قصة..
****** ** صبحٌ لم يطلّ!*******
كعادتها تفتح الصباح بملاعق القهوة، وترتب الوقت على نغم فيروز،لا تعير للضجيج الخارجي بالاً،ولا تصغي لبائعي الأرصفة
توزع على عالمها بسماتها وبعضا ومن خيالاتها،ترسم الصورة كما تعشقها،تربت على رأس زهرات شرفتها برشرشات ماء،ودفقات عطر وحب
هكذا تبتلع أقراص الروتين اليومي ،بنكهة باذخة تحصي خطواتها كمدير حسابات يخشى الخطأ القاتل
فالحياة لمن مثلها تبدأ برقم وتنتهي برقم،لا تحتمل مهاترات التغيير وكسر الروتين،لكنها عشقت تزيين روتينها، لولا ذاك الدخيل الذي أرهق مسمعها،بموسيقى الجاز التي تجتاح نوافذها،ممزقة لستائر هدوئها الفيروزي .
لهذا قررت اللجوء لأحضان شرفتها النائية فهي لن تخشى النظرات المختلسة من المنزل المقابل لها، فقد رحل أهله منذ نعومة أظافرها،فلن تعول على وشاحها،ولن تلقي بالاً للهواء الذي أخبرها بأن نوافذها مشرعة،جميل هو الاستلقاء على مقعد فاره، واحتساء القهوة بسيقان ممددة بكل عفوية،كم كانت شاكرة لتلك الموسيقى المزعجة التي حملتها للعودة لهذا الركن المهجور من منزلها، المكان هناك لا يقاوم
رائحة العشب،صوت غناء الشجر،وشدو العصافير.... كلها اجتمعت ليكتمل الجمال وما كانت هي سوى الشمس التي زينت اللوحة،بخضرة عينيها الحالمتين،وباكتناز شفتيها،مع نضارة بشرتها،كل ما حولها أثبت انها حورية تنهل من الكوثر
كل هذا دفع مختلس النظرات المجاور بأن يهجر موسيقاه ويتبعها،يراقبها كـــ من يتحرى من كينونتها،يسأل نفسه بين الفنية والأخرى،أ حقا هي من البشر،أم ملاك هل وقت السحر،وغفل عنه الفجر،فبقيت لتؤنس وحدتي بهذا المكان الموحش
كلما اقترب يقينه بأنها بشرية كـــ هو اقترب جنون الهوى من سرقة فؤاده،فـــ قرر الظهور أمامها عله يحظى بابتسامة الصباح،أو يجني الجوري من وجنتيها إن احمرت خجلا من رؤياه،تكررت الصباحات وكرر هو فعلته
موسيقى جاز
وأميرة هاربة
وشرفة نائية
لكن الجوري لم يزهر يوماً على ضفاف الوجنتين،والعشق نار تأكل فؤاد الغريب المختلس النظرات
لا لوم على جنون عاشق أرهقه الانتظار
لا لوم على من تجرع الصمت وهو في أوج الكلام
لهذا قرر قرع بابها حتى إن طاله ملام،هرول من دهاليز انتظاره الصامت،وبدأ بقرع الجرس والورد بين يديه ينتظر أن يقبل كفيها،ويعانق وجنتيها
انتشلها صوت الجرس من أحضان فكرها،ذهبت تتحسس طريقها نحو بابها،والحيرة تلتهم أناملها،كلما أدركت المقبض تساءلت... تراه من الطارق ؟؟
جميع الجيران يعلمون أنني أكون وحدي بمثل هذا الوقت،وأنا بالكاد أخدم نفسي .. .
أسرعت بالسؤال... من بالباب ؟؟
أجابها : جار جديد أتيت للتحية
رسمت بسمة باهتة وفتحت بابها،استقبلته باعتذار صارخ......
فاحتضن كفه المدودة،وباقة الزهر الباكية
وعاد من حيث أتى.. لموطن الجاز،وترك حقائب قلبه معلقة قرب عينيها وكتب لغة برايل....
انجي يوسف