المشاركة الأصلية كتبت بواسطة بشار البدوي العاني
كتب الله لها عمراً جديداً , بحوله وفضله , أخرجها أهل الخير من تحت الأنقاض بعد أن حفروا الركام , وعندما خرجت والناس تكبر , قام أحد الأشخاص بتصويرها , فقالت له بلهجتها الدمشقية اللطيفة : عمو لا تصورني , فأنا محجبة !
إنها فتاة (جوبر) الحي الدمشقي العريق , رمز من رموز بلدي الجريح , بنقائه وصفائه وعفته.
عماه قد نزع الركام حجابي
فاقصر جهازك لا تكن متصاب ِ
صور إذا أحببت حجم مصيبتي
وكثافة الأشلاء فوق الباب ِ
صور وجوم الناس أو قسماتهم
يغنيك رسم الذلّ عن إسهابي
بلدي الجريح مكبّل في عجزه
والياسمينة أجدبت كيباب ِ
تلك الربا نبذت قوافل زهرها
والورد أشبع تخمة اللبلاب
بتنا غثاء , لا تهاب سيولنا
خشب هوت من أردأ الأخشاب ِ
يا ساح (جوبر) كيف أضحى حيّينا
طللاً كئيباً مقفر الأعتاب ِ
أين المعابر و الكنيس* وقبة
حضنت فتىً من خيرة الأصحاب *
والأصمعيُّ *غدا رهين عصابة
فسلا حديث النحو والإعراب ِ
يا نهر تورا* أيبسوك بليلة
عجفاء حالكة كريش غراب ِ
نضبت قلوب القوم بل أحلامهم
وذوت بقهرٍ أمنيات شبابي
غدر القذائف يستبيح دمائنا
صمت القصور ونخوة الأعراب ِ
فمتى ستشرق في الأعالي شمسنا
وتعود رقراقاً كسيل رضاب ِ
نخر الحنين شغافنا من مدة ٍ
ما أجمل الإشراق بعد غياب ِ
صبراً جميلاً يا زمان وحسبنا
جلد الكرام بوقعة الأحزاب ِ
من لي بشهم كي أواري سوأتي
واقصر جهازك كي أعيد حجابي .
المعابر : جسور خشبية تنصب على ضفة النهر
تورا : فرع من فروع بردى يخترق حي جوبر
الكنيس : الكنيس اليهودي في جوبر , وكان رمزاً لتسامح المسلمين المتدينيين بهذا الحي.
الفتى : سيدنا حرملة بن الوليد , ابن خال النبي عليه الصلاة والسلام وأخو سيدنا خالد بن الوليد .
الأصمعي : عالم النحو والإعراب المشهور ومقامه في وسط جامع سمي باسمه.