|
ما ثَمّ بارقةٌ في بؤبؤِ الدعَجِ |
وإنما صورةٌ للقاتلِ الهمجيْ |
أرخى فمًا فاغرًا من هولِ مطلعِه |
وصيحةً وئدت في غمرةِ الهرَجِ |
أظفارُه كازرقاقِ البحرِ داكنةٌ |
كأنما الدمُ فيها مقلةُ العِلِجِ |
وجسمُه الغضُّ كم أدموا براءتَه |
حتى تغضّن من شرطٍ ومن بعَجِ |
وفي مُحيّاه عتبٌ ما نظرتُ له |
إلا وغُصَّ بأمواجِ الشؤونِ شجي |
قولوا لوالدةٍ لم تسْلُ غيبتَه: |
هذا الفتى الآنَ أمسى خيرَ منعرِجِ |
كأنما الغُرْلُ غاروا من "حمامتِه" |
فاستأصلوها لتُطفيْ غيرةَ النعجِ |
يا خنجرَ الموتِ ما أفزعتَ نومتَه |
ما عدتَ تفجأُ مذبوحًا من الودَجِ |
يا ديدنَ الموتِ كم أتخمتَ مقبرةً |
أما اكتفيتَ من الأجسادِ والمهجِ؟ |
يا منجلَ الشر كم قطّعتَ سنبلةً |
وكم طعمتَ جنى من قبلِ منتضَجِ |
سماؤنا شفقٌ قانٍ وأدخنةٌ |
والأرضُ بحرُ دماءٍ صاخبُ اللججِ |
هذي الديارُ ركامًا فاح أتربةً |
وزهمةً للردى في كلِّ منعرَجِ |
توقف النبضُ في ساعاتها سنةً |
فما تميزُ نهارًا معتِمَ الدلجِ |
واستنزف القتلُ عينًا فوق مرتعَفٍ |
في شهوةٍ لدمٍ بالدمعِ ممتزجِ |
لو أنهم جدعوا أنفًا لما جزعت |
نفسٌ لعرنينِ أنفٍ غيرِ ذي عوجِ |
لكنهم طعنونا في محارمنا |
وأي حر لهذا غير منزعجِ؟ |
أبا عمارةَ،وحشيُّ وحربتُه |
لما يزالا بنفس الحقد والهوَجِ |
عبد على الغدر مجبول بفطرته |
هل خففت توبةٌ مِن طينِه اللزجِ؟ |
لكنَ حمزةَ لا تبكيه راقصةٌ |
ولا يحسُّ سكارى الليلِ بالحرجِ |
وفيمَ نبكي صبيًا غيرَ محتلمٍ؟ |
كأنما هم رجالٌ نطفةُ الخُدُجِ! |
لأنت أطهرُ أن نحظى بصحبتِه |
فدعْ لنا القاعَ واصعدْ عاليَ الأوَجِ |
دنياك ما فتئتْ بالرجسِ سابحةً |
فاربأْ بطهركِ عن مستنقعِ الخمجِ |
أسرجْ لروحِك معراجًا يليق بها |
فما لنا غيرُ ذلِّ العيشِ من سرَجِ |
واترك لنا رمقًا ياسْمينُه عبقٌ |
فربَّ غافٍ صحا من شمةِ الأرَجِ |
وجُز بنا نجمةً في كل حالكةٍ |
قد نهتدي خطوةً في لمعة الوهجِ |
دعنا نمسُّ إهابًا منك مقشعِرًا |
لعل صاعقُنا مسًّا من الثلجِ |
هذا صراطك فاسلك غير ملتفتٍ |
لمن تنكّب عن شرع ومنتهجِ |
فما يضرك من ضاعت محجته |
إذا اهتديتَ لحقٍّ واضحِ الحججِ |