وفاء لمن وفى ولم يهادنْ الشاعر الكبير عبدالرزاق عبدالواحد
وهو في مشفاه أسأل الله أن يشفيه ويعيده سالماً لأهله وذويه
سلاماً عبدالرزاق
محمد نصيف
سـلامــاً أيّهـا الـرجــلُ الـعــلـيـلُ
أأثـقـلَ رحـلكَ السفرُ الطويلُ ؟
فـما تعـبـتْ خـطـاكَ وما تـوانـتْ
ومـثـلـُكَ حـمـلـهُ أبـداً ثـقـيـلُ
فكم بالشعـر قـد أسـرجـتَ خـيـلاً
لها في كـلّ معـتـركٍ صهـيـلُ
وصوتـُكَ شاهـرٌ فـيها سـيـوفــاً
بأسماع الخصوم لها صلـيـلُ
تـصارعُـكَ الهــمــومُ بـلا فـتـور ٍ
ويهـزمُها بكَ الصبرُ الجميـلُ
تـَنـازعُــكَ الـمتاعـبُ كـلَّ حـيـن ٍ
وحـبُّـكَ لـلعـراق بهـا كـفـيـلُ
يُقالُ العــشـقُ يـقـتـلُ مَـنْ تفانى
وأنتَ اليومَ مِنْ عشق ٍ قتيـلُ
وأصعـبُ ما على العـشاق شوقٌ
يُميتُ وما لمعـشـوق ٍ سبيـلُ
جـريـحٌ بـالـعــراق وأنــتَ فــيـهِ
فكم جرحاً أضافَ لك الرحيلُ ؟
وهـا أنـتَ الـطـعـيـنُ بـلا شـفـاءٍ
وفيكَ مِنَ المواجـع ما يَهـولُ
لـقـدْ أضـنــتـكَ أهــوالٌ تــوالــتْ
على أهـلـيـكَ من حمم تَهـيـلُ
فــمـا حــالُ الـعــراقـــيـــيـــنَ إلا
حــيــاةٌ مُـــرّةٌ ودمٌ طــلــيـــلُ
هي الأحـزانُ لمْ تـرحـمْـكَ يـومـاً
وقـلـبُـكَ كادَ يحـرقـُهُ الغـلـيـلُ
فـلو سَكَـبَـتْ دماً عـيـنـاكَ حـزنـاً
فـلا أحـدٌ يـلـومُـكَ يا أصــيــلُ
نـعــمْ إنّ الـعــراقَ دمـاً نــفــيــهِ
فـما لـبهاهُ في الدنـيـا مـثـيـلُ
منحـتَ هوى العـراق بغـيـر حـدٍّ
ومنهُ كانَ يُـرضـيـكَ الـقـلـيـلُ
تهـدهــدُ جـرحَـهُ وهـو احـتـراقٌ
فأنتَ لجـرحـهِ الظـلُّ الظـلـيـلُ
وفـيتَ فـصغـتَ بالإخلاص دربـاً
لأنـتَ بـهِ الـمـنـارة والـدلـيـلُ
ركبتَ الـدربَ والأخـطـارُ حـشـدٌ
وما فيهِ سوى البلوى خلـيـلُ
عضضتَ على الجراح ولم تهادنْ
وما أغـراكَ عَنْ وطن ٍ بديـلُ
رأيـتُ بـكَ العـراقَ فحـيـنَ يَـدمى
فـمـنـكَ دمـاؤهُ كانتْ تـسـيـلُ
وأنـّكَ مِنْ خـلاصـةِ مَـنْ تـفـانـوا
رعـيـلاً صانَ رايـتـَهُ رعـيـلُ
سـمـوتَ إلى العـلى حتى لصارتْ
تجـلُّ سموّ هامـتِـكَ الـنخـيـلُ
ملايـيـنُ الـقـلـوبِ على اشتـيـاق
إليكَ بكل ما اسطاعتْ تـمـيـلُ
وتـرجـو وَهْـيَ مخـلصة ٌ رجـاءً
ليحفظ عمرَكَ الـربُّ الجـلـيـلُ
فحـزتَ مِنَ الـدنا نـبـلَ السجـايـا
فعـشْ يا أيّها الرجـلُ النـبـيـلُ
ستحـيا في قـلـوبِ الناس فـخـراً
يفيكَ الحبَّ بعـدَ الجـيـل جـيـلُ