الشاعرة هيام عبدالكريم الأحمد لـ « أدب وثقافة»:
الشعر إحساس وشعور مفرط بنبض الأشياء وجمالها
أجرى الحوار: محمد الحكيمي
الخميس 04 يوليو-تموز 2013
> من أيّ مدن الشعر الضوئية جئتِ؟
ـ يا ألله! كم منحتني من القوة بعد ضعف، من الأمل بعد يأس!
إن كان لي ضوء فمنبعه أنتم، آمنت بالعذاب دنيا للشعراء إن جازت تسميتي شاعرة.
> و متى يمكن أن تكوني شاعرة؟
ـ عندما أعرف بحور الشعر وأغوص فيها إلى أعمق عالم عندما أكتب دون كسور بأوزاني.
> وهل الشعر أوزان وبحور وكسور؟
ـ أنا حين أكتب لا أفكّر بالوزن حتى لو أحسست بالكسر ونويت التغييرلا أحسّه جاء كما أحب وأرغب.
كنت أكتب الخواطر والقصص القصيرة مرتاحة البال حتى جاء شاعر وقرأ فقال: أنت شاعرة اكتبي الشعر هذا شعر وفيه وزن فاكتبي الشعر.
وكتبت قصيدة أكثر من ثلاثين بيتاً دون كسر، ضحك وقال: أما قلت لكِ أنك شاعرة؟
ومن يومها تلاحقني (لعنة أو رحمة.....)الشعر!!
> والآن كيف تكتبين؟
- أكتب بإحساسي وأزن كالقدامى (بالمُدِّ والإردب والشنبل)كما توزع الأم حفنة سكاكر بين ولديها!
> لو قيل لك: ما الشعر يا هيام بتعريفك الخاص؟
ـ الشعر: إحساس وشعور مفرط بنبض الأشياء وجمالها حتّى وإن كانت جمادات ترى لها قلباً وروحاً تحسُّ بك وتحسُّ بها وتحاورك ولاتفشي لك سراً، تفضي للورق فتلقي بالهموم جانباً فترتاح ..كم مرة عاتبت بحراً أوحاورت نجماً أو سماءً، عشقت زهرة أو فراشة !! أفضيت لنسمة أو نفحة عطر
> ولو قيل لكِ: لماذا الشعر؟
ـ الشعر يوازي الشعور(فما نفع الأنام بلا شعورٍ * كمثلِ الوجهِ راحتْ مُقلتاه).
> من من الشواعر المجيدات في العمود في نظرك؟
- قراءاتي قليلة ولست قادرة على تقييم أمر لا أفقه فيه شيئاً.
ولكن أحسُّ الشاعرة السورية قمر صبري الجاسم مليئة بنبض الحياة مفعمة برهافة الحس.
> ما قصة الذئب ؟(عنوان ديوانها المنشور « ذئب العيون»؟
ـ أحسست بجمال عينين غاليتين جداً على قلبي وبرغبة شديدة للغرق في دنياهما ولكني لا أجرؤ ,شعرتُ كأن في عيني ذئب جائع للتحليق في عالمها وله الحق ذئب طبعه الافتراس فكيف يُلام؟
ما فعل الذئب شيئاً رغم تشجيعي له أصبح حملاً وديعاً ولم يجرؤ حتى على النظر بتلك العينين !! (وللمبالغة من فرط حب لشخص ولشدة جاذبيته نقول مبالغين : كنت رح آكلو أكل) أنا مسالمة جداً و لا أحب القسوة ولا الذئاب المفترسة.
> هل تمنيت لو أنك كنت شاعراً و ليس شاعرة يوماً؟
- أحبّ وضعي كأنثى جداً وأحسُّ بداخلي نهراً من العواطف أعتز بأنوثتي بأمومتي وبحبي وتقديسي للرجل حيث أوصاني الله.
>.. وماذا بعد؟
ـ أحّسك كالأمن السوري . انتزعتَ مني اعترافات لم ينتزعها أحد قبلك.
>.. أي أفق يمكن ان يتسع للشاعر دون الشعر و يحتويه بنفس القدر من البلسم و المتعة؟
ـ لا أعتقد ببلسم بمثل فاعلية ومتعة الشعر على قلب الشاعر ، إنه الأنيس والجليس وسلوة الهم وكشف الغم وراحة النفس وانشراح الصدر ، إنه الجناح لمن أحبّ متعة التحليق.
>.. الأدب مأساة أو لا يكون.. هل تؤمنين بهذه المقولة؟
ـ لا أومن بأنّ الأدب مأساة ،على العكس ، إنه الإحساس العميق بالجمال وبالقيم الروحية ووضعها في قالب من الجمال ليتناولها المتلقي هنيئة مريئة فكم هو رائع أن يقال لك: كأنك تتحدث بما نشعر وتصف ما نُحِس !
>.. وهل الشعر بالحزن اكثر توهجاً؟
ـ أعتقد ذلك ، ولو أنني أتجنّب الحزن في قصائدي لئلا أتسبَّب به للآخرين ، قصيدة رثاء للمرحومة والدتي جعلتها بطريقة الغزل ، وتغنَّيتُ وتغزّلْتُ بثياب شهيد ، فكانت أحلى ، جميل أن يحوّل الشاعر الحزن فرحاً ما وجد إلى ذلك سبيلاً.
>.. ما هو الشاعر الكبير؟
ـ الشاعر الكبير لا يكتب فقط للنخبة ! من يضع الكلام العادي في قوالب جميلة يستسيغها الجميع ويقدمون عليها برغبة ،أما التصعيب واللعب بالمفردات والتمادي في الإغراب في التشابيه ، ليجد القارئ نفسه في دوامة الأحجيات ويلهث راكضاً وراء المقصود حتى يجد العناء في القراءة فيحجم عنها و يشعر بضحالة ثقافته فينصرف عن الشعر إلى غير رجعة ( السهل الممتنع هو ما أحب من الشعر ) وأقيم الشاعر الكبير من يكتب بهذه الطريقة فالقاعدة الشعبية الكبيرة هي الحكم.
>.. هل لك في الغزل و التهادي؟
ـ نعم أكثر موضوع كتبت به الغزل وإن كان لي موضوع مختلف أوارب لأحيله غزلاً بطريقة ما!
>.. كيف تعشق الشاعرة ؟
ـ لا أدري ! غير أن المرأة مفطورة على الحب وأحسُّ قلبها قصر بآلاف الحجرات تحب أولادها، بيتها الناس ،الطبيعة الشعر ،الغناء وكل ما يرتبط بالفن والجمال وفي قلبها حجرات للحزن والأسى تتلذذ في معرفته وعلاجه وتمنحه من حبها الوقت والاهتمام بمثل ما يحظى منها الفرح.
>.. ومتى تموت الشاعرة ؟
ـ الشاعرة لا تموت، تبقى حيّة في قلوب محبيها، وبقدر ساحة الحب التي تزرعها في قلوب الناس سيكون لها النصيب الأوفى من البقاء في ضمائرهم وإن غيّب الموت الجسد.
أنا شخصياً أموت لو منع عني الحب.
>.. هل تكتبين الشعر غير العمودي؟
ـ لا.
>.. لماذا تتجه الشاعرة العربية إلى الحديث أكثر من العمودي في كتابتها؟
ـ أعتقد أن الأمر نسبي .. الكثيرات يفضلن شعر التفعيلة أو النثر على الالتزام بالشعر العمودي وأوزانه.
>.. لماذا؟
- الوزن فيه صعوبة ، ويحتاج خبرة ، والشعر الحر يمنح متسعاً من الحرية في التعبير والاسترسال في وصف الحالة ، أعتقد هذا هوالسبب ، يشعرون أن أوزان الشعر قيود لا يرغبون بها.
>.. لكن نظرتك تختلف تماماً؟
ـ يا محمد أنا أحب الشعر العمودي جداً (فنحن نعبد الله حتى من غير أن نراه) أحب العمودي ولو أني جاهلة ببحوره.
>.. هل تستوي الكتابة الإبداعية بدون نقد؟
ـ لا، فالنقد ضروري، والنقد البنّاء يكسب العمل حلّة قشيبة ، إنه كعمل الفنان بوضع الرتوش الأخيرة على لوحته فتكتسب بريقاً ورونقاً وبهاءً.. ولكن بعض النقاد هدفهم كشف عيب الآخر ليتسلقوا على سلم هفواته إلى نجاحهم وبتبجُّح وفظاظة..مثال : لي قصيدة عشرون بيتاً وفيها كسر بسيط كتبت (لا أبغي) ولو قلت لم أبغِ ) لاستقام الوزن علّق أحدهم القصيدة لاتصلح مليئة بالكسور!!! فردَّ عليه شاعر نبيل ردّاَ اقتصَّ لي من تحامله وسوء تعامله.
ـ أنا أؤمن بمقولة (رحم الله أمرءاً أهدى إليّ عيوبي.). كما أؤمن بيبتي الشعر.
عُداتي لهم فضلٌ عليّ ومنّةٌ
فلاأذهبَ الرحمنُ عني الأعاديا
هم بصّروني بذلّتي فاجتنبتُها
وهم نافسوني فاكْتسبتُ المعاليا
>.. هناك ناقد يقول: لو قلت كذا أما كان أفضل؟
- وفي ملتقى رابطة الوحدة الثقافية نقَّادٌ أفذاذ لهم الله ما أجمل نقدهم وما أنفعهم بعيال الشعر!!
>.. أي واحة؟
ـ ملتقى رابطة الواحة الثقافية..على الشبكة الالكترونية.
>.. ما نصيب الرجل في شعر هيام الأحمد؟
ـ الحصة الأوفى والنصيب الأكبر.
لا تكون المرأة شاعرة بغير الرجل! هذا رأيي الشخصي.
>.. كل هذا الحظ؟
ـ للرجل عندي قدسية ومكانة مرموقة ، أحترمه جدااااً ولست متعصبة بهذا المجال ولكن لولا الفطرة الإلهية التي أودعها الله فينا وانجذاب الأول للآخر ما استقامت الحياة من زمن أبينا آدم وأمنا حواء..كل يحتاج الآخر ويتممه، فلا حياة بغير الجنسين من كل الكائنات.
>.. وأيهما أشعر من وجهة نظرك الرجل أم المرأة؟
ـ لا نستطيع أن نطلق حكماً عاماً .. بعض الشعراء أعشق شعرهم وهنالك شواعر شعرهن جميل..ولكن كأن حظوة الشعراء أكبر من الشواعر؟! مع أن المرأة دفق من الأحاسيس المرهفة.
السيرة الذاتية:
> هيام عبد الكريم الأحمد
> حمص / سوريا.
> العمر : 48 سنة.
جئت في شهر من فصل شبيه بحياتي (أيلول).
> المؤهلات: إجازة حقوق/جامعة دمشق.
> إجازة كلية تربية معلم صف /جامعة البعث.
ـ أعمل حاليّاً موجهة إدارية في المركز الوطني للمتميّزين.
> متزوجة : ولي من فضل الله ثمانية أولاد.. بنتان وستة شباب.
> أُكنّى : بأم وسيم.
> كتبت الخواطر ، والقصة القصيرة ، ثم الشعر.
ديواني الأول (ذئب العيون) اسم قصيدة في المجموعة والتسمية كانت اقتراحاً من الصديق محمد غازي التدمري.
أما عن القصيدة فهي من بداياتي والفكرة (عندما نحبّ طفلاً أو شخصاً ويستبد بنا الشوق نقول بالعامية : رح آكلو أكل بعيوني) أتخيّل في العيون ذئباً جائعاً للنظر بعيون من نحب والتي قد لانجرؤ على النظر فيها حبّاً أو حياءً أوخشيةً (منها أوعليها) ,, فنسلِّطُ هذا الذئب علّه يقوم بالمهة عنا ، فمن طبعه تمعّن وتحديق وتدقيق وتقدير للحظة المناسبة للقيام بما أوكلت الطبيعة له من مهام !! ولكنِّ هذا الذئب ما كان إلا حمَلاً وديعاً ولم يقم بمهمّته وانكفأنا بلاافتراس حتى نظرة !!
وتراجعتُ ، وكسبَ الذئب قصيدة ، واسماً لمجموعتي.
لا أحبّ الذئاب ، ولا مكرها ، ولا افتراسها ، وقد يكون هذا هو سبب فشل ذئب عيوني ، بأن يسرح ويجيل النظر في أغلى عينين ، تمهيداً لانقضاض أصغر مافيه ألف قبلة ، ومائة قصيدة.
المصدر : هنا وهنا