استاذي الفاضل الدكتور سمير العمري ....لم اجد نفسي إلا بانسجام تام مع هذا النص الثري الرائع المؤثر في نفس القارئ بشدة....اسمحلي بتقديم هذه القراءة المتواضعة لنص باذخ بكل عناصر النثر الأدبية والذي طاب لي البقاء امامه كثيرا لاستشف من روح النص الجمال والمشاعر الخلابة التي اكتنفت النص من مقدمته الى نهايته... انثر هذا التحليل هنا لفشلي في تسجيله في قاعة القراءات النقدية لا ادري لم!!!!!!!!!!
ارجو ان يحوز رضاك والجميع..
النص:
كَمْ هُوَ عَجِيبٌ حَالُ الـمُحِبِّينَ! لا يَزَالُونَ فِي وِفَاقٍ وَتَـمَامِ اتَّفَاقٍ عَلَى كُلِّ مَا يَكُونُ مِنْ أُمُورٍ الـجَلائِلِ مِنْهَا وَالدِّقَاقِ. يَسْتَهِمُونَ فِي ذَاتِ الرَّوْحِ ، وَيَسْهمُونً فِي ذَاتِ الدَّوْحِ ، وَيَسْتَلْهمُونَ مِنْ ذَاتِ البَّوْحِ ، حَتَّى إِذَا بِلَغَ نَصِيبُ الـحَدِيثِ نِصَابَ الشِّغَافِ وَوَجَبَتْ عَلَى الـمَشَاعِرِ زَكَاةُ اعْتِرَافٍ ارْتَدَّ عَنْ شَرْعِ ائْتِلافِهِمَا عَرْشُ اخْتِلافِهِمَا ، وَنَكَصَ الرِّضَا عَلَى عَقِبَيهِ يَتْبَعُ خَطْوَ كُلَّ ذِي عِوَجٍ مِنْ عَيْنٍ وَقَافٍ ؛ كُلٌّ يَزْعُمُ بِأَنَّهُ فِي رِيقِ العِشْقِ السُّلافُ وَفِي عَرِيقِ الشَّوْقِ اللُؤْلُؤُ وَالأَصْدَافُ.
وَلَئِنْ كَانَ فِي مِعْيَارِ العِشْقِ وَالشَّوْقِ بَعْضُ اخْتِلافٍ فَلَيسَ فِي اعْتِبَارِ الصِّدْقِ وَالذَّوْقِ ثَـمَّةَ مِنْ خِلافٍ ؛ ذَلِكَ أَنَّ كُلَّ مُـحِبٍّ يَرَى بِعَينِ قَلْبِهِ وَيَقْضِي بِحُكْمِ إِحْسَاسِهِ ، وَيَسْعَى أَبَدًا إِلَى تَـمَامِ العَطَاءِ وَإِكْرَامِ الصَّفَاءِ وَالتِزَامِ الوَفَاءِ. وَإِنَّ كُلَّ مُـحِبٍّ لأَحْرَصُ عَلَى حَبِيبِهِ فِي حُضُورٍ وَفِي سُرُورٍ وَفِي ظُهُورٍ خَلا المَشَاعِرِ ، فَهُوَ لا يَنْفَكُّ يُنَافِسُهُ فِيهَا مُنَافَسَةَ الشَّمْسِ لِلقَمَرِ أَيُّهُمَا فِي الحِسِّ أَسْبَقُ وَأَبْهَرُ ، وَمُنَافَسَةَ النَّرْجِسِ لِليَاسَمِينِ أَيُّهُمَا فِي النَّفْسِ أَعْبَقُ وَأَزْهَرُ.
القراءة والتحليل:
" شوقي أكثر " للدكتور سمير العمري هو نص أدبي نثري ،أثيري مختلف ضمن ما مر علي من نصوص قرأتها عن وصفٍ محسوسٍ لقلوب المحبين وشغفهم.
الكاتب هنا في بنية النص " شوق الأكثر" يخضع الشكل لمتطلبات المضمون، والمعنى. كما اراه قد قد وظف المحسنات البديعية، بفن ساحر في ثنايا النص كي يوقظ الفكرة التي يرمي اليها بمعنى دقيق ويكسبها القدرة على التأثير بذاتها على المتلقي دون أن ترتكز على الأسلوب بولوج عبقري بالولوج الى فن الرسائل الادبية وهو في حالة اطمئنان كاملة...عداك عن المفردات اللغوية التي جاءت بانسياب وجداني مؤثر..
إن نص " شوقي الأكثر" بقلم الدكتور سمير العمري كشف عن وجهات نظر متغيرة لديّ كمتلقي ، حيث بدأ بمقدمة استفهامية تنشط النص - تأثرت بها شخصيا- وكان من الصعب ان يوصف التأثر ، ما وضعني في حيز الحيرة من امري في البداية، حيث وفيما بعد بدأ تفاعل من نوع خاص يشدني الى ان اخلص الى نتيجة تخلص الى من توجه هذه الرسالة؟ لكن الحاصل أعطاني إشارات الى أن لغة النص وتراكيبها لا يمكن لها أن تضطلع بوظيفة الغزل الصريح الراقي فقط بل هدفَ فيما بعد أن يماهي اجزاء النص في قالب يحمل اكثر من رسالة الى المتلقي..رسالة عبقرية بمقدمة جاءت لملأ فجوات آتية أو لسد ثغرات من عملية سجل الرصيد النَّصي كي يتشكل الإطار العام للتواصل بين أجزاء النص والمتلقي وبه يستطيع القارئ أن يعيد بناء نظرته العميقة التي تجسد ما يرمي اليه الكاتب لانجاح فعل التواصل على الدرجة التي يؤسس فيها النص كعامل ارتباط في وعي المتلقي ، إن القراءة العميقة تعمل على تنشيط ذهن المتلقي والذي بدوره يتأثر فيعالج النص كما يراه من وجهة نظره لا ان يدعه ينفلت من السيطرة الداخلية عليه.. بالمختصر كانت المقدمة كما رأيت خلفية اعتمد عليها قصد الكاتب لبلورة موقفه.
وهاهو في الأجزاء التالية من النص يبدأ بحل الاحجية فقد أثبت ان معيار العشق والشوق في وجه العموم فيه اختلاف ولكنه ينفي الخلاف عن الصدق والذوق يعلله بأن لكل عاشق محب معيار خاص فكل من يعشق يبث عشقه حسب شفافية الاحساس في الوله وعشق المحبوب ايا كان...
الدكتور سمير العمري يحل لنا الاحجية بأن عشقه مختلف فهو عشق للأرض والبلاد عبر عنه من مكمنه في بلاد الغربة ، عشق الارض الذي هزه الشوق اليها كما يهز الشوق والحنين المحبين، لا بل هو شوق لا يضاهيه شوق ولا عشق فهو الشوق الأكثر ..... ( يفترض في المتلقي أن يكون موسوعة ليتمكن من فهم مكامن النص، حتى يستطيع ملء الفجوات التي تعتريه والتي اعترتني عند بداية النص. وأخالني – حسب رؤيتي الشخصية قد قاربت من التمكن بالقيام باستحضار واستجماع الرسالة التي يرمي اليها عاشق الارض الولهان بقيامي بعملية النفي والاثبات لما اقرأ).
من خلال نص الدكتور سمير العمري " شوقي أكثر" استشفيت حبه للطبيعة كما ابدع فيها الخالق حيث العذوبة والرقة، والهدوء والجمال، من غير تكلف أو تصنع أو استهجان أو تزييف فعشقه للطبيعة وخصوصا طبيعة ارضه اتت من منطلق إنساني بحت، يصل إلى درجة الاغراق في مخاطبة القارئ ووصفه لجماليات ارضه الطيبة.
ان خلفية الدكتور سمير العمري العلمية والأدبية وامتزاجه مع مجتمعه الام ومجتمعه الحالي، جعل منه شخصية محلقة ، حاضرة الخيال والبيان الى جانب ثقافته الابداعية في التعبير المتميز ، ولقد رأيت في اثناء تحليقي معه وصف ارض الغربة وظروفها القاسية ولكن بحذر، يبدو فيه جهاد النفس على تقبل الواقع وكأني به يقارن بين ضمة ذراعي الام وحنانها وبين ضمة أب حنون تبناه.
اخيرا وليس آخرا وحسب وقع نص الدكتور سمير العمري " شوقي الأكثر " على نفسي فإنه نص يلامس شغاف القلوب ويصف ببذخ جميل هيئة المحبين وانفعالاتهم بعيدا عن الجدية التي اتسمت بها أعماله والتي قمت بقراءة معظمها ، وبخاصة الاتجاهات القومية والفلسفية ، المسرحية والقصصية .. قصائده المذهلة... اقول إنه لم يكن لهذا النص نصيب منها إلا التميز في التعبير والتأثير ...نص شعت فيه العاطفة بشكل مكثف ، معين النص ظلت فيه أهداف الأدب وافرة ، يكتنفها الدفئ والتوق الى اللقاء في ارض المحبة ، ولاشك أن ذلك الاختلاف هو من تأثير اختلاف البيئة من جهة، ومن جهة اخرى مؤثرات شخصيته الشفيفة الأدبية من جهة أخرى..