الإنسان أماني أو يأمل بأشياء قد تتحقق وقد يدهشه تحقيقها , كنت أتمنى أن التقي بالكاتبة والروائية الرائعة أحلام مستغانمي في لبنان حيث إقامتها , و آمل أن أراها في احد المقاهي المنتشرة في فردان أو السولوديرأو أحد مقاهي الفنادق ولكني وقد شارفت على الرحيل بعدما تعبت من السؤال عن عنوانها أو حتى خيط يدلني عليها , في نهاية رحلتنا وقبل سفرنا بساعات مررنا بمكتبة دار الساقي لأقتني منها بعض الكتب وصار حديث مع المحرر للدار الأستاذ فؤاد زعيتر في إمكانية النشر لديهم وكان استقباله وكرمه الطاغي على أجواء كانت تحفها الكلمة التي لا تكون إلا لصانعي الكلمة بجدارة , وبالصدفة أسال أحدهم عن هاتف الكاتبة أحلام مستغانمي فرد علي نعم لدي هاتفها وكأنه قدم لي خبر فوزي بجائزة أدبية أحلم بها أو لا أستطيع وصف الفرحة التي كانت ولكنها لا تزال موصولة بالغيب ولا أعرف ساجدها أم لا, أخذت الرقم وشكرته وهرولت مسرعة للسيارة لأهاتفها ولم يبقى على رحلتنا سوى ساعتين وصممت على مها تفتها وجاوبتني وكانت فرحتي بها لا توصف ابدا ..اتسائل ما كمية العواطف التي ننزفها لأشخاص لا نعرف غير حروفهم أو لمجرد أنهم يشبهوننا أو يلا مسوا حواف مشاعرنا , من خلال قراءتي لروايتها ذاكرة الجسد وفوضى الحواس , كانني اعيش في حلم أغيب فيه عن الوجود , لا يوقضني منه غير كلماتها عن الجزائر عندها أشعر بالواقع المر الذي نعيشه , كنت اتساءل في الفكر الذي تحمله كلماتها وماذا تقرأ ؟ ؟ وما هي ثقافتها وعرفت أنها تحمل الدكتوراه في علم الإجتماع من السوربون ولكن هل كل من يحمل الدكتوراه يستطيع أن يكتب ما كتبت ؟؟ فالعبرة ليست بكمية الشهادات التي نحملها بقدر ما نحمله من ثقافة متعددة من فلسفة لعلم نفس .. للغة . لأسلوب .. لذكاء .. لمعرفة المداخل التي تدغدغ مشاعر القارئ بكلمات تدخل بالصميم, عندما يقراها يشعر بالمتعة بأنها تستحق أن تُقرأ ويمضي الوقت بإرتحالة جميلة , فمن لم يقرا احلام لن أقول بانه لم يقرأ حتى لا اظلم غيرها من الكتاب ولكن من لم يقرا أحلام سيظل في رتابة الكلمة القديمة ولن يستمتع إلا بقراءتها فكيف وإن رآها عن كثب وهذا ما حصل معي , عندما كنت أتمنى بعد ما قرات لها ورايت حديثها عبر الفضائيات في عدة مقابلات تلفزيونيه أن ألقاها يوما , وكنت على استعداد أن أسافر لها من غير عنوان لكي أراها , أليس هو الحب في الله الذي يجمع قلوب البشر , قد بدأت قبل سفري بهذا الموضوع وهو الحب من غير منفعة ولم أكمله فقلت في نفسي سأكمله عندما أعود , ولكن في آخر رحلتي وجدته مجسدا أمامي في لقاءي بأحلام وبعجالة أجد نفسي أكتب كلماتي هذه عنها لا أزيدها شهرة ولا أشتهر من ورائها ولكنه لقاء عابر في الحب الخالي من أي شيء عدا الحب نفسه , أين وصلنا ؟؟ عندما هاتفتها بصوت الشوق كله الذي يحويه العالم... قائلة لها : هلا يا غلا أبحث عنك من زمن ومسافرة واطمع في لقاؤك فأجابتني يعيشك أنا في بيروت فقلت لها ونحن كذلك سنلتقي في الهولدي إن وجاءتني مهروله وأقدمت إليها بشوق وكاننا في فيلم يصوره لنا القدر بمحض صدفة , يا الهي ما هذه المشاعر.. وجلسنا في مقهى الهولدي إن ومعنا عائلة لبنانية وأخذنا نتحدث بكل شيئ وكانن القدر يختزل لنا الفرح في تلك اللحظات احدثها بشوق وتحدثني باكثر وكاننا امام ميزانية عمومية في طريقها للتوازن , توازن الفكر بالفرح , لم نتبادل العناوين كأي شخصان تعرفا على بعض في لحظة انتظار .. الوضع مختلف تماما , هناك لهفة وانتظار وترقب وتحقيق لقاء , تبادلنا للعناوين بعمق وليس لمجرد التعارف فقط .. تجاوبها معي ولطفها زادني إسعادا .. كم هي رائعة أحلام فلن تكون إلا في الحلم , يقولون عن الكتاب مغرورين ولا وقت لديهم وكانت فرصتي معها ولقائي بها موفقا جدا .. جُنت بي وجننت بها وودعتها على أمل اللقاء فما اجمل لقاء الحب للحب نفسه , ما اجمل المشاعر التي ننزفها من اجل حب وتوافق في التفكير والمشاعر ..أحسست بتلك اللحظات بانها تغسل احزاني بلقائها العابر الجميل , وفي نهاية مقالي لا يسعني إلا نداء إلى المجلس الوطني للثقافة والفنون من هذا المنبر لتوجية دعوة للكاتبة والرائعة أحلام مستغانمي ذلك الفكر الذي يستحق أن نستضيفه ونسمع منه الدرر وعلى شرط أن تكون في ضيافتي , لأن الحب الذي نحمله للآخرين لا نستطيع ان نعبر عنه إلا بالقرب منهم وبمحادثتهم, تنير عقولنا أو افئدتناالمهم ان نشعر بذلك النور الخفي والبقاء للشيئ الجميل فينا قد ندخره وقد ننفقه في ساعات مباغته تدهشنا وتدب فينا دورة لحب الحياة أكثر , ففي الحب نحيا وفي الحب نموت , الله المستعان , وإن الله من وراء القصد .
وقفات شفافة :-
*التشابه الفكري بين الآخرين يشكل إشكالية حيث يتم تشابك القرب العاطفي مع الفكري لدرجة أنهم ينساقون مع القرب العاطفي بعمق غير إرادي لدرجة تعلقهم بذلك الفكر .
* كل علاقات الحب الحقيقية تنتهي أو لا تلتقي , ما عدا الحب للحب بلا أطماع , و طمع الحب للحب هو الباقي في زمن ليس به بقية كل شيئ ينفذ .
*زئبقٌ قد تبعثر في راحتي.. تناثر لم استطع أن الملمه.. مسح لون أساوري رميتها وتذكرتك.. قد مسحت ذاكرتي ./ مسافات ود .
*يا مداي ما الذي أجلاك في وقت يحويه امتلاء ..يوم لبست الحنين وحيداً مثل غيم سادر ظل السماء ..غصةٌ في الفؤاد .. كينونة ترعى المتاهات .. ../ مسافات ود .
*وثب ببعض أملٍ منذ بدايات ميلاد المجهول ..امتثل لصدق مشاعره ..نفساً تتوق تحاصره ضياع ابدي في التيه ..يجذف في ملكوت الحب ..على الطيف تكسرت الأطياف /..مسافات ود
بقلم / الجوهره القويضي
www.aljwhrh.com