الوشم
تذكر دائما أن الظروف القاسية التي تمر بك مهما كانت هي مرحلة مخاض فمع الم المخاض تولد الحياة و كما قيل ، لابد دون الشهد من إبر النحل ، هذا في أمور الحياة العادية أما العشق فليس كذلك ، فهو كالوشم تعذب قبله بدقه في قلبك و بعده بإزالته منه ولا بد أن يبقى أثر يشوه قلبك لأن المشاعر هي الحقيقة ، فلا جراحات تجميل .
لكن اعلم أن هذه الندبة ستكون وساماً إذا استفدت مما سببها ، وإذا استفدت من تجاربك السابقة و أعملت عقلك و عرفت حقيقة العشق ، فالعاشق لا يؤمن بغير رأيه وهو حين يسأل من حوله إنما يحاول أن يشعرهم بما هو فيه و ينتظر منهم أن يوافقوه أو يتركوه فقد عماه عشقه ليس فقط عن رؤية الحقيقة و لكن عن سماعها ممن يخاف عليه ، وقد يكون مقتنعاًَ بخطئه و لكن الداء تفشى في قلبه فلا يستطيع نزعه فهو كما قلنا مؤلم كنزع الوشم وكلما زاد حجم الوشم زادت آلام نزعه فيركن إلى تركه حتى و إن لم يعد يعجبه أو يستمتع به.
غير أن هذه الآلام هي مخاض قلبك و هي التي تنشئ قلبا جديدا قويا مجربا يعرف كيف يواجه الصعاب و كيف يُعمِلُ عقله ولا ينساق وراء كل ما يجذب انتباهه يفكر قبل كل شيء يفعله ، لم و كيف يفعله ؟
دع زمانك يريك مكانك فهو أعلم بمكانك منك ، مرت عليه القرون و هلكوا و ما هلك بل هو يعرف مكانك الذي تصلح فيه ، ابذل وسعك و ستجده يعينك ، لا تعانده ، و معاندته أن تؤمل شيئاً ليس بيدك و الأدهى أن يشترك معك في الأمل غيرك ، كالعشق ، فيصبح صعبا موافقته الزمن ، إن وافقته أنت خالفه حبيبك و إن وافقه حبيبك خالفته أنت ، يجب عليك حين تقدم على أمر و بخاصة له علاقة بالحب و الإحساس أن تكون واثقاً منه فهو ليس كالتجار’ تجازف بمالك لتربح ففقد المال ليس كجراح القلوب و كل شيء يمر و يُنسى إلا جراح القلوب فهي لا تشفى ، فعليك نفسك أكرمها تكرمك و احفظها تحفظك .