حَدِيْثُ الـمَوْت *
شعر\ عيسى جرابا
11\9\1426هـ
الـمَوْتُ أَهْوَنُ عِنْدِي مِنْ حَيَاةِ صَدِي
لِرَحْمَةِ الزَّوْجِ أَوْ إِشْفَاقَةِ الوَلَدِ
لَمْلَمْتُ أَشْلاءَ عُمْرِي وَارْتَحَلْتُ ضُحَىً
آثَرْتُ أَلاَّ أُرَى عِبْئاً عَلَى أَحَدِ
الـمَوْتُ يَا مَا أُحَيْلَى الـمَوْتَ! صَيِّبُهُ
لِلنَّاسِ صَابٌ وَلِي كَالثَّلْجِ وَالبَرَدِ
وَاللهِ مَا هِبْتُهُ حُبًّا لِدَارِ بِلَى
لَكِنَّهُ الـخَوْفُ مِمَّا قَدَّمَتْهُ يَدِي
أَيْقَنْتُ بِالـمَوْتِ مِنْ حَيْثُ الـجُحُوْدُ بِهِ
وَا ضَيْعَةَ العُمْرِ فِي وَهْمٍ عَلَى رَشَدِ
آتٍ وَنُدْرِكُ هَذَا غَيْرَ أَنَّ لَهُ
وَقْعاً يُفَتِّتُ فِيْنَا صَخْرَةَ الـجَلَدِ
أَشْكُو إِلَى اللهِ مَا عَانَيْتُ مِنْ مَرَضٍ
أَبْلَى رِدَائِي وَمَا لاقَيْتُ مِنْ كَمَدِ
هَذِي الدُّمُوْعُ ذَرُوْهَا فِي سَنَابِلِهَا
كَمْ رَاحِلٍ غَارِقٍ بِالدَّمْعِ لَمْ يَعُدِ!
سَبْعُوْنَ مَرَّتْ كَحُلْمٍ بَائِسٍ وَعَلَى
بَابِ الرَّدَى يَقْظَةٌ كَالنَّارِ فِي كَبِدِي
سَبْعُوْنَ تَأْكُلُ مِنْ لَحْمِي تَعُبُّ دَمِي
كَأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ شَيْئاً وَلَمْ أَجُدِ
مَا بَالُهَا جَهْرَةً تَقْسُو؟ وَكَيْفَ بَدَتْ
كَالآلِ مَنْ جَاءَهُ ظَمْآنَ لَمْ يَجِدِ؟
عَيْشٌ بِأَحْضَانِ مَوْتٍ مَا بِهِ رَغَدٌ
فَلا يَغُرَّنْكَ مَا فِي العَيْشِ مِنْ رَغَدِ
كَشَمْعَةٍ هَذِهِ الدُّنْيَا مَتَى احْتَرَقَتْ
ذَابَتْ وَلِلمَوْتِ عَيْنُ السَّاكِنِ الرَّصِدِ
كَأَنَّ عُمْرِي عَلَى كَفَّيْهِ ثَانِيَةٌ
يَلُوْحُ فِي جَفْنِهَا الـمَكْدُوْدِ حَظُّ رَدِي
بِالأَمْسِ رُوْحٌ شَكَا مِنْ عَزْمِهَا جَسَدٌ
وَاليَوْمَ رُوْحٌ شَكَتْ مِنْ وَاهِنِ الـجَسَدِ
أَدْمَى خُطَاهَا صَرِيْرُ القَيْدِ فَانْطَلَقَتْ
تُزْجِي الـخُطَى صُعُداً لِلوَاحِدِ الأَحَدِ
يَقِيْنُهَا ثَابِتٌ أَنْ لا إِلَهَ سِوَى
مَنْ أَوْجَدَ الكَوْنَ لَمْ يُوْلَدْ وَلَمْ يَلِدِ
وَمَا لَهَا مِنْ عَزَاءٍ غَيْرُ رَحْمَتِهِ
فَشَوْقُ رَاوٍ لِسُقْيَاهَا كَشَوْقِ صَدِي
وَمَنْ بَكَى اليَوْمَ يُبْكَى فِي غَدٍ وَلَنَا
وَعْدٌ مِنَ اللهِ وَالعُقْبَى لِمُجْتَهِدِ
* لا تنسوا الدعاء له بالرحمة في هذا الشهر الكريم, وكل عام وأنتم بخير.