في قوله تعالى في سورة القصص الآية 20 :
" وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ "
نجد أن كلمة رجل قد نُكرت لتعطي إيحاءات ودلالات منها :
* أن الرجل كان مؤمنا يكتم إيمانه وكان قد حضر الاجتماع الذي قرر فيه فرعون وملؤه أن يفتكوا بموسى عليه السلام .
* أن الرجل قد اتخذ السرية والكتمان المطلقين ، كي لا يتبعه أحد .
* أن الرجل توجه إلى موسى عليه السلام من فوره ، ولم يتمهل .
* أنه شرع مباشرة في إلقاء النبأ العظيم إلى موسى عليه السلام ، ولم يعمد إلى مقدمات وتمهيدات تدخل الريبة في قلب النبي الكريم .
* أنه أعقب تبليغ النبأ بحرصه على النبي الكريم ؛ ( إني لك من الناصحين ) ، باستخدام أكثر من مؤكد .
* بينت الآيات بعد ذلك استجابة موسى المباشرة لنصيحة الرجل ، ولم تدخل في سرد الحوار التالي للإخبار ؛ ( فخرج منها خائفا يترقب ) ولتدل على أن موسى عليه السلام كان محتاطا محاذرا .
* وهذا كله كي تعلمنا الآيات في هذا الموضع ، ضرورة السرية والكتمان في الدعوة والتبليغ ، وضرورة عدم التواني في إبلاغ مكر الماكرين وتآمرهم ، ولتبث روح الشجاعة والإقدام في نفوس أصحاب الدعوات ، أن الله يتكفل بحفظ الدعوة وحمايتها ، فعلينا أن نأخذ بأسباب الحيطة والحذر ، مع ضرورة التمسك بالنصح .